صورة موضوعية
صورة موضوعية


بعد أزمة رؤية هلال العيد| الإفتاء تجيب عن 9 أسئلة مهمة

إسراء كارم

الثلاثاء، 04 يونيو 2019 - 03:22 م

تعرضت دار الإفتاء المصرية، لحالة من الهجوم والسخرية عقب إعلانها الأربعاء أول أيام عيد الفطر المبارك، مخالفة بذلك رؤية الهلال في عدد من الدول العربية ومنهم المملكة العربية السعودية.

وأجابت دار الإفتاء، من خلال منشور طويل عبر الصفحة الرسمية على موقع «فيسبوك»، بالتفصيل عن أهم ٩ أسئلة متعلقة برؤية الهلال وتعلق العبادات بالتقويم القمري، للرد على المشككين.


وإليكم الأسئلة وإجابتها..

1- ما الحكمة الشرعية في اعتبار الشهر بالحساب القمري لا الشمسي؟

نص القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة على أن الشهر القمري هو الأصل الذي تبنى عليه العبادات والأحكام المرتبطة بالأشهر، قال تعالى: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} [البقرة: 189]، وقال عز وجل: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم} [التوبة: 36]، وقال صلى الله عليه واله وسلم في شأن هلال رمضان: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


والحكمة من ذلك أن الشهر بالتقويم القمري يمكن تحديد بدايته من خلال رؤية الهلال في بداية كل شهر قمري، بينما لا يمكن تحديد بداية للشهر في التقويم الشمسي، فالتقويم الشمسي لا يعتبر حسابا للأشهر بقدر ما هو حساب للفصول وتقسيم للأشهر على هذه الفصول؛ لأن قاعدته هي دوران الأرض حول الشمس، وهذا محدد للفصول؛ فلا يتغير شكل الشمس بزيادة ولا نقصان، ولا يعرف أولها ولا اخرها ولا تختلف رؤيتها، وكذلك أشهرها لا يعرف أولها ولا اخرها إلا خواص الحساب، وليس لها مواقيت غير الفصول الأربعة.


فالتقويم القمري أكثر دقة؛ لأنه يستعمل ظواهر فلكية واضحة أمام عموم الناس وخواصهم، والسنة القمرية واضحة البداية والنهاية، وهي اللحظة الأولى من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي الحجة، أما السنة الشمسية فهي غير محددة البداية في كل عام؛ حيث يبلغ طولها 365.24189814 يوما أو 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و45.2 ثانية، ولذلك علق الشرع الأحكام التعبدية على الأهلة؛ لظهور العدد المبني عليها، وسهولة ويسر اليقين فيها. ومن الحكم اللطيفة أن العبادات المؤقتة بشهر معين كالصوم والحج تدور في الفصول المختلفة، ولو لم تكن كذلك لصام الناس أبدا في الصيف مثلا.


2- كيف يعرف بداية الشهر العربي؟
تثبت بداية الشهر العربي برؤية الهلال، ويستطلع بغروب شمس يوم التاسع والعشرين من الشهر السابق، فإذا تمت رؤية الهلال فقد بدأ الشهر، وإذا لم تتم رؤيته فيجب إكمال الشهر السابق ثلاثين يوما؛ لقوله صلى الله عليه واله وسلم في خصوص شهر رمضان: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» متفق عليه. والاعتماد على الرؤية البصرية هو الأصل شرعا مع الاستئناس بالحساب الفلكي؛ إذ المختار للفتوى أن الحساب الفلكي ينفي ولا يثبت، فيؤخذ به في نفي إمكانية طلوع الهلال ولا عبرة بدعوى الرؤية على خلافه، ولا يعتمد عليه استقلالا في الإثبات؛ حيث يؤخذ في إثبات طلوع الهلال بالرؤية البصرية عندما لا يمنعه الحساب الفلكي.


3- هل القمر يختلف عن الهلال، أم هما شيء واحد؟
القمر هو أقرب الأجرام السماوية إلينا، وهو الجسم السماوي الأكثر وضوحا والأكبر حجما ليلا، وهو تابع للأرض ويدور حولها دورة كاملة كل شهر، ونحن نراه خلال هذه الدورة على أطوار تتكرر كل شهر، وتعتمد هذه الأطوار على الزاوية المقاسة عند الأرض بين الشمس والقمر، فنتيجة لسقوط ضوء الشمس على القمر بصفة مستمرة فإننا نجد أن نصف القمر المواجه للشمس يكون مضيئا، والنصف الذي في الجهة الأخرى يكون مظلما، ونشاهد على الأرض أجزاء مختلفة من النصف المضيء وأجزاء من النصف المظلم، وبدوران القمر حول الأرض تتغير المساحات التي نشاهدها من النصفين بصفة مستمرة، وهي ما تسمى بالأطوار. فعندما تكون الشمس والقمر في جانبين متضادين بالنسبة للأرض عند وضع الاستقبال، نرى النصف المضيء للقمر بكامله ويسمى بدرا، وجميع من يكونون على نصف الكرة الأرضية المواجه للقمر في هذه الحالة يمكنهم رؤية القمر كبدر.


 وفي وضع الاقتران تكون الشمس والقمر في جهة واحدة من الأرض، ويكون نصف القمر المواجه للأرض مظلما بكامله؛ لذلك لا يمكن رؤية القمر ويسمى هذا الطور بالمحاق، وبعده يبدأ بزوغ الهلال؛ حيث نرى من القمر أقل من نصف الوجه المضيء، ثم في الأيام التالية بعد بداية الشهر نرى نصف وجه القمر المواجه للأرض مضيئا، ثم أكثر من النصف، حتى نراه بدرا، ثم يبدأ في التناقص، حتى يصير هلالا متناقصا، وهو هلال نهاية الشهر، ثم محاقا، فبزوغ هلال الشهر الجديد.
ومن هنا تعرف أن القمر يسمى هلالا لمدة يومين أو ثلاثة أيام من أول الشهر العربي القمري حين يرى أقل من نصف الوجه المضيء، وكذلك من اخره، وعند الاستقبال يسمى بدرا، وعند الاجتماع أو الاقتران يسمى محاقا، وفيما بين هذه الأحوال يسمى قمرا.


4- هل رؤية الهلال في مكان ما بالعالم صالحة لكل العالم؟
المفتى به أن هلال الشهر إنما يثبت لكل بلد برؤية أهله البصرية، خصوصا إذا كان أهل البلد يستطيعون رؤية الهلال بوضوح، أو رؤيته في أقرب البلاد إليهم، أو بتحقق رؤيته في أي بلد إسلامي قريب من بلادهم، وذلك إذا قطع علماء الفلك بأن هذا اخر يوم من الشهر ويمكن رؤية الهلال؛ فإن قطع الحساب الفلكي بعدم طلوع الهلال أو باستحالة رؤيته فلا عبرة بالرؤية البصرية. هذا باستثناء هلال ذي الحجة؛ فإن رؤيته تثبت وفقا لما تقرره المملكة العربية السعودية وهي صالحة لكل العالم؛ إذ جميع المناسك الخاصة بالحج تقام على أرضها وليس معقولا أن يخالفها بلد إسلامي فيما تقرره في هذا الشأن.


5- هل هناك اعتبار لاختلاف المطالع؟
اختلفت كلمة فقهاء المسلمين فيما إذا كان اختلاف مطالع القمر مؤثرا في ثبوت ظهوره وبالتالي مؤثرا في الأحكام المتعلقة بالأهلة كالصوم والإفطار والحج والأضحية، أو غير مؤثر فلا عبرة باختلاف المطالع. بمعنى أنه إذا ثبتت رؤية الهلال في أي بلد إسلامي ثبتت في حق جميع المسلمين على اختلاف أقطارهم على ظهر أرض الله متى بلغهم ثبوته بطريق صحيح، أو أن اختلاف المطلع يعتبر فيلتزم أهل كل بلد مطلعه؛ فعند الجمهور لا عبرة باختلاف المطالع فمتى ثبتت رؤية الهلال في بلد بالمشرق مثلا لزم ذلك سائر البلاد شرقا وغربا، وذهب اخرون إلى اعتبار اختلاف المطالع، وفي المسألة قول ثالث وهو أنه يعتبر اختلاف المطالع بالنسبة للبلاد البعيدة جدا عن بعضها البعض. والذي قرره مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة في مؤتمره الثالث المنعقد في المدة من 30 سبتمبر إلى 27 أكتوبر سنة 1966م بشأن تحديد أوائل الشهور القمرية أنه لا عبرة باختلاف المطالع، وإن تباعدت الأقاليم متى كانت مشتركة في جزء من ليلة الرؤية، وإن قل، ويكون اختلاف المطالع معتبرا بين الأقاليم التي لا تشترك في جزء من هذه الليلة. 


وتأكد هذا أيضا في قراره رقم (42) وفي جلسته الثامنة والعشرين التي عقدت بتاريخ 23 ربيع الاخر لسنة 1412هـ، الموافق 31 من أكتوبر لسنة 1991م بشأن رؤية الهلال، ونصه: أنه إذا تعذر دخول الشهر القمري، وثبتت رؤيته في بلد اخر يشترك مع المنطقة في جزء من الليل، وقال الحسابيون الفلكيون: إنه يمكث لمدة عشر دقائق فأكثر بعد الغروب، فإن دخول الشهر القمري يثبت. 


6- ما الحكم في الحسابات الفلكية التي تحدد بدايات الشهور العربية مقدما لسنين؟
الحسابات الفلكية التي تحدد بدايات الشهور العربية مقدما لسنين يجوز الاستئناس بها، ولكن بداية الشهر لا تتحقق شرعا إلا بالرؤية الشرعية.


7- ما الفرق بين الحساب الرياضي والرؤية الشرعية؟
الحساب الرياضي أو الفلكي هو حساب سير القمر في منازله لإثبات وقت اجتماعه بالشمس ومفارقته إياها، ووقت إمكانية الرؤية واستحالتها، والبعد بين كل من الشمس والقمر، ووقت بقاء الهلال في الأفق ونحو ذلك مما يعرف من خلاله بداية الشهر القمري. ويكون ذلك باستخدام عدة معادلات لحساب زمن غروب الشمس، وزمن غروب القمر في التاسع والعشرين من كل شهر عربي.
أما الرؤية البصرية للهلال؛ فهي الوسيلة التي قررها الشارع لإثبات دخول الشهر، وما يرتبط به من أحكام كإيجاب الصيام ونهاية العدة ونحو ذلك. فالفرق بينهما أن الأول يعتمد على المعادلات الرياضية، والثاني يعتمد على الحس البصري، والحساب الرياضي لا يتنافى مع الرؤية الشرعية؛ فإن الحساب الرياضي ينفي إمكانية الرؤية لأنه قطعي، ولكنه لا يثبت دخول الشهر الشرعي، فإن دخوله إنما يكون بالرؤية الشرعية، فالحساب الفلكي بذلك أداة للتثبت من صحة الرؤية الشرعية.


8- هل يجوز الاكتفاء بالرؤية البصرية غير المسلحة في إثبات دخول الشهر العربي؟

نعم، يجوز، إلا أن ينفيها الحساب الفلكي.

 

9- كيف يعمل التقويم الشمسي؟

التقويم الشمسي يتخذ حركة الأرض حول الشمس أساسا له في حساب الشهور والسنين، فالسنة في التقويم الشمسي هي المدة الزمنية التي تستغرقها الأرض في دورانها دورة كاملة حول الشمس إلى أن تعود إلى نفس الموضع الذي كانت عليه في السنة السابقة، وطول هذه الدورة 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية. وفي خلال هذه الفترة تكون الأرض قد دارت حول نفسها 365.2422 دورة، وتعرف كل دورة باليوم الشمسي أو اليوم الأرضي، وهو يمثل تعاقبا واحدا لليل والنهار. وعدد أيام الشهر الشمسي ثابتة؛ فيناير 31 يوما وفبراير 28 يوما يزيد يوما كل أربع سنوات، ومارس 31 يوما، وهكذا مما هو معروف، فالشهر الشمسي قائم على العدد فقط.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة