الجامعة العربية
الجامعة العربية


فلسطين: مساعدات المانحين انخفضت 60% نتيجة توقف الدعم الأمريكي

نادر غازي

الأحد، 23 يونيو 2019 - 12:41 م

أكد وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة، أن مساعدات المانحين انخفضت بشكل حاد خلال الستة أعوام الماضية من معدل 1 مليار دولار قبل العام 2013 إلى أقل من 450 مليون دولار في عام 2018، أي انخفاض بحدود 60% وذلك بشكل أساسي نتيجة توقف الدعم الأمريكي وعدد من الدول الأخرى.

وقال بشارة في كلمته أمام الإجتماع الطارئ لوزراء المالية العرب اليوم بشأن تفعيل شبكة الأمان المالية لدولة فلسطين: بالرغم من ذلك فقد استمرينا في تطبيق إستراتيجيتنا دون إثقال كاهلنا بأي اقتراض مالي إضافي، وتمكنّا من الحفاظ على الدين العام بنسبة متواضعة لا تفوق 11 % من الناتج المحلي.

وأضاف بشارة، أننا نلتقي اليوم ونحن فعلا في فلسطين في وضع مالي على منعطف خطير، فانه خلال الستة أعوام الماضية تم إعتماد استراتيجية تتمحور حول هدفين رئيسيين: الأول: تخفيف العجز الجاري تدريجياً والإبتعاد عن تمويل النفقات الحكومية الإستهلاكية مقابل التوجه نحو تمويل النشاطات الاستثمارية والتطويرية، والثاني: الإستعداد استباقياً للسيناريو الحتمي والمتمثل في تراجع المساعدات المالية الدولية وذلك من خلال تعزيز اعتمادنا على مواردنا المتاحة ذاتياً، مؤكدا أنه مع نهاية العام الماضي كنا قد قطعنا شوطاً متقدماً لتحقيق هذالأهداف، فقد نجحنا في مضاعفة إيراداتنا خلال الأعوام الست الماضية عن طريق الترشيد والإصلاح، بالرغم أننا خفضنا ضريبة الدخل في العام 2016 من 20 إلى 15% وذلك لضخ سيولة بالأسواق وتحفيز القطاع الخاص الفلسطيني، وبذلك تم تقليص العجز الجاري، الذي بلغ 13 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013، إلى 4.5 ٪ في عام 2018 وكنا متجهين لتخفيض العجز هذا العام إلى 2.5% قبل الانتكاسة الأخيرة.

وقال: لكن لكي لا نضلل أنفسنا، فإنه وبالرغم من الانجازات على صعيد إدارة المال العام، إلاّ أننا على يقين بأنه لا يوجد أي بصيص أمل لمأسسة اقتصاد فلسطيني قابل للازدهار والنمو المستدام تحت معوقات الاحتلال العسكري الخانق الذي تجاوز النصف قرن.

كما أضاف وزير المالية الفلسطينى: فكيف يمكن أن نحقق نمواً قابلاً للديمومة في ظل حرماننا من الإستثمار في أكثر من 64% من أراضينا المعروفة بمناطق (ج) والتي أصبحت يوماً بعد يوم مخصصة لتطوير المستوطنات وللاغراض العسكرية الإسرائيلية، وكيف يمكن أن نطور البنية التحتية ونطور وسائل النقل بين مدننا أو نطور مشاريع إسكانية في تلك المناطق، فكيف يمكن تطوير القطاع الزراعي أو استغلال المصادر الطبيعية في ظل استمرار حرماننا من أبسط حقوقنا والمتمثلة بحق الوصول إليها واستخراجها.

وتسائل: كيف يمكن تطوير القطاع السياحي في ظل حرماننا من حقنا في الوصول إلى القدس الشرقية والأماكن المقدسة فيها التي أنعم الله عليها بكونها تاريخياً من أهم المعالم الدينية والسياحية، والذي يجهله العالم أن معظم الفلسطينيين محرومين من وضع قدمهم فيها، وكما يعلم الجميع نحن لا نتمتع بحرية الحركة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أن حركة المواطنين والسلع داخلياً تتعرض لسلسلة معيقات من الحواجز العسكرية في الضفة الغربية تزيد عن 700 حاجز عسكري إسرائيلي، ومن هنا كيف يمكن حتى أن نقيس اقتصادنا ولو نسبياً عندما لا نسيطر على حدودنا ومياهنا وهواؤنا ولا نتمتع بأي سيطرة على أي مرفأ يربطنا مع العالم الخارجي.

وقال إن هذا الواقع المرير، يولّد تلقائيًا عجزًا تجارياً متأصلاً في السلع والخدمات لصالح إسرائيل يبلغ حالياً حوالي 6 مليار دولار سنوياً ونتيجة لواقع الحال غير المتوازن أصبحنا معتمدين بشكل أساسي على الضرائب والرسوم الجمركية التي يتوجب على اسرائيل إعادتها لنا شهرياً وفقًا للاتفاقيات المبرمة وفي طليعتها بروتوكول باريس لعام 1995، وللتذكير هذا البروتوكول ينص على أنّ الضرائب ورسوم الجمارك تستوفى وتعاد إلى مكان الإستهلاك النهائي، بمعنى أن هذه الأموال تدفع مسبقاً من قبل الفلسطينيين حكومةً ومواطنين لكي تعود لنا بعد 50 يوماً منقوصة من عمولات وتكاليف واقتطاعات وجزء كبير منها دون أي تفسير أو شروحات شفافة. 

 

وأضاف أنه نتيجة العجز التجاري لصالح إسرائيل وحجم الاستيراد منها، أصبحت قيمة الضرائب التي يتوجب على إسرائيل إعادتها لنا تقدر بحوالي 200 مليون دولار شهرياً أي ما يعادل 2.4 مليار دولار سنوياًوبمكر واستغلال لا مثيل له فقد شوهت إسرائيل على مدار ال25 عام الماضية الأطر الناظمة بشأن إعادة الضرائب، موكدا إن إسرائيل لجأت إلى تجميد إعادة المبالغ للسلطة واستخدامها كوسيلة للإكراه السياسي وفرض مطالب علينا وفي كل مرة أقدمت إسرائيل على هذه الخطوة الحقت ضرراً مدمراً بالخزينة العامة وباقتصادنا.

وأوضح الوزير الفلسطينى أن إسرائيل تستغل شهرياً نقطة ضعفنا المتمثلة بحاجتنا الماسة والملحة لإستلام أموالنا في موعدها لتفرض علينا خصومات ومصاريف مضخمة دون أي وجه حق، وعليه فقد تمكنت إسرائيل خلال الفترة الماضية من إستغلال ضعفنا المالي واعتمادنا الشبه تام على عائدات الضرائب والرسوم كوسيلة للسيطرة المطلقة على وضعنا المالي والإقتصادي مما جعل الإحتلال العسكري احتلالاً بالغ الربح، ودون أي شك لم ولن نتنازل عن مطالبنا المالية وسنلجأ لكافة الطرق المتاحة لاسترجاع اموالنا ووقف قرصنة الاحتلال.

وأشار إلى أن اسرائيل أعلمتنا بقرارها بخصم مبالغ إضافية من اموالنا تبلغ 12 مليون دولار شهرياً أي 144 مليون دولار سنوياً، وبررت إسرائيل هذا القرار أنه إجراء عقابي أقره الكنيست الإسرائيلي لمعاقبة السلطة على ما نقوم به من دعم وتأمين رواتب، وبدلات إجتماعية، ومساعدات إنسانية لصالح عائلات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والجرحى وعائلات الشهداء، فكان الرد الفلسطيني موحداً، قيادةً، وشعبا،ً ورأياً عاماً بإعتبار الخطوة الاسرائيلية الأخيرة الشعرة التي قسمت ظهر البعير، واليوم أرى من المناسب توضيح ثوابتنا المبدئية التي كونت موقفنا: أولاً: عندما تلتحم القوة العسكرية القاهرة مع الفكر الصهيوني الاستعماري فكان الله في عون الضحايا فالمليون فلسطيني الذين أُسروا وخرجوا من السجون الإسرائيلية منذ عام 1967 ومئات الآلاف من الجرحى والشهداء، هم في طليعة هؤلاء الضحايا، وعندما نقوم بواجبنا الإنساني للتخفيف من صدماتهم ومآسيهم تأتي اسرائيل وتعاقبنا على ذلك،فهذا هو قمة الإجحاف القانوني والاخلاقي، وثانياً، إن الافتراض الاسرائيلي بأن الشعب الفلسطيني يلجأ الى أعمال عنف لدوافع مالية فقط، هو افتراض عنصري بإمتياز ومثير للإشمئزاز.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة