خالد ميري
خالد ميري


نبض السطور

خالد ميري يكتب من مكة المكرمة: قمم ليلة القدر

خالد ميري

الأربعاء، 29 مايو 2019 - 09:34 م

المكان هو مكة المكرمة، البقعة الأطهر فوق وجه الأرض، والزمان ليلتا ٢٦، ٢٧ رمضان.. العشر الأواخر من رمضان وليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر، والمناسبة انعقاد ٣ قمم معا لأول مرة.. قمة منظمة المؤتمر الإسلامي وقمة عربية طارئة وقمة خليجية استثنائية.

 

اختيار الزمان والمكان والمشاركة الواسعة للقادة العرب والمسلمين يؤكد نجاح التخطيط والتنفيذ، والثقة الكبيرة التي يحظي بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، كما يؤكد الإحساس العربي والإسلامي بخطورة ما يدور من الخليج العربي إلى فلسطين المحتلة إلي تصاعد خطابات الكراهية ضد الجاليات المسلمة في عدد كبير من الدول.

 

«الخميس» تشهد مكة المكرمة القمة العربية الطارئة بعد موافقة أكثر من ثلثي الدول العربية على انعقادها، كما تشهد القمة الخليجية الاستثنائية بعد أن صمتت قطر ولم تستطع المعارضة، و«الجمعة» تنعقد الدورة العادية الـ ١٤ لمنظمة المؤتمر الإسلامي تحت شعار (يدا بيد نحو المستقبل)، والتي سيصدر عنها بيان مكة بالإضافة إلى البيان الختامي.

 

انعقاد القمم الثلاث كان ضرورة ملحة مع تصاعد أصوات دقات طبول الحرب في الخليج، وهو ما يهدد أمن الأشقاء في السعودية والخليج بشكل مباشر وهو أمر لا ينفصل قطعا عن الأمن القومي المصري، وزعيم مصر الرئيس عبدالفتاح السيسي يؤكد في كل مناسبة أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وأنه عندما يتعلق الأمر بتهديد مصالح وأمن الأشقاء فهي مسافة السكة، فأمن مصر من أمن السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان.

 

وفي الخليج تتصاعد الأحداث بشكل كبير بعد تعرض إيران لسفن النفط الإماراتية، ومع قيام ذراعها الحوثي في اليمن بتصعيد أعماله الإجرامية والإرهابية ضد أهداف داخل السعودية، ومع تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز الشريان الاقتصادي الأهم في العالم، والزيادة اليومية الكبيرة للقوات الأمريكية في الخليج مع أحدث الأسلحة وأشدها فتكا. البعض يتوقع أن أمريكا لا تريد إلا الضغط علي إيران حتى تستسلم لتوقيع اتفاق نووي جديد وتضمن تقليم أظفارها تماما، وإيران رغم لهجة بعض قادة الحرس الثوري العدائية يبدو أنها تستجيب للضغوط الأمريكية، لكن لا أحد يمكنه أن يتوقع نهاية هذا السيناريو ولا الخطر الذي يمكن أن يترتب عليه.

 

ولهذا فلا بد من رسالة واضحة لا لَبْس فيها تخرج اليوم بأن الدول العربية ودوّل الخليج يد واحدة في وجه الخطر الإيراني، وأن علي إيران أن تتوقف تماما عن مد أذرعها خارج حدودها ودس أنفها في أمور دول الجوار، وأنه لا يمكن القبول باستمرار ذلك أو السكوت عليه، وهو أيضا ما سيصدر غدا عن منظمة المؤتمر الإسلامي لتصبح الرسالة واضحة ومسجلة وبعلم الوصول.

 

ومن إيران إلى القضية الفلسطينية التي كانت وستظل قضية العرب والمسلمين الأولى، القمم لن تناقش ما يسمى بصفقة القرن، فحتى الآن لا يوجد معلومة مؤكدة عن هذه الصفقة ولا عن بنودها. لكن القمم الثلاث ستؤكد بشكل واضح على التمسك بالشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، كما سيناقش القادة الموضوع الأهم وهو مواجهة الإرهاب والتطرف وما ترتب عليه مؤخرا من تنامي خطابات الكراهية ضد الجاليات المسلمة (الإسلاموفوبيا)، وضرورة تجديد الخطاب الديني ومواجهة كل ظواهر الإرهاب والتطرف.

 

القمم الثلاث مهمة وقضايا العرب والمسلمين ملحة وعاجلة وخطيرة، لكن المكان الأطهر في العالم - مكة المكرمة - يمنحك الإحساس بالسكينة واليقين، وأن العرب والمسلمين قادرون علي مواجهة التحديات والتغلب عليها أيا ما كانت.

 

>> من أمام الكعبة المشرفة ندعو الله أن يمنحنا جميعا الستر والصحة والعافية، وأن يوفق القادة لمواجهة تحديات هي الأخطر في تاريخ عالمنا العربي والإسلامي.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة