السفير جيمس موران
السفير جيمس موران


السفير جيمس موران: القمة العربية الأوروبية تأكيد عودة مصر لريادتها بالمنطقة

إبراهيم مصطفى

الإثنين، 10 يونيو 2019 - 12:19 ص

 

كبير الباحثين بمركز دراسات السياسة الخارجية الأوروبية فى بروكسل:


الصحافة الأوروبية لا تمتلك معلومات كافية عن حقيقة الأوضاع فى مصر


المنطقة لا تتجه إلى الحرب بسبب تكلفتها المرتفعة على جميع الأطراف


«صفقة القرن» تعطى قبلة الحياة للجماعات الإرهابية.. وعلى الاتحاد الأوروبى مواجهتها

 

أكثر من 30 عاما قضاها السفير جيمس موران كدبلوماسى بريطانى يمثل الاتحاد الأوروبى فى عدة مواقع بالشرق الأوسط، ختمها بعمله فى القاهرة بين عامى 2012 و2016 وسبقها العمل سفيرا فى اليمن والأردن ومبعوثا للاتحاد فى ليبيا عقب سقوط نظام القذافى 2011.

 

ولذلك كان من الطبيعى بعد تقاعده عن العمل الدبلوماسى أن يواصل اهتمامه بمنطقة الشرق الأوسط ولكن من مقعد الباحث، حيث يعمل حاليا كبير الباحثين فى مركز دراسات السياسات الخارجية الأوروبية فى العاصمة البلجيكية بروكسل، والذى يعتبر من أكبر مراكز الفكر المؤثرة على تشكيل السياسات الأوروبية، وخلال زيارة خاطفة للقاهرة .

 

التقت «الأخبار» مع السفير موران الذى أكد أن القمة العربية الأوروبية فى شرم الشيخ فبراير الماضى مؤشر على عودة مصر للريادة فى المنطقة، كما حذر من «صفقة القرن» المرتقب الإعلان عنها من الولايات المتحدة باعتبارها تضر كافة أطراف الصراع العربى الإسرائيلي.. وإلى نص الحوار:

 

> هل القمة العربية الأوروبية فى شرم الشيخ فبراير الماضى تجاوزت نتائجها مجرد اجتماع القادة والتقاط صور تذكارية؟


بالتأكيد النتائج تتجاوز ذلك بكثير، هناك 3 نقاط أساسية لابد من ذكرها حول نتائج القمة، أولا هى القمة الأولى من نوعها بعد محاولات استمرت نحو 30 عاماً لعقد قمة عربية أوروبية، أخيرا تم عقد القمة والفضل فى ذلك يرجع لجهود مصر وللأمانة أيضا جهود الرئيس السيسي، وهو ما بعث رسالة للمواطنين سواء فى أوروبا أو العالم العربى بان كلا الجانبين مهتم بالاخر رغم الخلافات تم التباحث حول القضايا الحيوية مثل الهجرة ومكافحة الإرهاب.

 

كما أن مستوى الحضور كان رائعاً بحضور 24 زعيما أوروبيا من أصل 28، فى الغالب يكون الحضور بنسبة 70% من القادة لكن القمة شهدت حضور 90% منهم، الأمر الاخر المهم هو اعلان القمة حيث يمكن اعتبار صدور إعلان عن القمة إنجازاً رغم التحضير لها لعدة أشهر فقط رغم أن التحضير لقمم من هذا النوع يستغرق عامين أو ثلاثا.

 

كما ان محتوى إعلان القمة فى مجمله إيجابى على الرغم من تفاوته بين مادة إلى أخرى من مواد الإعلان، وإذا نظرنا فى ما ذكر عن القضية الفلسطينية نجد أنه تم صياغته بلغة جيدة للغاية، لأنه سبق القمة مخاوف من اختلاف موقف بعض الدول الأوروبية بسبب علاقاتها مع واشنطن وكذلك مواقف بعض الدول العربية بسبب الضغط الأمريكي.

 

وعلى الرغم من ذلك كانت لغة البيان قوية وصارمة وتضع أساساً لمقاومة ما سيتم الاعلان عنه خلال الأسابيع المقبلة من جانب أمريكا بشأن القضية الفلسطينية، والذى حتى الآن لا نعرف عنه سوى القليل لكن مراقبون مثل ويليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الأمريكى الأسبق قال إنها مليئة بالأوهام والافتراضات الخاطئة.

 

وفى رأيى فان الخطة الأمريكية المرتقبة تزيد الوضع سوءا للطرفين الفلسطينى والإسرائيلي، وتعطى قبلة الحياة للجماعات المتطرفة مثل القاعدة وداعش حيث ستعطى لهم ذريعة للترويج بأن الغرب يهاجم العالم الإسلامي، وهذا آخر شيء يمكن ان تحتاجه منطقة الشرق الأوسط، وبالتالى من المهم للدول العربية والأوروبية أن تقوم بدور لتحقيق التوازن فى الموقف الدولي.


علاقات دافئة 


> هل التمثيل عالى المستوى من القادة الأوروبيين فى القمة العربية الأوروبية يعتبر دعما لمصر والنظام المصري؟


ذلك صحيح فى بعض الحالات، لأن بعض الدول الأوروبية لديها علاقات دافئة مع مصر أكثر من اخرى، لكن إجمالا الحضور عكس الاهتمام الأوروبى بالمنطقة العربية، ومن المهم ذكر أن مكافحة الهجرة غير الشرعية لم يستحوذ على المناقشات لأن التعاون مع مصر ودول أخرى منها تركيا يسير بشكل جيد جدا، وبالتالى تراجعت مخاوف الدول الأوروبية، كما ظهر واضحا التنظيم الجيد جدا للقمة وهو نجاح كبير لمصر وهو أكبر دعم لصورة وسمعة مصر، على الرغم من وجود اختلافات كثيرة منها ملف حقوق الإنسان.


> كيف يمكن البناء على نتائج القمة لتحقيق نتائج ملموسة للطرفين؟


أعتقد أن على مصر مسئولية فى هذا المجال باعتبارها البلد المضيف للتأكد أن هناك نتائج حقيقية فهناك الكثير من المجالات يمكن تحقيق تقدم بها، للتأكيد على أن القمة تتجاوز مجرد صدور اعلان، والقمة المقبلة فى عام 2022 وبالتالى هناك وقت كاف للتحضير، وأهم المجالات التى يجب التعاون فيها هى مشاريع التنمية لتحقيق مستقبل أفضل للشباب الذين يشكلون غالبية سكان المنطقة العربية.


> عملت فى مصر لأربع سنوات والآن تعيش فى بروكسل وتطالع الإعلام الأوروبي.. ما الفارق بين ما يكتب عن مصر والحقيقة التى عايشتها بنفسك؟


الصحافة الأوروبية ليست لديها معلومات كافية عن مصر بالمقارنة بالحال منذ 10 سنوات، بسبب أسلوب معاملة الصحفيين فى مصر، وبالتالى معظم من يكتبون عن مصر غير مقيمين بها يسمعون فقط من أطراف أخرى أو من الزائرين لفترات مؤقتة لمصر، لأن الصحفيين الأوروبيين يخافون من المجيء لمصر حالياً، ليس لأنهم سيسجنون ولكن لعدم تمكنهم من أداء عملهم، وعندما أعود لأوروبا سيسألنى كثيرون عن الوضع المصرى ستكون اجابتى اذهبوا شاهدوا بانفسكم، وأعتقد ان اتاحة الحكومة المصرية الفرصة لإجراء دراسات وصحافة حرة عن مصر شيء مفيد للسياحة والترويج للبلاد.


إدارة ترامب


> كيف يمكن للاتحاد الأوروبى أن يتعامل مع «صفقة القرن» دون الدخول فى خلافات مع إدارة ترامب؟


ستكون هناك خلافات مع إدارة ترامب بالطبع، وحاليا هناك بعض الخلافات حول التجارة وغيرها فى مقابل تعاون جيد فى قضايا مثل التغير المناخي، وعلى الدول الأوروبية أن تتخذ موقفاً حيال صفقة القرن إما بالموافقة أو الرفض فلا يمكن اتخاذ موقف وسط، السؤال هل تحافظ أوروبا على وحدة موقفها حيال خطة صفقة القرن؟

 

سنرى ولكن القادة الأوروبيين اجتمعوا على موقف محدد فى القمة العربية الأوروبية ينص على دعم حل الدولتين، وما قامت به إدارة ترامب من نقل للسفارة الأمريكية للقدس ووقف دعم منظمة الأونروا والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان مشكلة خطيرة تضر بالمنطقة والعالم لأنه يرسخ لمبدأ لطالما ابتعدنا عنه منذ الحرب العالمية الثانية، وهو مكافأة من يقوم بالإحتلال بالقوة، وفى هذه الحالة إدارة ترامب تقوم بمكافأة اسرائيل على احتلالها، وفى تاريخ عديد من الدول الأوروبية تعرضت لفترات احتلال مثل فرنسا وألمانيا.

 

ومن المهم التذكير بأن الأسابيع المقبلة أوروبا تدخل انتخابات البرلمان وتغيير ممثلة السياسات الخارجية فيدريكا موجريني، وبالتالى إذا تم الإعلان عن صفقة القرن فى يوليو المقبل ستكون فترة تغييرات فى الاتحاد الأوروبي، ولكنى أعتقد ان فرنسا وألمانيا وبريطانيا ستقود الاتحاد لموقف موحد وهو ما يحتاجه الفلسطينيون حيث يشعرون باليأس والحاجة لتوازن فى الموقف الدولي.


> هل يحتمل العالم 4 سنوات أخرى من حكم ترامب فى ظل الخلافات الكبيرة مع الكثير من سياساته الخارجية؟


فترة حكم ترامب صعبة على الجميع فى أوروبا ولا استطيع التنبؤ ما إذا كان مستمراً لفترة رئاسية ثانية وهل سيستمر فى سياساته، لكن حاليا هناك بعض المؤشرات فى الكونجرس بزيادة نسبة الديمقراطيين قد تخفف من وطأة اجراءات ترامب، واتوقع ان ترامب فى فترته الثانية سيكون أكثر اعتدالاً.


أزمة ليبيا 


> هل الخلافات الإيطالية الفرنسية حول الوضع فى ليبيا تضعف من الدور الأوروبى فى حل الأزمة؟


بالتأكيد تؤثر بقوة على الدور الأوروبى ومن المؤسف رؤية الخلاف بين الرؤية الفرنسية والرؤية الإيطالية للأزمة فى ليبيا، وعلى حد علمى الخلاف ليس جوهريا، لكن هناك مصالح متعارضة حول البترول والغاز الطبيعى ورؤية مختلفة حول معالجة قضية الهجرة، بجانب أن العلاقات الثنائية بين باريس وروما ليست فى أفضل أحوالها ما انعكس على التعامل مع الوضع الليبى وهو ما لا يساعد على حل الأزمة لأن ليبيا بالفعل غارقة فى الفوضى، فى ظل الانقسامات سواء على المستوى العربى أو الأوروبي.. الجميع يأمل فى وصول ليبيا إلى الاستقرار.


الوضع فى السودان 


> هل تعتقد أن الوضع فى السودان لم يحظ بالقدر المناسب من الاهتمام العالمي؟


نعم أعتقد ذلك، والكثيرون فى العالم حائرون حول طبيعة الوضع فى السودان حاليا، المتظاهرون – كالوضع فى الجزائر أيضا – لا يريدون الاستمرار تحت حكم عسكري، وجميع الدول تريد فقط رؤية الاستقرار هناك، وتدعم زيادة المكون المدنى فى أنظمة الحكم مع استمرار بعض العسكريين، لأن تشكيل حكومة مدنية بالكامل صعب جدا فى الوقت الحالي، الإشارات القادمة من الجزائر إيجابية لأن المظاهرات هناك سلمية أكثر من الوضع فى السودان الذى يعتبر سلمياً إلى حد ما، وهناك اهتمام من العالم ومن أوروبا خاصة فى فرنسا بالوضع فى الجزائر، بينما السودان يعانى من غياب نفس الاهتمام لأنه لا يعتبر منتجا كبيرا للبترول وموقعه ليس حيوياً للغاية.


> هل غياب الاستقرار فى الجزائر يشكل تحدياً للأمن فى أوروبا حاليا؟


بالطبع نظراً للعدد الكبير من المواطنين الجزائريين أو ذوى الأصول الجزائرية فى فرنسا وهولندا وبلجيكا، وبالتالى فان ظهور اى حركات عنيفة قد تكون لها صلات مع هؤلاء داخل أوروبا، ولكن حتى الآن لا توجد مؤشرات عن فوضى أو عنف فى الاحتجاجات الجزائرية وفى نفس الوقت تحتاج البلاد إلى اتفاق لحل وسط، وأعتقد أن الجزائر والسودان يمكن أن يتعلما من تجارب الدول العربية التى سبقتهم فى تغيير حكامها خلال السنوات الماضية.


دور ريادى


> كيف ينظر الدبلوماسيون فى أوروبا إلى دول المنطقة وخاصة مصر؟


مصر تاريخيا هى الدولة الأهم فى المنطقة، وتراجع دورها فى وقت من الأوقات كان بسبب ما مرت به من أحداث.. والقمة العربية الأوروبية كانت مؤشرا لعودة مصر لدورها الريادى والرائد كحصان رابح فى المجال السياسى بالمنطقة لتحقيق التوازن.


> هل تتجه المنطقة إلى حرب بسبب التصعيد بين إيران والولايات المتحدة؟


لا اعتقد ان المنطقة تتجه إلى حرب، فهناك الكثير ستخسره كافة الأطراف فى حالة الحرب، كما ان الحرب لا تتعلق بايران وحدها فهناك الصين وهى مستثمر وداعم كبير لطهران، وروسيا تدعم ايران بالطبع، وعلى الجانب الاخر الولايات المتحدة ليس لديها الرغبة والامكانات لشن حرب بالمقارنة بما كانت عليه قبل 20 عاما (الحرب فى أفغانستان والعراق).

 

وبالتالى ما سيتم هو مزيد من الضغط على النظام الإيرانى عبر دعم المعتدلين الإيرانيين المعارضين، وهو ما قد لا يرضى السعودية، أما مصر فقد حافظت على وجود علاقة ما مع إيران، ولا أظن ان هناك مؤيدين للحرب على إيران سوى السعودية وإسرائيل، واعتقد أن عدم الالتزام بالاتفاق النووى مع إيران خطير جدا لأن جميعنا يعلم أن هناك قوة نووية أخرى فى المنطقة هى إسرائيل، وعودة إيران لبرنامجها النووى سيكون خطرا جديدا وأكبر من أن يتصوره أحد لذلك اعتقد ان واشنطن سيكون لها حد فى التعامل مع إيران.


الاتحاد الأوروبى 


> هل تفقد بريطانيا جزءا من نفوذها بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي؟


فى حالة تنفيذ الخروج ستفقد جزءا من نفوذها.


> «فى حالة الخروج».. ماذا يعنى ذلك؟


حتى الآن هناك احتمالية لتغير توجه الأحزاب والرأى العام للعدول عن الخروج من الاتحاد الأوروبي، أما فى حالة الاستمرار فى «بريكست» ستفقد بريطانيا الكثير من نفوذها فعلى سبيل المثال بريطانيا عضو دائم فى مجلس الأمن بجانب 4 أعضاء اخرين منهم فرنسا ممثلة أوروبا، وهناك دول كالبرازيل والهند لها قوة اقتصادية وعدد سكان كبير خارج العضوية الدائمة.

 

وبالتالى سيطرح السؤال حول جدوى استمرار بريطانيا كعضو دائم، صحيح انها الاقتصاد السادس أو السابع عالمياً ولكن بعد بريكست ستضطر إلى التفاوض من جديد حول اتفاقيات تجارية منفردة مع كافة الدول باعتبارها دولة من 65 مليون نسمة وليس جزءا من تكتل تعداده مئات الملايين، وبالتالى سيتم التقليل من بريطانيا سياسيا واقتصاديا فى حال خروجها من الاتحاد الأوروبي، وهو سبب يدفعنى شخصيا كمواطن بريطانى للعمل ضد بريكست.


> عملت لسنوات مدير إدارة آسيا فى الاتحاد الأوروبى ولك خبرة مع الصينيين.. هل تعتقد أن مشروع الحزام والطريق محاولة للحصول على مزيد من النفوذ السياسي؟


أعتقد أن ذلك صحيح فى منطقة الشرق الأقصى، فعلى سبيل المثال أصبح للصين نفوذ اقتصادى وعسكرى كبير فى الفلبين، لكن فى مناطق أخرى من العالم لا اعتقد انهم يسعون للهيمنة مثلا فى الشرق الأوسط، فهم دائما يبحثون عن الاستثمارات ويسعون لتحقيق الاستقرار حفاظا على الاستثمار، على عكس روسيا مثلا التى لها أهداف أمنية وتحارب فى سوريا للتواجد فى المتوسط، وهناك مثال فى أوروبا حين حصلت الصين على حق إدارة ميناء فى اليونان وظهرت مخاوف من هيمنة الصين على جنوب أوروبا ولم تظهر أية دلائل على ذلك.

 

> ماذا افتقدت فى مصر؟


الناس بالطبع.. المصريون أكثر ما افتقدته، فى دول كثيرة يكون ضابط الجوازات عابساً فى وجهى لدى وصولى للمطار لكن فى مصر الابتسامة دائما تعلو وجه ضابط الجوازات مع عبارة «مرحبا فى مصر»، فالمصرى دائما منفتح على العالم، وافتقد الوسط الثقافى والموسيقى فى مصر والشمس بالطبع.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة