الداعية يمنى أبو النصر
الداعية يمنى أبو النصر


حوار| الواعظة يمنى أبو النصر: «سن زواج الفتيات» أبرز المشاكل.. والأوقاف دعمتنا وننتظر المزيد

إسراء كارم

الثلاثاء، 04 يونيو 2019 - 03:28 ص

على مدار 4 سنوات، بدأت الواعظات في إظهار دورهن على الساحة بشكل ملموس بخطوات ثابتة، مؤكدات أن المرأة لها دور بارز وضروري في التغلب على الإرهاب والقضاء على العنف وتأهيل النشء على التعامل مع المشكلات المختلفة.

وخلال شهر رمضان قدمن العديد من الموضوعات الثرية التي تحتاج إلى معرفتها كل أسرة مصرية، خصوصًا في ملتقى الفكر الإسلامي الذي أقامه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية برعاية وزارة الأوقاف في ساحة مسجد الحسين رضي الله عنه.

وربما لا يعرف الكثيرون ما الذي يمكن أن تعايشه «واعظة» في حياتها خلال التعامل مع المشكلات المختلفة في عالم الدعوة، رغم وجودها تحت مظلة وزارة الأوقاف، ومن هنا كان لنا حوار خاص مع الواعظة يمنى أبو النصر.

وإليكم نص الحوار..

-  العمل كداعية.. هل جاء بالصدفة أم بالتخطيط.. وكيف حدث؟
عملت في مجال الدعوة، وأنا في سن الثلاثين، حيث كنت أهتم قبل ذلك بحفظ القرآن الكريم وتفسيره وفهم معناه باعتبار التطبيق، وأكرمني الله فيما بعد وبدأت أتخصص في تعليم القرآن والتحقت بمعهد القراءات، وسبقه معهد الدعوة للتمكن من الحديث مع الناس.


-  ما أبرز التغييرات التي حدثت معك أثناء دخول مجال الدعوة؟
عملي في الدعوة وجهني إلى مجال مختلف تماما عن دراستي وهي التجارة، ولكن بعد العمل في الدعوة اكتشفت أن معظم مشاكل الناس تتمحور في «النفسية» وعلاقة الدين والتربية والحياة بالنفسية، فبدأت دراسة علم النفس وحصلت فيه على شهادات عليا وحصلت على دكتوراة في العلاج النفسي والإرشاد السلوكي من إحدى الجامعات الشهيرة في أمريكا، وهذا كان من أكثر الأمور الرائعة التي حدثت في حياتي وهي إن فهم الدين وإيصال صورته الحقيقية للناس يحتاج إلى فهم طبيعة الناس أولا.


- المرأة تتميز برقة قلبها.. فهل تجدي سهولة في الحزم في التعامل مع المشكلات أم هناك بعض المشكلات التي غلب عليها العواطف؟
مؤكد أن المرأة يغلب عليها الطابع العاطفي في الأحكام والقضاء ولكن دايما بفتكر سيدنا علي رضي الله عنه، عندما كان يجلس ومعه «الحسن» وجاء طفلان يسألان من خطه أفضل، فأسرع الحسن بالإجابة، فقال له سيدنا علي: يا حسن إنه حكم وإن الله سائلك عنه.
وأتذكر أيضًا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}، فلا نقل مجال العاطفة والعقل وإنما نحتكم لبنود واضحة.
 وما يفرق هو طريقة توصيل المعلومة للناس، فمن الممكن أن أخبر شخص بأن شيء ما خطأ ولا يجوز ولكن بطريقة تتميز بالرأفة، وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.


- ما أغرب المواقف التي تعرضتي لها؟
نحن نعطي الدروس في مصلى السيدات، ولكن أحيانًا الصوت يصل إلى مصلى الرجال، ففي مرة وجدت رجل متوسط العمر ينتظرني بعد سأل أحد العمال وأخبره أنني من كانت تعطي الدرس، وفوجئت به يسألني عن بعض الأمور التي كنت أتحدث عنها ويستشيرني في عدد من المواقف التي التبست عليه لتوضيحها،فدائمًا نرى أن الرجل لديه حالة استنكار في أن يسأل أو يأخذ برأي المرأة، ولكن هذا الموقف غير نظرتي تمامًا.
 
- ما هي أصعب المواقف التي واجهتيها خلال العمل كداعية؟


والدي ووالدتي توفاهما الله خلال شهر، وكان كلما جاءني أحدًا يردد «احتسبي يا حاجة والأجر عند الله»، وكنت متماسكة جدًا لكن رغمًا عني كان يظهر الحزن، فكانت بعض النساء تردد «هو احنا هنقول لحضرتك اللي بتقوليهولنا».


 وبالطبع كان هذا الموقف صعب جدًا بالنسبة لي، من ناحية التطبيق، فنحن نخبر الناس بأمور أحيانًا يكون من الصعب تنفيذها عند المرور بالتجربة، ونتساءل لماذا لا تنفذون ما عليكم فعله، وعندما نعيش الأمر ندرك أنه ليس بهذه السهولة، لذا علينا معذرة الناس الذين يأخذون الكلام عنا لأنها أمانة وضعها الله في أعناقنا.


ولهذا السبب قررت النزول في اليوم الثاني من الوفاة لإعطاء الدرس، لأخبرهم أنه أمر الله سبحانه وتعالى، وتجنبت الملابس الغامقة لأوضح لهم أن الشرع ليس فيه ارتداء الأسود، وبالطبع كان صعبًا جدًا ولكن كان ضروري لأنه لا يجوز أن أقل ما لا أفعل.

- المرأة تقدم العديد من الأدوار.. كواعظة ما هي الأدوار التي تقدمينها وكيف توازنين بينها؟


أنا أم وزوجة ومعالج نفسي وسلوكي وابنة وأستاذة في الجامعة وبدرس، وحديثًا لدي حفيدة، وللنجاح أعطي كل دور وقته، فوقت إعطاء الدروس في المسجد يكون تفكيري في الدرس فقط للتمكن من شرح الدرس دون أي تأثير خارجي ولإعطاء الدرس وقته وحقه، إن كنت في قاعة المحاضرة ألغي من تفكيري أي أمر آخر، أثناء تواجدي مع أهلي أحاول قدر إمكاني فصل أي دور آخر لإعطاء كل ذي حق حقه، فزوجي له حق في التبسم في وجهه واحتوائه وفصله عن أي مشكلة أخرى، حفيدتي لها حقها وكذلك كل دور.


طوال اليوم أستمع إلى مشاكل الناس وأتأثر بها، ولذا لابد من فصل مشاكل كل دائرة عن الأخرى، وكلما شعرت بالتقصير في ناحية أقم بوقفة مع نفسي لخلق حالة من التوازن من جديد والتعامل مع الأمور حسب الأولويات.


- ما الدعم الذي تقدمه لكِ وزارة الأوقاف؟ 

قبل وضع الوزارة الواعظات تحت مظلتها، وهذا ما تم حديثًا منذ حوالي 4 سنوات، كنا نعمل ولكن لم يكن أحد يعرف عنا ومن يسمع منا لا يفهم كيف نتحدث عن الدين وأحيانًا كان يتم عدم تصديقنا، ولكن إنجاز كبير جدًا عندما أولت الأوقاف دروس السيدات والواعظات رعاية خاصة، فالإمام كان يتحدث في الميكرفون ويمكن لأي شخص أن يرد عليه ويستمع إليه، وإنما مصلى السيدات كان بمعزل عن العالم كله، إنما الآن عندما يتم عمل اجتماع دوري وتدريبنا باستمرار كيف نتحدث وعن ماذا نتحدث ويتم وضع أطر معينة بالتأكيد فرق كثيرًا مع الواعظات.


وما الذي تنتظره الواعظات ولم يحدث حتى الآن؟ 


الحقيقة الواعظات «طماعات جدًا»، عندهم شغف للدعوة ومعظمنا نعمل بشكل تطوعي لسنا موظفات ولكن نطمع في المزيد من دعم  وتأييد الوزارة ونحتاج إلى خطط واضحة بالنسبة لنا لاستمرارية القصة ويكون غير مرتبط بأشخاص معينين بحيث لا يكون أمر يتغير مع تغير الأفراد.


- يتردد كثيرًا أن العمل بالوعظ «سبوبة» و«شغلانة اللي مالوش شغلانة» .. فما تعليقك؟


أن البعض يتكسب من العمل في الدعوة أمر لن ننكره، رغم أنني وغيري ممن أعرف نعمل بشكل تطوعي، لكن مؤكد أن هناك من يفتتح مشاريع ويتواجد بشكل مختلف للتكسب من وراء عمله بالدعوة، وما أقوله أن الأمر مرتبط بالنية فهناك من تكون نيته خالصة لوجه الله والتبليغ عن الله ورسوله، وهناك من يهدف إلى عمل علاقات والشهرة والربح.

- «شوفي البنات بيعملوا إيه عشان يتجوزوا وإعملي زيهم» جملة تتردد في كثيرا.. خصوصًا عندما تكون البنت فوق الـ27 سنة أو يأتي لخطبتها عريس ضعيف المستوى المادي.. فما قولك؟


المشاكل الاجتماعية التي نستمع إليها في الدروس تثير الدهشة، وربما من أبرزها ظاهرة تأخر سن الزواج للبنات، فنجد أم تبكي بالساعات وتتساءل ما الذي فعلته في دنيتها لأن بناتها لا يتقدم لهم عريس جيد، وأحيانًا يلومون الأم أنها قامت بتربيتهم جيدًا، وأن الفتيات سيئات الخلق هن من يتزوجن سريعًا، وتساؤلات حول فتن كثيرة.


ونتعامل مع هذه المشاكل تجريد الفكر من الخرافات، ونعرف الناس أن الله سبحانه وتعالى إذا قدر لأحدنا الرزق فلا يمكن لأحد أن يمنعه، ونشرح لهم الأسباب والنصيب وأن الله قسم الرزق بنسب.


ونواجه مشكلة أخرى من أم تؤكد ان ابنتها ترفض عريس جيد لا يوجد به غلطة، فترد الابنة «بس مبيصليش»،  فتعلق الأم بأن ربنا سيهديه وأن هذا حال جميع الشباب، ومع أم أخرى تتحدث عن عريس جيد ويصلي وعلى خلق «بس رزقه ضيق ومرتبه قليل»، فأجد الفتاة ترد «بكرة ربنا يرزقه»، وفي هذه الحالات أرد أليس الرزاق هو الهادي، فلماذا عندما نجد من لا يصلي نثق بأن الله سيهديه ولكن مع قليل المال لا نثق بأن الله سيعطيه؟!.


نحن نحتاج فقط إلى تثبيت الإيمان في قلوبنا، وأن ما كتبه الله هو ما سنراه وأن البركة لا تنحصر في المال فقط، فالاختيار الجيد هو أساس الزواج الناجح، ونطالب الأسر بعدم المغالاة فى المهور، والنبى الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير».

- الكثير من الآباء والأمهات يعتمدن على أسلوب التوبيخ وفرض في التربية.. فما هي سلبيات هذا الأسلوب وما أفضل الطرق للتربية السليمة واحتواء الأبناء؟


الأسرة هي اللبنة الأساسية، فعندما نركز على المرأة فلأنها هي من تربي الأبناء، فعندما بدأنا بالعمل على الأبناء في بداية الدعوة، قررنا ترك الوالدين كما هما لأنه ليس من السهل تغييرهما لأنهما كبرا وعاشا ظروف معينة، وكثفنا الجهود على الأولاد ولكن اكتشفنا أن التغيير يكون لحظي، فبدأنا بإعادة التوجيه من جديد بالاعتماد على الأهل لأننا اكتشفنا أن التعديل مع الأبناء يفشل لأن الأهل يحتاجون إلى التغيير.


 وأساليب التربية حتى في الوعظ الديني الأمهات التي تقوم بالضرب وتعنف على الصلاة والصوم وغيرها فهذا لا يحدث أي نتيجة إيجابية، فالمغيرات أصبحت كثيرة جدًا والمعاملة الطيبة هي الأفضل، فلا أتوقع أنه مازال هناك المدرس بفكره القديم الذي يعتقد أنه باستخدام الضرب سيؤثر في تقدم مستوى الطالب وإنما بالأساليب الحديثة والمناقشة والتشجيع، والطفل إذا رأى في أهله قدوة وأحبهم سيفعل من أجلهما أي شيء وإن لم يجد فيهما القدوة فما الذي سيدفعه إلى فعل أي شيء من أجلهما.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة