الدكتور مصطفى الزائدي، الأمين العام للحركة الشعبية الوطنية الليبية،
الدكتور مصطفى الزائدي، الأمين العام للحركة الشعبية الوطنية الليبية،


حوار| أمين الحركة الشعبية الليبية: ليبيا في خطر.. قد تفقد هويتها العربية والإسلامية

نادر عيسى- عبدالله علي عسكر

الخميس، 20 يونيو 2019 - 07:12 ص

تحدث الدكتور مصطفى الزائدي، الأمين العام للحركة الشعبية الوطنية الليبية، ووزير الصحة الأسبق، عن الخطر الذي يحيط بالدولة الليبية، ومشاريع التقسيم التي يجرى التخطيط لها، ومحاولة اقتلاع الدولة من هويتها العربية والإسلامية، واقتطاعها من الحضن العربي.

 

دور الأمم المتحدة ومبعوثيها إلى ليبيا ودور القوى الوطنية الليبية في دعم الجيش الوطني الليبي كان حاضرا أيضا في حديث «الزائدي» خلال معارك القوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر التي يخوضها نيابة عن الشعب لبناء دولة ليبية قوية ذات سيادة، وتطهيرها من العصابات والمليشيات والإرهاب الذي يطبق على كل منافذها تحت رعاية حكومة الوفاق التي أفرزتها اتفاقية الصخيرات... كل ذلك وغيره في حواره التالي.

 

 

ما دور القوى الوطنية في دعم الجيش الليبي

القاهرة خلال اليومين الماضيين استضافت لقاء القوى الوطنية الليبية، وهذا اللقاء له قوة سياسية وقبلية وثقافية، حيث حضره ممثلون من كافة أطياف المجتمع الليبي، وأن هذا الحضور الكبير جاء إلى القاهرة لإعلان دعم الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة بلقاسم حفتر.

 

كيف ترى الدعم الشعبي للجيش الوطني الليبي؟

 

 أن الجيوش حاضنتها الشعوب، فجيش بلا شعب أو شعب بلا جيش تكون المحصلة «لاشيء»، فالجيش هو الأمان والأمن والحصن للشعوب المختلفة، ولذلك عندما يلتقي هذا جمع من الشرق والغرب والجنوب الليبي باتجاهاتهم المختلفة في لقاء القاهرة، ويتفقون أن الجيش هو أساس بناء الدولة الجديدة المدينة فهذا أكبر دليل على وقوف الشعب مع جيشه، فلا يمكن أن تؤسس دولة دون تأسيس مؤسسة عسكرية وأمنية ضامنة لقيامها.

 

 

في ليبيا الوضع مختلف جدا لأنه بعد 17 فبراير ضربت المؤسسة الأمنية وكذلك العسكرية بعد تدخل الناتو وسقطت مؤسسات الدولة وأقيمت مكانها سلطة المليشيات باختلافاتها الجهوية والأيويولوجية وعصابات إجرامية، وسيطرت التنظيمات الإرهابية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين الذين سيطروا على مقاليد ومفاصل الدولة، وتحولت ليبيا من دولة موحدة ذات سيادة إلى دولة فاشلة بدون مؤسسات وسيادة، ولذلك عندما عادت القوات المسلحة لبناء نفسها وكذلك الأجهزة الأمنية دخلت معركة وطنية.

 

إن المعركة الوطنية التي تخوضها المؤسسة العسكرية الوطنية والأجهزة الأمنية تعد مطلبا شعبيا، لذلك يعد لقاء القوى الوطنية الليبية الذي استضافته مصر 17 يونيو الجاري دعما كبيرا في مسيرة معركة المؤسسات الأمنية لتطهير البلاد من الإرهاب والتطرف والمليشيات، وهذا الثلاثي هو بمثابة متلازمة تضرب بلادها ومجتمعاتها وكل شيء تأكل فيه الأخضر واليابس ما لم تجد من يقف أمامها.

 

ما مصير اتفاقية «الصخيرات» حال بسط الجيش سيطرته على العاصمة؟

 

اتفاقية «الصخيرات» لم تر النور، فهي تعد اتفاقا صوريا، بل هي «كذبة»، وفي واقع الأمر هذه الاتفاقية لم يوافق عليها أحد، وأفرزت حكومة السراج التي تمكنت من عقد توافق معين مع المليشيات المسلحة والعصابات في طرابلس لحماية مصالح كل منهما في العاصمة، فمجال عمل حكومة الوفاق أو حكومة المليشيات هي من طرابلس إلى مصراتة، أما باقي ليبيا وما يمثل 90% من التراب الليبي لم تخضع يوما لـ«حكومة الصخيرات».

 

فالجنوب كان يدار بمليشيات مستقلة، وحتى الغرب الليبي يدار بمليشيات أخرى، فمصراتة فيها لها مليشياتها، والزاوية أيضا وطرابلس، وكل منها لا سلطة للدولة عليها، ما كان يمثل دويلات صغير داخل الدولة، لذلك يمكن أن نقول إن اتفاقية الصخيرات خرجت ميتة لأنها خرجت بطريقة غير شرعية، فلا تمثل سوى أن مجموعة مجهولة عقدوا لقاء وكتبوا بينهم اتفاقا، فأي اتفاق لا يتوافق عليه الشعب لم ولن ينجح، لذلك نستطيع أن نقول إن اتفاقية الصخيرات «نكتة من التاريخ».

 

 

ما طبيعة المواجهة العسكرية في طرابلس؟

القوات المسلحة الوطنية انطلقت في مسيرتها رغم الصخيرات، فانطلقت لتطهير بنغازي ودرنة والجنوب ومنطقة الهلال النفطي والآن تقود معركة نهاية اللا دولة في العاصمة طرابلس لبناء الدولة الجديدة، فأغلب المنطقة الغربية في العاصمة وثلث المدينة الآن بيد الجيش، وما يخرج عن سيطرة القوات هو مركز المدينة، أما طرابلس الكبرى ومطار طرابلس والمناطق المحيطة هي الآن تحت سيطرة الجيش.

 

كيف ترى دور الغرب والأمم المتحدة في حل الأزمة الليبية؟

إن تدخل الغرب هو سبب الأزمة الليبية، لو ترفع تلك الدول أيديها عن التدخل في ليبيا ستحل المشكلة، فالحل يأتي دائما من الداخل، ومثال ذلك اللقاء الأخير الذي استضافته القاهرة، وهو لقاء عدد من ممثلي القبائل والشعب الذين يلتقون لأول مرة، ورغم اختلافهم سياسيا وجهويا وأيديولوجيا وجغرافيا فإنهم اجتمعوا وتوافقوا، وأرى أن حل الأزمة الليبية يتلخص في أمرين، هما نزح سلاح المليشيات، وعودة المؤسسات الوطنية وعلى رأسها القوات المسلحة وستنتهي كل الأزمات.

 

هل للمبعوث الأممي دور ملموس في حل الصراعات السياسية؟

 

للأسف سبب الأزمة الليبية هو تدخل الأمم المتحدة خلال ثورة 17 فبراير 2011، واستمرت الأزمة في التعقيد نتيجة دور المبعوثين الأمميين كلهم، ففي عام 2014 جرت انتخابات تشريعية في ليبيا، وأفرزت فوز مرشحي التيارالوطني والليبرالي بأغلبية المقاعد، بينما تحصلت جماعة الإخوان المسلمين على 12مقعدا، ورغم أن نسبة الإقبال كانت ضعيفة ومثلت نحو 18% فقط من الناخبين، لكنها كانت انتخابات، وحينما علم الإخوان بفقدهم السيطرة على المجلس طالبوا بتشكيل حكومة مختلطة، ثم قاطعوا المجلس فتدخلت الأمم المتحدة في الأزمة بما يسمى الحوار الوطني بين المقاطعين وغيرهم.

 

ورغم أن نحو 180 عضوا برلمانيا عقدوا جلستهم في طبرق، وهو عدد يمثل أغلبية تفوق ثلثي مجلس النواب، فإن المبعوثين الأمميين تدخلوا وأفشلوا هذا المشروع، فالسيد رناردينوليون المبعوث الأممي عام 2014 له دور كبير في إفشال هذا الاستحقاق الديمقراطي، مثله مثل الدكتور غسان سلامة المبعوث الأممي الحالي الذي استبشرنا خيرا بقدومه، لكن للأسف الشديد وجدناه وجهة نظره تميل نحو سيطرة المليشيات والجماعات الإسلامية خاصة الإخوان المسلمين.

 

نؤكد أنه لم يكون هناك جهد حقيقي من كل المبعوثين الأمميين الستة لحل الأزمة الليبية، بل هم من يؤزمونها، فغسان سلامة عندما يعمل على المساهمة في حل أزمة تنتهي إلى حرب، فمثلا المؤتمر الجامع الذي دعا إليه المبعوث الأممي العالم الماضي 14 إبريلفقبله في 25 مارس حتى 30 من الشهر ذاته لم يكن أحد يعلم من الحضور في المؤتمر وما جدول أعماله، فكيف تتحدث عن مؤتمر وطني الشعب لا يعلم عنه شيئا، فهذا عبث حقيقي.

 

فعندنا في ليبيا 4 أو 5 أطراف ومن المفترض أن يحدد كل طرف ممثليه أما «سلامة» فاختار بنفسه، فيقول مثلا فلان الفلاني يكون ممثلا عن الجيش وعلان يكون ممثلا عن مجلس النواب فالمفترض كل طرف هو من يحدد من يمثله في أي حوار أو ملتقى وطني، لكن ما حدث كان عبثا بمعنى الكلمة، وكما بدا لي أن «سلامة» كان يريد عقد أي مؤتمر بأي صيغة باي حضور أو أي اشخاص فكان هناك كثير من الأشخاص الذين حضروا المؤتمر لا حيثيات لهم وغير معروفين، ولهذا استطيع أن أقول إن غسان سلامة ساهم تأزيم المشكلات في ليبيا وليس حلها.

 

هل شاركت التنظيمات أو العناصر الإرهابية في مفاوضات المبعوث الأممي؟

 

الأمم المتحدة دائما تعلن أنه لا تفاوض مع الإرهاب، لكن السيد غسان سلامة مع تقديرنا له يدعو كثيرا الإرهابيين إلى المشاركة في لقاءاته، فالاجتماع الذي عقده المبعوث الأميي في مدينة الحمامات بدولة تونس خلال شهر يناير الماضي ضم 16 شخصا كان بينهم 3 من قادة الإخوان المسلمين الجماعة المقاتلة الإرهابية، فهو بذلك يخالف القرارات الدولية.

 

هل هناك انحياز من المبعوث الأممي لصالح طرف دون آخر؟

 

الأمم المتحدة لن تحل أزمة على مدى تاريخها، من أول أزمة فلسطين إلى قبرص، فأنا أرى أن المنظمة الأممية تدير الأزمات ولا تسعى لحلها، فغسان سلامة هو جزاء من إدارة الأزمة الليبية وليس حلا لها.

 

كيف ترى دور دول الجوار في حل الأزمة في البلاد؟

 

بعض دول الجوار غارقة في مشاكلها وتواجه العديد من المشاكل، فتونس تواجه أزمات كبيرة، وكذلك الجزائر، وأن أغلب الإرهابيين يأتون عن طريق تونس والجزائر وأفريقيا.

 

وبما ترى الدور المصري؟

 

معظم دول الجوار تربطها مصالح بليبيا، لكن أقولها حقيقة وليس مجاملة إن مصر من أكثر الدول التي ترتبط مصالحها مع ليبيا، وأكثر الدول التي تسعى لحلحلة الوضع المتأزم، فليبيا أمن قومي لمصر، ومصر أمن قومي لليبيا، وكذلك تونس، فهي قاعدة أساسية تحكمها مواقع الدول الجغرافية.  

 

هل ترى أن هناك من يستفيد من تأزم الوضع السياسي في ليبيا؟  

 

ليبيا دولة كبيرة جدا ذات سكان قليلين، لديها ثروات نفطية هائلة بجانب موقعها المتميز بين المشرق والمغرب العربي، وهناك دول ومافيا إجرامية تعتقد أن استقرار ليبيا يهدد مصالحها، بجانب أن هناك مؤامرات كبرى تدبر لتلك البلد، وهناك تخطيط لتنفيذ مشروعات كبيرة وخطيرة جدا، منها مشروع توطين المهاجرين في ليبيا، ونهب ثرواتها، كما أن التنظيمات الإرهابية تجد أن ليبيا مكانا آمنا لهم لصحرائها الشاسعة، وكذلك موقعا مميزا لتجار المخدرات العابرة للحدود وتجار البشر لقربها من أوروبا.

 

 

هناك خشية كبيرة على وحدة الأراضي الليبية وهويتها، فقد يراد بها أن تكون حاجزا بشريا بين المشرق العربي والمغرب العربي، فلو تم توطين المهاجرين الأفارقة بما يقدر مثلا 10 ملايين شخص في ليبيا، فتصبح ليبيا دولة أخرى غير عربية وبل وحتى غير إسلامية فتعزل جزءا من الوطن العربي جزء آخر، أيضا هناك مشروع التقسيم فهو موجود بالفعل ومطروح بقوة، وهذا كلام لا أدعية بل طرح بالفعل في أوروبا علنا.

 

هل هناك دول بعينها له دور في دعم الإرهاب في ليبيا؟  

إذا تحدثنا عن الإرهاب فلابد أن نذكر مشروع الإخوان المسلمين، فهو ليس مشروعا وطنيا بل هو عابر للحدود تموله دولتا قطر وتركيا، فتركيا مصابة بداء إعادة الخلافة وتسعى لتحقيقها بشتى الطرق، وهما دولتان تدعمان وتمولان المنظمات الإرهابية في ليبيا، ليس في ليبيا وحدها بل في مصر وتونس والجزائر واليمن.

 

ما حقيقة الصراع الفرنسي الإيطالي على ليبيا؟  

 

هناك خلاف مصالح ربما، ففرنسا وإيطاليا تتضرران كثيرا من استمرار الأزمة الليبية، فأوروبا بها مشاكل كبيرة، وسياسيا بها عدة محاور، فهناك المحور الإنجليزي الإيطالي، والمحور الألماني الفرنسي، وحقيقة لست مطلعا على طبيعة الخلاف الإيطالي الفرنسي.

 

ثروات النفط الليبي.. أين تذهب؟

 

إن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المهندس مصطفى صنع الله، محسوب على جماعة الإخوان المسلمين، ولا شك أن أموال النفط سُخرت في غير مصالح الشعب الليبي، فالليبيون الآن لا يستطيعون الحصول على نقودهم في المصارف لعدم وجود سيولة، والمستوى المعيشي تراجع إلى القرن التاسع عشر، فلا توجد كهرباء ولا غاز ولا وقود، فالموارد كلها تذهب لجهات أخرى، تارة لدعم المنظمات الإرهابية، وتارة تذهب لبعض الدول.

 

ما دور الجهات الرقابية في ليبيا؟     

الفساد في ليبيا ليس سريا بل معلنا، فديون المحاسبة أصدر تقريرا خطيرا العام الماضي، فحكومة الوفاق أعلنت أنها صرفت خلال عامين 277 مليار دولار في الوقت الذي لم يبن حجر واحد في ليبيا، والمواطنون لا يجدون مرتباتهم

  

هل ترى أن حل الأزمة بات قريبا؟

 

نعم أراه قريبا، فبمجرد سيطرة الجيش الوطني الليبي على العاصمة طرابلس يفرض واقعا جديدا نحول مستقبل بناء دولة حقيقة قوية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة