صالح سليم في الدوري النمساوي
صالح سليم في الدوري النمساوي


«صالح سليم.. أبيض وأسود» "3".. المايسترو في تجربة أوروبية استثنائية

عمر البانوبي

الجمعة، 10 مايو 2019 - 08:08 م

بعد عودة المنتخب القومي من أديس أبابا خاسرًا بنتيجة 2-4 أمام منتخب إثيوبيا في بطولة إفريقيا وتحديدًا يناير 1962، تعرض اللاعبون لحملة شرسة مفادها أنهم لم يكونوا على قدر المسؤولية واستهتروا بأحلام الجماهير.

 

ونال صالح سليم، الجزء الأكبر من الانتقادات بوصفه رئيسًا للفريق (كابتن)، وكان يرى أنه لم يحقق أي شيء من كرة القدم في ظل حالته المادية التي كانت غير مستقرة بسبب تركه لعمله في هيئة القناة لتضارب مواعيد النوبتجيات مع موعد مران النادي الأهلي، وانتابته حالة زهد في كرة القدم وقاطع المران لفترة قبل أن يعيد حساباته بعد تسلمه خطابًا من النمساوي فريتز بيمبول، المدير الفني الأسبق للأهلي في الفترة من 1955 حتى 1962.

 

جاء خطاب فريتز يحمل طوق النجاة لصالح سليم من حالة الاكتئاب التي أصابته بسبب الظروف المحيطة بكرة القدم آنذاك، عندما عرض عليه المدرب النمساوي اللعب لنادي جراتز (جاك) في الدوري النمساوي الممتاز وهو قد تخطى الثلاثين من عمره لتصبح فرصة المايسترو لإثبات أنه مازال قادرًا على العطاء وصناعة الفارق رغم الهجوم الشرس.

 

وافق صالح سليم على خوض تجربة الاحتراف في جراتز مقابل 5 آلاف شلن أي ما يعادل 100 جنيه مصري بخلاف تحمل النادي النمساوي لتكاليف الإقامة والمأكل والمشرب في النمسا، وجاء هذا العرض في ظل تعاقد الأهلي مع كل لاعب مقابل 10 جنيه سنويًا.

 

عقد جراتز النمساوي مؤتمرًا صحفيًا في فندق «دانييل»، أعلن خلاله انضمام صالح سليم بعقد مدته 4 أشهر، وأبهر اللاعب المصري الأول الذي يخوض تجربة اللعب في الدوري النمساوي الصحفيين هناك بلباقته وإجادته التامة للإنجليزية والفرنسية والإيطالية.

وحينها كتب صالح في يوم 19/4/1963 :"كل شيء يسير على خير ما يرام، أنا أقيم الآن في فندق جراند أوتيل ميسلير، وهو من فنادق الدرجة الأولى، وأنزل في غرفة ملحق بها حمام صغير ودمها خفيف جدًا، ويقوم نادي (جاك) بدفع جميع التكاليف من مبيت وأكل وخلافه، وكذلك فقد منحني نفقات أخرى للنمسا علاوة على الـ 5000 شلن التي أتقاضاها شهريًا وكنت في الأيام الأولى لوجودي في النمسا كالطالب الذي يستعد لدخول امتحان مهم، يعرف الأسئلة ولا يعرف المدرسين، وكان يعرف أن الكثيرين ينتظرون في لهفة نتيجة هذا الامتحان، خاصة إداريي نادي (جاك) فقد سمعوا عني الكثير من فريتز ومن الصحف ومن بعض لاعبي النمسا الذين زاروا القاهرة في العام الماضي، وموقف النادي في دوري الدرجة الأولى لا يطمئن، ويحتل المؤخرة، ولا فخر، ومهدد بالهبوط.. وما كدت أصل وأجد نفسي محل حفاوة كبيرة ومعقد آمال إداريي النادي وجمهوره حتى شعرت بالمسئولية تتزايد وبأن عليّ أن أفعل الكثير لأرد للنادي بعض حقوقه، ولأحقق لفريقه آماله. داومت على المران المنتظم واشتركت في المباريات الودية التي رتبها النادي ليجرب لاعبيه في تشكيلهم الجديد وأنا معهم كمتوسط هجوم، ومع أن اللعب كان أسرع مما اعتدت عليه في القاهرة، إلا أنني تمكنت من أن أبدو في مستوى نال الإعجاب وجعلني أشعر بأنني يمكن أن أثبت لجمهور النمسا أن في سوق الكرة في جمهوريتنا مصر لاعبين ممتازين وأن عندنا كرة قدم."

 

لم يأخذ صالح سليم وقتًا للتأقلم وإظهار قدراته الفنية ففي أولى مشاركاته بقميص جراتز أمام فريق كلاجين فورت سجل 4 أهداف بمفرده «سوبر هاتريك» وانتهت المباراة بنتيجة 14/1 صنع منها أيضًا ستة أهداف منها 3 أهداف لزميله المهاجم اليوغوسلافي زيكوفتش.

 

وقال صالح عن تلك المباراة: "فوجئت بكل الطلبة المصريين والعرب الموجودين قد استأجروا أوتوبيسات وأتوا بالرق والطلبة يهتفون بنفس الطريقة المصرية «صالح صالح»، رفع ذلك من روحي المعنوية وجعلني أشعر بأن لي في الملعب ظهرًا أستند عليه وبالفعل استطعت أن أحرز 4 أهداف وأصنع 6 أخرى وفزنا بجدارة 14-1".

لعب صالح سليم 8 مباريات سجل خلالها 7 أهداف ولم يخسر فريقه سوى مباراة وحيده في وجوده وأنهى الدوري في المركز السادس بدلاً من مصارعة شبح الهبوط، واحتفل رئيس نادي جراتز بالمايسترو وأهداه قداحة ذهبية، ولكن صالح كان يفكر في الأهلي.

 

وعقب انتهاء الموسم سافر صالح سليم إلى إيطاليا لقضاء فترة علاج من تمزق في عضلة الساق اليسرى، وهناك طلبه نادي لاتسيو للمشاركة في فترة الإعداد خلال يونيو 1963، ولكنه رفض استجابة لنداء الأهلي بعدما تلقى خطابًا من السكرتير العام للنادي آنذاك أمين شعير يطالبه بإنقاذ مسيرة القلعة الحمراء الكروية في ظل تراجع النتائج بعد رحيله.

 

عرض الأهلي على صالح سليم العودة للعمل مساعدًا للمدرب اليوغوسلافي المخضرم ليوبيسا بروشتش والذي تولى تدريب الأهلي ومنتخب مصر وبرشلونة الإسباني ويوفنتوس الإيطالي وأيندهوفين الهولندي، كما عاد لرئاسة الفريق أيضًا رافضًا الاستمرار في أوروبا لتلبية نداء بيته الأول النادي الأهلي.

 

كتاب «صالح سليم.. أبيض وأسود» صدر يوم 19 مايو من العام 1996، برقم إيداع 5385-1996 في دار الكتب، وهو الكتاب الذي كان من المفترض أن يتناول مذكرات المايسترو على لسانه، لكنه فاجئ الكاتب الراحل سلامة مجاهد برفضه الحديث عن نفسه سوى لإيضاح موقف أو نفي شائعات من التي أحاطت به في فترات سابقة.

 

قيمة الكتاب الذي نتناول مقتطفات منه في حلقات مُقبلة تكمن في كونه الوحيد الذي صدر في حياة صالح سليم، فلم يكن يحمل سوى معلومات موثقة ومواقف تاريخية سطرها المايسترو الأهلاوي في أنصع صفحات كتاب تاريخ الرياضة المصرية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة