أقبح امرأة في العالم.. ملاك الرحمة «ماري أن بيفان» 
أقبح امرأة في العالم.. ملاك الرحمة «ماري أن بيفان» 


حكايات| أقبح امرأة في العالم.. ملاك الرحمة «ماري أن بيفان» 

منةالله يوسف

الثلاثاء، 28 مايو 2019 - 04:52 م

تجلس منزوية بمفردها في إحدى أركان غرفتها، تترك العنان لخيالها، وتغرق في بحر ذكرياتها، وتدفن رأسها الكبير بين كفيها الضخمين، لتتحسر على شبابها الذي تبدل في غفوة من الزمن.

 

ترتسم على شفتيها ابتسامة ساخرة من لعبة القدر، كلما تذكرت حالها تنهمر شلالات الدموع من عينيها، وتلعن القدر الذي حرمها من جمالها وأناقتها، فيعتصر قلبها من الحزن والألم، ولكن لا مفر لها سوى الاستسلام للأمر الواقع.

فمنذ أن كانت في العشرينيات من عمرها كانت تتمتع بقدر عالِ من الجمال والرقة والأنوثة مما جعل الشباب يتسابقون ويطرقون باباها أملين أن ينول أحدهم رضاها ويفوز بقلبها. 

 

ملاك الرحمة 

 

بعد انتهاء ورديتها في المستشفى التي كانت تعمل بها كممرضة وأثناء عودتها إلى المنزل كان يملأها الفخر؛ لأنها أنقذت ذلك العجوز المسن وطيبت جراح تلك الشابة، وساعدت ذاك الطفل الصغير في رسم البسمة على وجهه مرة أخرى فقد تمنت من الله أن يرزقها طفلًا مثله.

 

أفنت ملاك الرحمة الفتاة الجميلة «ماري آن بيفان» عمرها في العمل بالمستشفى، وأثناء عملها دق قلبها لأحد الشباب وتزوجت منه بعد قصة حب طويلة، وأثمر الزواج عن إنجاب 4 أطفال.

 

ليس من السهل أن تنقلب حياتك رأسًا على عقب ويلعب القدر دوره في أن تصبح شخصًا منبوذًا وغير مرغوب فيه، فعند بلوغ «ماري» الـ32 عامًا من عمرها بدأت تظهر عليها أعراض مرض «العملقة وتضخم الأطراف» تغيرت ملامحها تمامًا، وأصبح نموها غير طبيعي وتسبب ذلك في تشويه ملامح وجها، فقدت شعرها الطويل وعينيها الجميلتين أصبحت جاحظتين وكفيها الصغيران تحولا إلى ضخمان، فضلًا عن طولها الفارع، كل هذه التغيرات كانت تُسبب لها صداع مستمر وضعف حاد في البصر وآلام في المفاصل والعضلات، وزاد الطين بلة وفاة زوجها الذي تركها غارقة في بحر الديون وطردها من العمل بسبب مرضها.

 

أقبح امرأة في العالم

 

توقفت عقارب ساعتها، وأدركت أن الغرق في مستنقع الأزمات على وشك ابتلاعها، وأخذت تلعب بها الأقدار، تحاملت ماري على نفسها، حتى تراعي أبناءها وتبحث عن العمل ومع إحباطها ويأسها واحتياجها المادي، قرأت عن مسابقة كانت تظن أنها طوق النجاة بالنسبة لها وأن الفوز بها سيُغير مجرى حياتها وكفيلًا أن يُسدد جميع ديونها، فاشتركت في مسابقة «أقبح امرأة في العالم»، وربحت الجائزة المُهينة وكانت قيمتها 50 دولارًا فقط. 

 

بدأ اسم «بيفان» يلمع في أضواء الشهرة خصوصًا بعدما فازت بالمسابقة وعُرض عليها العمل بالسيرك وكانت مهمتها الأساسية تتلخص في إضحاك الناس حتى لو كان على حساب كرامتها.

 

تهافتت عليها العروض ليشاهدون أبشع امرأة في العالم ويضحكون عليها، كانت تتألم من الداخل وجسدها ملئ بالجروح والالتهابات الحادة، وكانت شرط العمل في السيرك هو أن تمشي على قدميها مسافات بعيدة ليراها الناس ويأتون للسيرك بالرغم من مرضها كانت تصمُت من أجل أبنائها. 

ما أسوء أن يعاملوك الأخرين كأنك دابة أو حيوان بلا مشاعر وأحاسيس واصلت «ماري» عملها في السيرك وتغلبت على السخرية والإهانات وتمكنت من تربية أبنائها، وقابلت كل العروض بنفس راضية، فكان الأطفال يقومون بإلقاء الحجارة عليها ويلقبونها بالوحش المُخيف ولكنها كانت تُردد جملة واحدة «أنا بحبكم زي ولادي»

 

رسالة وداع  

 

بالرغم من مرض ماري إلا إنها كانت تحرص دائما على إسعاد جمهورها بالحركات البهلوانية، ولا تبخل في أدائها الاستعراضي فأخذت تسقط وتقوم عدة مرات مما تسبب في إضحاك الجمهور وهتافهم والتصفيق الحار لها، وانتظر الجمهور أن تقوم ماري لتستكملفقراتها إلا إنها لم تقم فماتت ماري وأسدل الستار عن حياتها وسط دموع محبيها وبكائهم 

 


يقول أحد أبنائها بعد وفاتها: «لقد كانت أمي عندما تحضر الخبز لنا وكنا جياع، كانت تبكي طوال الليل، وكانت تقول أشعر إنني لا أستحق أن أكون أمًا صالحة، هل يجب أن أكون جميلة حتى يحترمونني».

 


لم تكن «ماري ان بيفان» امرأة جميلة ولكن روحها وإنسانيتها تغلبت على مظهرها وشكلها. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة