الكاتب الصحفي عمرو الخياط
الكاتب الصحفي عمرو الخياط


عمرو الخياط يكتب| الطريق إلي ٣٠ يونيو «١-٢»

عمرو الخياط

السبت، 22 يونيو 2019 - 02:11 ص

‎بضعة أيام تفصلنا عن الذكري السادسة لثورة ٣٠ يونيو، ستة أعوام شهدت زخما كثيفا من الآلام والآمال قدمت مصر خلالها مئات الشهداء، خلال الذكري السادسة سنحاول توصيف حقيقة هذه الثورة، ماذا حدث، وما حتمية حدوثه، وكيف سيكون الوضع إذا لم يحدث ما حدث ؟.

‎خلال مقالين متتاليين سنحاول الوقوف علي طبيعة العلاقة بين هذه الثورة وفكرة الدولة، ليس هذا فحسب بل علاقتها بالفعل الثوري الذي سبقها منذ يناير ٢٠١١.

‎بداية سنستعرض أركان حالة الإدراك الجمعي الذي ارتكزت عليه ثورة ٣٠ يونيو والتي ولدت حالة توحد شعوري وفكري نادرة من خلال عناصر الإدراك التالية:
‎إدراك قيمة الدولة المصرية.
إدراك حقيقة تنظيم الإخوان.
إدراك خطورة الأبعاد الإقليمية والدولية للحالة.
إدراك خطورة استمرار الوضع

‎حالة غريزية وفطرية..  الخوف على الوطن المصري تولدت منها حالة زحف جارفة متوحدة علي هدف إنقاذ الدولة المصرية.

في حتمية حدوث ثورة ٣٠ يونيو يقول المستشار الراحل العظيم عوض المر (إذا لم توفق الثورة أوضاعها مع المفاهيم والقيم الدستورية وظل نشاطها ومنهاجها تعبيرا عن توحشها من خلال السلطة التي تستبد بها، وبنقضها ما توقعه الشعب منها فإن طاعتها لا تكون واجبة عليه، وإنما يكون له الحق في التمرد عليها وعصيانها وإزاحتها عن مقاعد السلطة، لضمان حقوقه التي تكفلها النظم الديمقراطية).

‎يقول عوض المر تلك هي «الثورة على الثورة»‬.
‎وكأنه يستشرف المستقبل ليقدم توصيفا دقيقا لما حدث في ثورة يونيو، بل ويقدم سندا دستوريا لقانونية ما حدث.

‎بهذا الوصف يمكن الحديث عن حقيقة ما حدث باعتباره اكبر عملية إنقاذ تاريخية لوجود الدولة المصرية.
‎ في الحديث عن حتمية ثورة ٣٠ يونيو لابد من التوصيف المباشر لهذه الحتمية لحسم إشكالية العلاقة وإشكالية الصراع، لنقول بكامل اليقين الوطني إننا أبدا لم نكن بصدد صراع قانوني بين الشرعية وعدم الشرعية بل صراع وجودي ما بين الدولة واللادولة.

‎على ذلك فان ثورة ٣٠ يونيو لم تكن أبدا فعلا ثوريا تقليديا بل واجب وطني ثوري يتجاوز الصراع السياسي الظاهر على السلطة ليرتقي إلى مرتبة المسئولية الوطنية التاريخية في الدفاع عن كيان الدولة المصرية وعن السلام الاجتماعي لهذه الدولة.

‎نحن أمام حالة أشبه بحتمية العبور عام ٧٣.
‎ وفي مفهوم «الثورة على ‬الثورة» ‬فإن ٣٠ يونيو تجسيد حرفي لهذا المفهوم، لنكشف هنا عن حقيقة لا يمكن إغفالها وهي إن وصول الإخوان للسلطة لم يكن ناتجا عن حالة نضال سياسي مشروع بل نتيجة سطو تنظيمي مسلح علي الفعل الثوري الحادث في يناير، ولذلك فإن استخدام الشرعية المزعومة غير جائز لأن أساس نشأتها هو عملية سطو غير شرعية.

‎لا يجوز هنا الحديث عن انتخابات جرت بقوة القصور الذاتي لعملية السطو وقبل انكشاف حقيقة من قام بهذا السطو والذي رغم وصوله للحكم لم يستطع التخلي عن السلوك العصابي، كما أنه لم يبد أي التزام بمفهوم قواعد الدولة، فسحب المشهد بالكامل إلي خارج حدود الدستور والقانون ليجعل من الفعل الثوري خيارا وحيدا ومحسوما وحتميا.

‎هنا نكون قد وصلنا إلي إبطال كامل لنظرية «الشرعية الإخوانية» المستمدة أساسا من عمل غير شرعي، وبذلك فإن استمرار ما يمكن وصفه بالحراك الإخواني لاسترداد هذه الشرعية ما هو إلا استمرار لسلوك غير شرعي يستهدف كيان الدولة المصرية.

‎بهذه النتيجة نكون قد وصلنا إلي بداية الطريق لمعرفة السبب الحقيقي للسلوك الهيستيري الإخواني تجاه ثورة ٣٠ يونيو التي منحت الشعب المصري فرصة تاريخية غير مسبوقة للتعرف العملي علي حقيقة تنظيم الإخوان وعلي حقيقة كونه خارج النسيج الوطني للدولة المصرية واستحالة اعتباره بأي صيغة جزءا من التركيبة السياسية لبنيان الدولة، ولذلك فإن المصريين خلال إرهاصات ٣٠ يونيو ظهروا كمن يقاوم محتلا أجنبيا وليس فقط كمن يثور علي سلطة غاشمة.

‎انتهينا من محاولة توصيف ٣٠ يونيو وصولا إلى أن هذا التوصيف هو عنوان لشرعية الفعل الثوري الذي جري بعدما تجاوزت الحالة عملية الصراع السياسي إلي عملية وجود الدولة أساسا.

‎في الجزء الثاني من المقال سنستكمل الحديث عن كيفية تكون وتراكم الحالة الثورية، وعن تصورات وضعية الدولة المصرية إذا لم يحدث ما حدث.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة