مدير المؤشر العالمي للفتوى طارق أبو هشيمة
مدير المؤشر العالمي للفتوى طارق أبو هشيمة


حوار| مدير المؤشر العالمي للفتوى: نراجع فتاوى 50 دولة ونرصد 10 تنظيمات متطرفة

ضياء أبوالصفا

الأربعاء، 15 مايو 2019 - 06:55 ص

- عملنا بحثى فكرى.. ونحتاج لزيادة اللغات التى تترجم إليها إصداراتنا

- الإرهابيون باعوا المخدرات والآثار وتاجروا بالأعضاء.. ويحللون ويحرمون حسب الغرض

 

تعد الفتوى إحدى أهم آليات ومنتجات الخطاب الدينى، لما تؤديه من دور مهم فى صناعة وتحريك الكثير من الأحداث فى كافة أرجاء العالم، وقد كان إطلاق المؤشر العالمى للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية، إحدى المبادرات المهمة ليرصد ويحلل فتاوى أكثر من 50 دولة عربية وأجنبية، فضلاً عن رصد فتاوى التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، مثل (الإخوان وداعش وجبهة النصرة وأنصار بيت المقدس والقاعدة وحزب التحرير وغيرها) وذلك بهدف الوقوف على الداء العضال الذى أصاب الكثير من الفتاوى، ولا سيما فتاوى التنظيمات والجماعات المتطرفة التى يطوّعها قاداتهم لتنفيذ أجنداتهم وأهدافهم المسمومة..

 

وانطلاقًا مما سبق كان لزامًا علينا أن نحاور طارق أبو هشيمة مدير المؤشر العالمى للفتوى ورئيس وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء، لإلقاء الضوء على عمل المؤشر وهل تحقق أهدافه بعد تدشينه بستة أشهر، والرد على ما يدّعيه البعض من أن هدف المؤشر سياسى بامتياز وليس من أجل تقويم العملية الإفتائية.. وإلى نص الحوار:

 

< تطويع الفتوى حسب الحاجة لا حسب الشرع من الأمور الملاحظة على فتاوى التنظيمات المتطرفة.. كيف ترون ذلك؟
- لا شك أن التنظيمات الإرهابية تعمل على تطويع الفتاوى لخدمة أغراضها وأيديولوجيتها، فهم يُحلّون الحرام ويحرّمون الحلال خدمة لأهدافهم وليس للدين، ويتغير الموقف من التحليل للتحريم والعكس حسب الغرض والحاجة؛ فمثلاً هم يطوّعون الفتاوى للسيطرة على المرأة، فعندما يحتاجونها للقتال يحولونها إلى قنبلة متحركة تنفجر فى وجه من يريدون ووقتها تكون مشاركة المرأة فى القتال واجبة، وعندما يحتاجونها للفراش يحرّمون خروجها من المنزل.


 وكذلك الأمر بالنسبة للأطفال، فعندما يحتاجونهم لحمل السلاح يُصدِرون الفتاوى التى تدعو لكفالة أبناء المقاتلين، ثم بالتدريج يصدرون فتوى تبيح حملهم للسلاح، فالكفالة ليس مقصودًا بها غرضًا اجتماعيًّا أو إنسانيًّا بل كان هدفًا حربيًّا بامتياز لاستغلال الأطفال وهكذا.. كما رأينا أن التنظيمات التى كانت تُحّرم الآثار وتعتبرها أوثانًا باعتها عندما سيطرت على الأرض بهدف الدعم المادى والتحريم والتحليل كان بفتوى، والسؤال هنا: كيف لشخص يحرّم شيئًا ثم يتاجر فيه؟ أليست هذه ازدواجية ممقوتة.


وكذلك هم باعوا المخدرات وتاجروا فى الأعضاء البشرية لتمويل تنظيماتهم والحصول على الأموال، وقد لا حظنا فى المؤشر العالمى للفتوى أن 80% من الفتاوى عبارة عن استغلال سياسى لها لأهداف لا علاقة لها بالدين أو الشرع، لكنها أهداف لها علاقة بالحشد والتمويل وإدارة المعارك وتجنيد المقاتلين وتوظيف ذلك كله سياسيًّا لخدمة أيديولوجية التنظيم.


توظيف سياسي
< يرى البعض أن بعض مخرجات ونتائج المؤشر العالمى للفتوى توظف أحيانًا فى الاتجاه السياسي.. كيف تردون على ذلك؟
- إن عمل المؤشر هو عمل بحثى فكرى وتحليلى فقط، ولا شك أنه أداة شرعية تعمل على تحليل الفتوى وربطها بالسياق المحيط بها ومدى تأثيرها وتأثرها بالبيئة المحيطة بها؛ وذلك بهدف الوصول إلى خطاب إفتائى رصين غير موجَّه بغرض ما، ولا يستند إلا إلى أدوات العلم الحديث والتحليل الدقيق، ومن ثم رصد السلبيات والخروج بتوصيات وحلول وتقديمها لكل الجهات المختصة، وفى مقدمتها الجهات الدينية التى لديها من الأدوات والإمكانيات ما تزيل به اللبس وتعالج الخطأ سواء بإصدار فتاوى سريعة للتوضيح أو الرد على الادعاءات الخاطئة.


وعملنا فى المؤشر بدار الإفتاء لا يتوقف على رصد الفتاوى فقط، وإنما متابعة النتاج الفكرى للتنظيمات المتطرفة أيضًا فنحن نتابع 10 تنظيمات إرهابية ونعمل على 50 دولة بالعالم، فالمؤشر لا يقتصر عمله على مصر فقط؛ وإنما على مستوى العالم.


< مادام هذه هى صيرورة العمل فلماذا يرى البعض هذا البعد السياسى فى العمل كهدفٍ أساس؟
- لا شك أن أى عمل من شأنه دعم الدولة والوطن حتى ولو كان فكريًّا، والطبيعى أن يرى المغرضون أن أى عمل يخدم الوطن هو عمل موجه سياسيًّا وهذا دأبهم، هم لا يعملون للأوطان إنما يخدمون تنظيماتهم وجماعاتهم، وأى عمل وطنى هو عمل موجه من وجهة نظرهم، وهذا كلام غير صحيح، فنحن مؤسسة لها دورها الدعوى والإرشادى فى المجتمع، ومهمتنا بيان الخطأ وبيان هدى النبى (صلى الله عليه وسلم) وإبلاغ رسالته بأنها رحمة للعالمين، وذلك على عكس ما يقوم به الإرهابيون من تدمير وقتل وسفك للدماء استنادًا لفتاوى محرّفة وموجهة، ونحن نهدف لدفع الضرر عن الناس لأنه جزء من رسالتنا الشرعية والوطنية على حد سواء، نحن مؤسسة من مؤسسات الدولة هدفها الحفاظ على الإنسان والبنيان.


آليات ونتائج
< ما آليات العمل فى المؤشر؟ وهل هناك نتائج مباشرة للجهد المبذول؟
- لدينا مجموعة كبيرة من الباحثين فى مختلف التخصصات يعملون على الرصد والتحليل لمنتج الفتوى على مدار الساعة، وهو منتج تخطى العالمية وبات سلاحًا مؤثرًا فى كثير من الأحيان، فنحن لا نعمل على مستوى مصر فقط ولكن على المستوى العالمى، وقد رصدنا مثلاً فى عام 2018 حوالى 750 ألف فتوى، سواء كان تلك الفتاوى لمؤسسات رسمية أو غير رسمية، لأفراد أو تنظيمات، ومن مختلف المناطق والبيئات، ومن هذه الفتاوى نخرج بالنتائج على كافة المستويات الشرعية والاجتماعية والسياسية وغيرها، ومن ثم نقدّم التوصيات لعلاج السلبيات ودعم الإيجابيات فى الفتوى كمنتج حيوى. أما عن الشق المتعلق بالنتائج فقد رصدنا صدىً كبيرًا لإصدارات المؤشر لدى التنظيمات المتطرفة، فقد تابعنا مقالات وردودًا بعددٍ من اللغات للرد علينا، وهو أمر يسعدنا كثيرًا ويؤكد أهمية ما نفعله.


نحن فى النهاية نستدرج المتطرفين فكريًّا لملعبنا، كما نخاطب الناس العاديين المتعاطفين مع أفكار التنظيمات الإرهابية للحيلولة دون حملهم السلاح أو تأثرهم فكريًّا، ومن ثم نمنع حامل الفكر فى أن يدخل فى مرحلة حمل السلاح وممارسة العنف، وهو هدف عظيم نرجو أن يستمر، فأنت حين تمنع شخصًا أن يكون مقاتلًا لهو عمل كبير يوفّر على الدولة الدماء والمواجهة.أما على المستوى الدولى فقد طلبت العديد من السفارات إصدارات المؤشر لترجمتها وتستعين بها فى المواجهة الفكرية للتنظيمات المتشددة.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة