المستشار عادل السعيد مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع
المستشار عادل السعيد مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع


«الكسب غير المشروع»: استرداد أصول تخطت 8 مليارات جنيه من متهمين في قضايا فساد

أ ش أ

الخميس، 13 يونيو 2019 - 04:05 م

 

أكد المستشار عادل السعيد، مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع، أن جهود جهاز الكسب غير المشروع في ضوء التعديلات التشريعية بالتعاون مع كافة السلطات القضائية والجهات الرقابية والأجهزة الأمنية قد أسفرت عن إجراء التفاوض مع بعض المتهمين في قضايا فساد من المدرجين على قوائم التجميد في الخارج وباسترداد أصول ومبالغ مالية من الأموال المنهوبة بلغ جملتها نحو 8 مليارات و857 مليونا 850 ألف جنيه في التحقيقات التي يباشرها في 5 ملفات.

وأوضح - خلال كلمته بمنتدى مكافحة الفساد المنعقد حاليا بمدينة شرم الشيخ - أن المتهمين في الملفات الخمسة أعادوا أصولا عقارية وأموالا نقدية وأرصدة وأسهما مالية بلغت قيمتها 5 مليارات و341 مليونا و850 ألف جنيه، واسترداد من آخر ممتلكات وصلت قيمتها إلى مليار و930 مليون جنيه، كما استرد من متهم ثالث أموالا بلغ مقدارها 500 مليون جنيه، كما تمكن جهاز الكسب غير المشروع من استرداد أصول ومبالغ نقدية من متهمين آخرين بلغت قيمتها مليارا و86 مليون جنيه.

وقال إن الفساد من أكبر التحديات التي تواجه مختلف دول العالم في تحقيق أهدافها نحو التنمية المستدامة وخاصة مع تطور سبل ارتكاب الجرائم المنظمة العابرة للأوطان وانتشار وتفشي الفساد المحلي والدولي بصوره المتعددة في ظل التطور التقني والعلمي المتنامي في الآونة الأخيرة، كما يهدد استقرار النظم المالية والاقتصادية لدول العالم والقارة الأفريقية خاصة بالنظر إلى حجم الهائل من الأموال المتحصلة من تلك الجرائم التي تمثل نسبة لا يستهان بها من إجمالي الناتج المحلى لها.

وأضاف أن من أهم صور الفساد على المستويين المحلي والدولي المتاجرة بالنفوذ واستغلال الوظائف والإثراء غير المشروع وتهريب عائدات الأموال المتحصلة من جرائم الفساد إلى الخارج بمعرفة أشخاص وجهات تستخدم بشكل متزايد التقنيات والنظم المتطورة لنقل تلك الأموال وتهريبها لدمجها في اقتصاد بعض المؤسسات المالية في دول أخرى بغية غسلها ومحاولة إضفاء الشرعية عليها حتى تتمكن من الانتفاع بها، لهذا اهتمت الاتفاقيات الدولية والإقليمية لمكافحة الفساد بوضع أطر وأسس تمكن الدول المهرب منها الأموال إلى الخارج من تتبعها وطلب تجميدها لاستردادها وحثت دول العالم على التعاون فيمت بينها على كافة المستويات لإرجاع تلك الأموال إلى دولها الأصلية وهي الغاية العظمى التي تصبو إليها اتفاقيات مكافحة الفساد وأخصها اتفاقية الاتحاد الأفريقي لأن إرجاع عائدات ومتحصلات جرائم الفساد يقضي على فكرة الملاذ الآمن للعوائد الإجرامية.

وأشار إلى أن الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد تحت رعاية الأمم المتحدة في عام 2002 وكذا الاتفاقية الأفريقية لمكافحة الفساد عام 2003 تبنتا وضع حد لمثل تلك الممارسات التي تعيق الدول عن تحقيق أهداف التمنية، لافتا إلى أن مصر مرت بتجربة في استرداد الأموال المنهوبة عقب ثورة يناير 2011 استنادا إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد كأساس لطلبات المساعدة القضائية التي قامت بإرسالها إلى معظم دول العالم عقب يناير 2011 وإلى مبدأ المعاملة بالمثل والمجاملة الدولية.

وأوضح أن آليات استرداد الأموال المهربة إلى الخارج تشتمل الإنابة القضائية الدولية وفيها يجرى التقدم للدولة المشتبه بتهريب الأموال إليها بطلب لاتخاذ إجراء قضائي بهدف المساعدة على استرداد تلك الأموال.

وأشار إلى الإجراءات التي قامت بها الأجهزة القضائية بشأن استرداد الأموال المهربة إلى الخارج عقب يناير 2011، والتي تضمنت استصدار أوامر منع من التصرف في الأموال والتحفظ عليها ضد كافة المتهمين الذين كان يتم التحقق معهم، وإرسال طلبات مساعدة قضائية إلى معظم دول العالم بعضها مجمعة تضمنت أسماء المتهمين من المسئولين السابقين إلى معظم دول العالم والبعض الآخر تم إرساله إلى دول بعينها لتوافر معلومات بوجود ممتلكات لعدد من المتهمين في هذه الدول أو قيام بعض الدول باشتراط إرسال طلبات منفصلة. 

وأوضح أن عدد طلبات المساعدة التي تم إرسالها إلى الخارج بلغ 57 طلب مساعدة بشأن التحري وتجميد ومصادرة وإعادة جميع موجودات المتهمين الشخصية وكذا الخاصة بزوجاتهم وأولادهم سواء كانت أموالا نقدية أو سائلة أو منقولة أو trust funds أو أسهما أو سندات مملوكة لهم بالبنوك وغيرها وأموالهم العقارية وأرصدة الشركات المملوكة لهم، وقد وصل عدد المتهمين الذين تم إرسال طلبات مساعدة لهم إلى 138 ويشمل هذا الرقم المتهمين وزوجاتهم وأفراد أسرهم.

وأشار رئيس جهاز الكسب غير المشروع المستشار عادل السعيد إلى عدد من الصعوبات الموضعية التي تواجه سبل استرداد الأموال، ومنها تحديد موقع المال بالدولة المطلوب منها، حيث طلبت بعض الدول من السلطات القضائية المصرية تحديد موقع المال المطلوب تجميده بالدولة المطلوب منها أو أرقام الحسابات المطلوب تجميدها أو بيانات البنوك والمؤسسات المالية المودعة بها تلك الأموال بالدولة المطلوب منها، وذلك على الرغم من تضمن الطلبات طلب تحديد ما إذا كان لدى الدولة المطلوب منها مال مملوك للمتهم المطلوب تجميد أمواله من عدمه، بل واشترطت بعض الدول إرسال أرقام حسابات المتهمين المطلوب تجميد أموالهم لدى مؤسساتها المالية، وذلك بالمخالفة للمادة 46 من الاتفاقية الدولية بشأن تحديد العائدات الإجرامية واقتفاء أثرها. 

وقال - خلال كلمته بمنتدى مكافحة الفساد المنعقد شرم الشيخ - إن من بين الصعوبات أيضا الربط بين الجريمة والمال، إذ طلبت بعض الدول من جمهورية مصر العربية تقديم الدليل على وجود ارتباط بين المال المُختلَس أو المتأتي من التربح أو جرائم فساد أموال المتهم لديها، وهو ما يمثل صعوبة بالغة نظرا لتشعب وتعقد تلك الجرائم وصعوبة تتبع المال من وقت اختلاسه حتى وصوله إلى أي من المؤسسات المالية في الدولة المطلوب منها. 

وأضاف أن عدم الإفصاح عن الأموال المعثور عليها يعد أحد أهم الصعوبات أمام استرداد الأموال، إذ توجه الدول طلبات للسلطات القضائية المصرية بمزيد من المعلومات والاستيضاحات دون الإفصاح عن المبلغ التي تم العثور عليها. 

وأكد أن أكبر عائق موضعي يواجه السلطات القضائية المصرية هو قيام الدول المطلوب منها، في حالة عثورها على أموال، بفتح تحقيق بشأن جرائم غسل الأموال التي تقع على أراضيها دون إبلاغ السلطات المصرية.

وأشار إلى أن بطء الإجراءات المتبعة للإفصاح عن الأموال حيث لجأت بعض الدول المطلوب منها التحري عن الأرصدة المطلوب تجميدها أولا ثم بدأت السلطة المختصة لديها في التحقق من سلامة الأدلة والمسار القضائي والمحاكمة للأشخاص الواردة أسماؤهم في طلب المساعدة القضائية قبل التقدم للمحاكم باستمارة طلب تجميد الأرصدة وهذا يختلف عن مسار الاتحاد الأوروبي السريع الذي أصدر قرارا سياسيا بالتجميد ثم يبدأ فورا بالتحري عن الأرصدة والتجميد. 

وأشار إلى عدد من الصعوبات الإجرائية الأخرى ومنها اختلاف طريقة كتابة أسماء المتهمين المطلوب تجميد أموالهم والمشكلات المتعلقة بالترجمة، والتأخر في تجهيز الطلبات.

وتابع المستشار السعيد قائلا: "ظلت أوراق طلبات المساعدة القضائية تعاد بعد مضى فترة طويلة بحجة عدم فهرسة وتبويب أوراق الطلب وحفظها في ملف، إنه خلال شهر يوليو 2012 عُقد اجتماع مع مؤسسة بازل لاسترداد الأموال أشار ممثل مؤسسة بازل - الذي كان يعمل بوزارة العدل السويسرية مسؤولا عن الملف المصري – إلى تلك الصعوبات مؤكدا أن عملية استرداد الأموال ستستغرق الكثير من الوقت والمال وأضاف أن من وجهة نظره أن أسرع وسيلة لإعادة الأموال هي التفاوض مع المتهمين وتحرير تفويض منهم موجه إلى السلطات السويسرية وأكد هذا التوجه الاجتماعات التي عقدت مؤخرا على هامش المنتدى العربي لاسترداد الأموال الذي عقد بتونس في الفترة من 8 – 10 ديسمبر 2015 ، وهو الأمر الذي دفع بالمشروع المصري إلى إجراء تعديلات ببعض التشريعات العقابية بإباحة التصالح المالي في جرائم العدوان على المال العام والكسب غير المشروع .

وقال المستشار عادل السعيد رئيس جهاز شئون الكسب غير المشروع إن مجهودات الأجهزة القضائية المصرية في هذا المجال أسفرت عن استصدار قرار من الاتحاد الأوروبي بتاريخ 21 مارس 2011 متضمنا أسماء 19 شخصا تم تجميد أموالهم في دول الاتحاد الأوروبي وقد تم تجديد هذا القرار سنويا منذ ذلك التاريخ حتى الآن، كما صدر قرار بالتجميد من دولة سويسرا بتاريخ 14 فبراير 2011 بشأن أسماء 14 شخصا من أسماء المتهمين المسئولين السابقين وأفراد أسرهم.

كما أسفرت الجهود المصرية عن إنشاء السلطات البريطانية فريق عمل خاصا من أجل إنجاز الإجراءات الخاصة بطلبات المساعدة القضائية المرسلة إلى السلطات البريطانية، حيث تم عقد عدة لقاءات ثنائية بين السلطات في الدولتين نتج عنها إبرام مذكرة تفاهم في 4 يوليو 2014 بمقتضاها التزمت السلطات البريطانية بتوفير كافة المعلومات القانونية والمالية التي تتوصل إليها من خلال مؤسساتها المالية لاستخدامها في إعادة الأموال المنهوبة إلى مصر.

وعن الصعوبات التي تواجه تتبع الأموال المهربة، قال "السعيد" إن تتبع الأموال المهربة لا يخلو أبدا من الصعوبات البالغة الناجمة عن طبيعة جرائم الفساد وتطورها في الوقت الحالي لتنوع سبل ارتكابها واختلاف أشخاص مرتكبيها وستر بعض الجهات والمؤسسات الكشف عن مصدر التدفقات المالية الضخمة التي تتلقاها وتداخل واختلاط جانب منها باقتصاديات بعض الدول فضلا عن تباين الأنظمة التشريعية فيما بينها.

ودعا إلي دراسة إنشاء لجنة خبراء من جميع الدول الأفريقية تكون مهمتها العمل على وضع دليل استرشادي لدول القارة لاستعراض أفضل الممارسات في شأن تنفيذ بنود الاتفاقية الأفريقية من حيث التجريم واسترداد العوائد وتسليم المجرمين والتعاون الدولي وكيفية إعداد طلبات المساعدة القضائية وتبادل المعلومات على غرار الدليل الاسترشادي الصادر عن الأمم المتحدة بشأن تنفيذ الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، ودراسة جدوى إنشاء آلية يمكن لدول القارة الالتجاء إليها بشأن أي نزاع ينشأ بينها بخصوص تجميد واسترداد الموجودات المتحصلة من عوائد الفساد على أن يكون الاتجاه إلى هذه الآلية اختياريا بالاتفاق بين الدولتين أو الدول التي ينشأ بينها اختلاف بشأن تنفيذ بنود الاتفاقية الأفريقية لمكافحة الفساد. 

ودعا إلى عقد لقاءات دورية بين الجهات السلطات المعنية بمكافحة جرائم الفساد لاستعراض الجهود والتجارب العملية في نطاق تجميد ورد متحصلات جراء الفساد للإفادة منها وما طرأ عليها متن سلبيات لتداركها وتلافيها.

وأكد السعيد أن جهاز الكسب غير المشروع بوزارة العدل بحسبانه أحد الأجهزة القضائية المعنية بتعقب الفاسدين والتحقيق معهم واسترداد ما نهبوه من أموال نرحب دوما بالتواصل مع جميع الأجهزة النظيرة في دول الاتحاد الأفريقي وعلى استعداد لترتيب لاستقبال المختصين من وفود العاملين في مجال مكافحة الفساد للاطلاع على الأنظمة المعمول بها في نطاق مكافحة جرائم الكسب غير المشروع لتبادل الخبرات المكتسبة إلى طالبيها وذلك كله إعمالا للالتزامات الواردة في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد واتفاقية الاتحاد الأفريقي بمنع الفساد و مكافحته بأمل تحقيق تطلعات جميع نحو الانتصار في معركة مكافحة الفساد.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة