علم فلسطين
علم فلسطين


تحقيق| حدود «4 يونيو 1967».. رحلة البحث عما تبقى من أشجار الزيتون

أحمد نزيه

الثلاثاء، 04 يونيو 2019 - 03:36 م

-حدود «4 يونيو 1967» في المنتصف.. بين واقعٍ «مريرٍ» وحلمٍ وتاريخيٍ «بعيدٍ»

-فلسطينيون: حدود 1967 حلٌ مبدأيٌ وهو الحد الأدنى المسموح به

-ارتضاء تقسيم القدس أكبر المعضلات.. والحكومة الإسرائيلية تعقد الحل

 

"وطنٌ من البحر إلى النهر".. حلمٌ فلسطينيٌ ما زال يعانق كل من يعيش في أرض فلسطين، ويراود أيضًا من يحيا في الشتات، والأمل يحذو الجميع في "حق العودة"، الذي أراد الفلسطينيون أن يُجدوا له مسلكًا على أرض الواقع عبر مسيرات العودة الكبرى المستمرة منذ أواخر مارس عام 2018.

 

زعمت بريطانيا قبل ما يربو على قرنٍ من الزمن، حينما أدلت وعد بلفور، أن فلسطين أرضٌ بلا شعبٍ، ستذهب لشعبٍ بلا أرض، فكان الجزء الثاني مما قالته بريطانيا حقيقةً، أما الأول فكان مجحفًا ومغايرًا لحقيقة شعبٍ فلسطينيٍ عاش في أرضه منذ زمنٍ بعيد الأمد.

 

وقبل حلول عام 1948 كانت فلسطين وطنًا للفلسطينيين، لا يشاركهم أحدٌ فيه عنوةً، قبل أن يغير عليهم الاحتلال الإسرائيلي غير مرةٍ بدءًا من عام النكبة في 1948، مخلفًا مع تراكم السنين في الوقت الحاضر وطنًا يتوجع على أطلال الماضي، وشعبًا لا يزال يبحث عن وطنه المفقود.

 

وبين هذا وذاك، تقف حدود الرابع من يونيو عام 1967 في المنتصف وكنقطة تلاقٍ بين واقعٍ حاضرٍ صعبٍ يعيشه الفلسطينيون تُحتل خلاله معظم أراضيهم، ووطنٍ تاريخٍ كاملٍ يمثل أنشودة الفلسطينيين وغايتهم الأولى والأخيرة.

 

وحدود الرابع من يونيو 1967 هي وضعية الأراضي العربية قبل حرب الخامس من يونيو 1967، والتي احتلت خلالها إسرائيل شبه جزيرة سيناء المصرية، والتي استردتها مصر فيما بعد خلال حرب السادس من أكتوبر عام 1973، وهضبة الجولان السورية وأجزاء من الضفة الغربية، كما ضمت القدس الشرقية إلى القدس الغربية، وهي الحدود المعترف بها دوليًا من قبل الأمم المتحدة.

 

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أبلغ جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبير مستشاريه، في أواخر مايو المنقضي بأن العرب ملتزمون بحل الدولتين على أساس حدود الرابع من يونيو 1967.

 

الحد الأدنى للفلسطينيين

 

وفي هذا الصدد، يقول أيمن إبراهيم، محلل سياسي فلسطيني وخبير في الشئون الإسرائيلية، إن قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو "حزيران" عام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس هو الحد الأدنى المقبول للشعب الفلسطيني، وهو نفس المبادرة العربية للسلام التي أقرها العرب في قمة بيروت عام ٢٠٠٢ وأصبح هذا موقف الكل، كما أن القمة الاسلامية في مكة الاخيرة جاءت لتؤكد على هذا الامر.

 

 

ويضيف إبراهيم في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، "نحن نرى أن القبول بحدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ هي الحد الأدنى من الحقوق وهي خط أحمر لا يمكن التنازل عنها حتى لو استمر الصراع عدة سنوات أخرى".

 

ويمضي المحلل السياسي قائلًا، "لكن في ظل التعنت الاسرائيلي والذي لم بعلق بالإيجاب على المبادرة العربية منذ عام ٢٠٠٢، أصبح على العرب حتمية طرح أفكار جديدة بعد تراجع فكرة حل الدولتين وبتفكير خارج الصندوق.. فلنطالب بدولة واحدة عيش بها الجميع متساويين في الحقوق والواجبات".

 

لكنه شدد في الوقت ذاته، على أن هذا الأمر يجب ألا يسقط حق العودة للاجئين الفلسطينيين وكل الحقوق المقرة دوليًا.

 

حل جذري

 

وبدوره، يتحدث محمد مقداد، الأمين العام لحركة الائتلاف الوطني الفلسطيني، عن أن حدود الرابع من يونيو أتت كاتفاقية حلٍ لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو يعتبرها تمثل حلًا جذريًا لمسألة حل الدولتين وإقامتهم وفق حدود عام 1967.

 

 

ويكمل مقداد حديثه قائلًا "كشكلٍ مرحليٍ ومؤقتٍ ربما تكون حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 كافية، نحن كقيادة لحزب حركة الائتلاف الوطني الفلسطيني ملتزمون بمبادئ إقامة الدولة الفلسطينية على تلك الحدود، كحلٍ مؤقتٍ لنهوض الدولة الفلسطينية، وإقامة سلامٍ شاملٍ وعادلٍ".

 

ومن جانبه، يرى حسين هريدي، خبير سياسي ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن من مصلحة فلسطين إقامة دولتها على حدود الرابع من يونيو 1967، خاصةً أن المجتمع الدولي يعترف بها، كما أن هناك قرار لمجلس الأمن الدولي عام 2003 يهدف إلى تأييد حل الدولتين.

 

ويعتبر هريدي أن القضية الفلسطينية لن يتم تسويتها بطريقة سياسيةٍ سلميةٍ إلا من خلال حل الدولتين، والذي يمكن الفلسطينيين من إقامة دولتهم.

 

التسوية النهائية

 

وفي هذا الإطار، يؤكد فؤاد أبو حجلة، كاتبٌ وإعلاميٌ فلسطينيٌ، أنه من حيث المبدأ لا تسوية للقضية الفلسطينية بصورةٍ نهائيةٍ إلا على كل الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، وعودة الشعب الفلسطيني إلى أراضيه، لكن هذا لا يمكن أن يتحقق في الحاضر أو المستقبل القريب.

 

ويتابع أبو حجلة قائلًا في تصريحاتٍ لـ«بوابة أخبار اليوم»، "لذا كان القبول بتسويةٍ على حدود أراضي 1967 هو قبولٌ محوريٌ، باعتبار أن ذلك سيسمح بقيام كيانيٍ فلسطينيٍ على هذه الأرض، كما أن رفع الظلم عن الفلسطينيين أمرٌ مهمٌ".

 

أراضي فلسطين طبقًا لحدود 4 يونيو

 

ونعرج بالحديث إلى شكل الحدود النهائية المنتظر حال حل الدولتين، وتقسيمهما على أساس حدود الرابع من يونيو عام 1967.

 

 

ويقول السفير حسين هريدي، إن التفاوض حول الحدود النهائية بين فلسطين وإسرائيل لم يبدأ بعد، ولكن من المؤكد أن دولة فلسطين ستقوم على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل بدءًا من الخامس من يونيو 1967.

 

وأشار هريدي، إلى أن إسرائيل احتلت وقتها الضفة الغربية بالكامل وقطاع غزة، والقدس الشرقية، التي كانت تخضع لإشراف المملكة الأردنية الهاشمية آنذاك.

 

ويبين محمد مقداد، في تصريحاتٍ خاصةٍ، المدن والبلدات المحتلة إلى غاية الآن،  وأبرزها حيفا وحمامة  وعكا ويافا وعسقلان والمجدل والرملة وبيت ليد.

 

وعلى أساس حدود 4 يونيو 1967، يشير مقداد إلى أن مساحة دولة فلسطين المقترحة على الأراضي المحتلة في عام 1967م  هي على النحو الاتي: "الضفة الغربية وقطاع غزة.. فتبلغ 6209 كيلو متر مربع، وتمثل 22.95% من مساحة فلسطينز ومساحة الضفة الغربية 5844 كيلو مترًا، وتشكل 21.6% من المساحة الإجمالية لأراضي فلسطين التاريخية، ومساحة قطاع غزة 365 كيلو متر مربع، ويشكل 1.35% من المساحة الإجمالية.

 

وتبلغ مساحة دولة فلسطين التاريخية كاملةً ما يزيد قليلًا عن 27 ألف كيلو متر مربع (27009) تحديدًا. ومنذ حرب الأيام الستة بدءًا الخامس من يونيو عام 1967 تحتل إسرائيل أكثر من 78% من الأراضي الفلسطينية.

تقسيم القدس

 

وتعتبر وضعية القدس من أكثر معضلات تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالفلسطينيون يصرون على إقامة دولتهم وعاصمتها القدس، في حين يزعم الإسرائيليون أن القدس كاملة عاصمةٌ أبديةٌ لإسرائيل.

 

ووفقًا لحدود الرابع من يونيو عام 1967، فإنه سيُجرى تقسيم القدس إلى جزئين، القدس الشرقية تكون عاصمةً لدولة فلسطين، أمام القدس الغربية فستكون عاصمةً لإسرائيل.

 

وفي غضون ذلك، يقول محمد مقداد، الأمين العام لحركة الائتلاف الوطني، "إنه بشكلٍ مؤكدٍ، شعبنا الفلسطيني وكافة أحزابه يرفض تقسيم القدس كونها عاصمة أبدية وأزلية لفلسطين، ولها بعدها الديني والقومي للأمتين العربية والإسلامية.. وشعبنا ملتزم بمبادئ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية أن فلسطين حدودها من البحر إلي النهر".

 

واستطرد مقداد بالقول، "لكن ملتزمون بما أقامت عليه السلطة الوطنية الفلسطينية بإقامة دولة فلسطينية على حدود حزيران (يونيو) 1967 كحلٍ مؤقتٍ لإقامة الدولتين".

 

ومن جانبه، يقول الكاتب الفلسطيني فؤاد أبو حجلة إن الفلسطينيين لم يقبلوا فكرة تقسيم فلسطين أو القدس، لكن الواقع السياسي يتجاوز الموقف الشعبي، فهو يخضع لاعتباراتٍ سياسيةٍ تقول إن عدم قبول الفلسطينيين ذلك لا يعني وقف المخطط الأمريكي، فهناك شراكةٌ أمريكيةٌ حقيقيةٌ مع العدو الإسرائيلي، وكل هذا يحكم موازين القوى.

 

وجهة نظر أيمن إبراهبم في هذا الشأن لم تختلف كثيرًا، فهو يرى أن القدس مقسمةٌ بشكلٍ أو بآخر منذ احتلالها عام 1948، ويعتبر أن المشكلة في القدس هو سيطرة الاحتلال على القدس الشرقية وبناء المستوطنات فيها ومصادرة الحائط الغربي (حائط البراق)، واعتداده مكانًا مقدسًا لهم، وإقامة شعائرهم هناك، إضافةً للحفريات تحت المسجد الأقصى والتوسع غير المنطقي في القدس الشرقية.

 

وقال المحلل السياسي الفلسطيني، "من ناحيةٍ مبدئيةٍ نحن نقبل بالقدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام ١٩٦٧ كاملة عاصمةً لدولة فلسطين".

 

موقف الحكومة الإسرائيلية

 

لكن رغم الدعم الدولي لخطة السلام على حدود 4 يونيو 1967، بيد أن الحكومة الإسرائيلية نفسها تقف حائلًا من جانبها دون إتمام عملية التسوية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 

طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال شهر سبتمبر الماضي إسرائيل بتقديم تنازلاتٍ من أجل التوصل لاتفاق سلامٍ، في ظل سعي الإدارة الأمريكية لإبرام تسوية للصراع العربي الإسرائيلي ، خلال الصفقة التي تسميها "صفقة القرن".

 

ومن جهته، يرى السفير المصري حسين هريدي أن كل الحكومات في العالم، عدا الإدارة الأمريكية وحكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف، تعترف بحل الدولتين وبحدود الرابع من يونيو عام 1967.

 

ويضيف هريدي، أنه على أساس ذلك لا بد ألا ننزعج من التوجهات الخاطئة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تسوية القضية الفلسطينية، مستطردًا بالقول "علينا نحن كدول عربية إضافةً إلى المجتمع الدولي أن نظل ندعو إلى حل الدولتين، ولا نيأس أبدًا من تحقيق أمنية رفع علم فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية.

 

ويشاطره الرأي المحلل السياسي أيمن إبراهيم، الذي يجزم بأنه من المؤكد أن الحكومة الإسرائيلية الحالية والقادمة على أقل تقدير هي حكومة يمينية لن تسمح بقيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو.

 

ولا تتعلق المشكلة بالحكومة اليمينية بزعامة حزب الليكود، الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو، فحسب، بل إن المتدينين اليهود الذين لهم كلمة في حكومة الاحتلال يعتبرون أراضي الضفة هي أراضٍ يهوديةٌ، ويطلقون عليها يهودا والسامرة، ويزعمون أنها أرض مملكتهم القديمة.

 

لذا يرى إبراهيم أنه سيكون من المستحيل التوصل معهم لحل بالانسحاب من الأراضي التي احتلوها عام ١٩٦٧ مقابل السلام مع العرب جميعًا.

 

حلم الوطن التاريخي

 

ولكن السؤال في الختام سيبقى مطروحًا حول ما إذا كان شرارة حلم عودة أرض فلسطيني قد انطفأت، أم أن نارها لا تزال تُسقى في نفوس الفلسطينيين إلى أن يتحقق ذلك المراد.

 

فيقول الكاتب فؤاد أبو حجلة، إن حرية الشعوب لا تقاس بمحددٍ زمنيٍ، فهي نضالٌ وطنيٌ يشهد بعضه تحقيق الإنجازات للشغب الفلسطيني، وسيبقى التاريخ يقول إن كل الأراضي الفلسطينية للفلسطينيين.

 

وتحدث أبو حجلة، عن إمكانية قبول الفلسطينيين أن يعيش غيرهم معهم داخل دولة واحدة، موضحًا أنه يقصد أن يعيش اليهود مع الفلسطينيين تحت راية دولة واحدة اسمها "فلسطين".

 

وفي ظل حدود 4 يونيو 1967، إن تم إقامتها، سيبقى الحلم الأكبر هو أرض فلسطين التاريخية تعود وطننا للفلسطينيين وتمتد حدودها من البحر المتوسط إلى خليج العقبة، ولا تزال أغصان الزيتون تتطلع لليوم الذي تمُلك فيه لأصحاب الأرض الحقيقيين، أمنيةٌ يتوق لها العرب أجمعون.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة