المستشار خالد محجوب خلال الحوار
المستشار خالد محجوب خلال الحوار


حوار| المستشار خالد محجوب: الجماعة هددتنى بالانتقام لأتنحى عن قضية «الهروب الكبير»

عمرو خليفة

الأحد، 30 يونيو 2019 - 12:44 ص

- الجماعة هددتنى بالانتقام لأتنحى عن القضية وحاولوا إحالتي للمعاش

- الشعب المصرى هو البطل الحقيقى لـ 30 يونيو بفضل وعيه وتماسكه ومساندته لقيادته

- الشهيد هشام بركات قال لى: «ربنا معاك.. وكل مؤسسات الدولة ضدك»

سجل اسمه بحروف من نور فى تاريخ القضاء، حكم فى العديد من القضايا الهامة التى أثرت فى الرأى العام، وارتبط اسمه بقضايا تمس حضارة وتاريخ مصر، ساقته العناية الإلهية لإنقاذ مصر من أنياب الإخوان، كشف عن أشخاص خانوا الوطن، وأضروا بأمنه طمعًا فى السلطة.. هو المستشار خالد محمد على محجوب، الرئيس بمحكمة الاستئناف والمحاضر بقسم القانون الجنائى بأكاديمية الشرطة، والذى حكم فى قضية هروب السجناء من سجن وادى النطرون، كما كان امينا عاما للجنة الجرد فى قضية قصور الرئاسة إبان ثورة 25 يناير.
 «الأخبار» التقت المستشار خالد محجوب، للحديث حول كواليس قضية هروب سجناء وادى النطرون التى فتحت «طاقة جهنم» على الجماعة الإرهابية، والمعروفة إعلامياً بالهروب الكبير.. وهى القضية التى أعلنت سقوط شرعية النظام الإخواني، قبل أن يخرج الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو ليسقط ذلك النظام، وكذلك عن ما تعرض له من تهديدات لغلق ملف القضية.. وفيما يلى نص الحوار:

 كيف تحولت القضية من محاكمة مواطن عادى قضت المحكمة ببراءته.. إلى قضية رأى عام كانت البداية لإسقاط شرعية نظام الإخوان؟
- الظروف التى نظرت خلالها الجنحة كانت متعلقة بأحد السجناء الهاربين من سجن وادى النطرون وتم إلقاء القبض عليه، هو ومجموعة أخرى ضمت أكثر من 320 هاربًا من السجون المصرية بمحافظة الإسماعيلية.. ومن هذا المنطلق كان تحقيق المحكمة النهائى فى كشف الحقيقة وما توصلت إليه من أدلة.
فالمحكمة لها التحقيق النهائى فى الدعوى فى ضوء الحدود القانونية والقضائية التى أقرها القانون، وأثناء نظرها تمسكت هيئة دفاع المتهم بسماع شهود وتقديم أدلة على أن السجون المصرية تعرضت للاقتحام وتهريب سجنائها.. ومن هذا المنطلق تم استكمال باقى التحقيقات فى القضية حتى تم الفصل فيها بتاريخ 23 يونيو 2013.
وأحب أن أوضح أن القضية بدأت بمحاكمة مواطن بسيط تمت فى النهاية تبرئته، لنحيلها للنيابة العامة للتحقيق فيها مع رأس الدولة آنذاك المعزول محمد مرسى وأعضاء نظامه.
خيانة
ما المعلومة التى استوقفتك أثناء نظر القضية وجعلتك تشعر بالخوف؟
- لحظة توصلى إلى معلومات تفيد بأن قيادات تنظيم الإخوان الإرهابى متورطون فى خيانة البلاد، وانتهاك السيادة المصرية، حيث شعرت بالخوف، ليس على نفسى، ولكن على البلد.
 من الذى طلب غلق ملف القضية؟
- بدأت محاولات غلق القضية فى الفترة من فبراير 2013 حتى 23 يونيو من نفس العام وهو تاريخ صدور الحكم، من خلال طلب بغلق ملف القضية بفريق مكلف من النيابة العامة التى كان يشرف عليها القاضى طلعت عبدالله «النائب العام» آنذاك – وهو يعتبر كادراً إخوانياً – من خلال تسجيل الأمر فى محضر الجلسة، ونحن أعلنا ذلك فى فبراير 2013 بعدما أمتنع الجميع عن تنفيذ قرارات المحكمة، إلا أن قانون الإجراءات الجنائية أعطانا الحق فى استخدام حقنا من المحكمة من تكليف مأمور الضبط القضائى بتنفيذ قرارات المحكمة فى حالة امتناع النيابة، وكنا نصدر قرارات دون أن تُختم من النيابة إلا أنها كانت تُسلم لمأمور الضبط القضائى بعد التأشير عليها يعتمد دون ختم.


وبالفعل تم مخاطبة مساعد أول وزير الداخلية لمنطقة القناة فى ذلك الوقت اللواء صلاح زيادة الذى قام بواجبه القانونى، وساهم هذا الأمر فى تنفيذ قرارات المحكمة بعد أن غلت يد المحكمة فى تنفيذ طلباتها.


كما حاول أعضاء الجماعة إقصائى من نظر الدعوي، من خلال تدخل محامى التنظيم الإخوانى وأستغل ثغرة قانونية فى قانون الإجراءات الجنائية وأثبت حضوره منضمًا إلى النيابة العامة.. وهو الأمر الذى رفضه ممثل النيابة باعتبار أنها التى تباشر التحقيق دون غيرها، وكان هذا الموقف من قبل ممثل النيابة العامة وكيل النائب العام هيثم فاروق مشرفًا ومدافعًا بكل قوة عن اختصاصه، إلا أن الثغرة القانونية منحت المحامى الاستمرار فى الدعوى ومحظور على المحكمة منعه من الاستمرار فى الأمر فسمحت له طبقًا لقانون المرافعات ومن هنا بيت الأمر وتمكن من اللجوء إلى محكمة استئناف الإسماعيلية لرد المحكمة الذى انتهى برفض طلبه وتغريمه 4000 جنيه، ثم عاود المحامى مرة أخرى لرد عضوى الدائرة مستخدمًا ذلك الحق إلا أن محكمة النقض قد عالجت هذا الأمر بأن طلب الرد للمرة الثانية لا يوقف الاستمرار فى الدعوى ولا يؤدى إلى وقفها ومن ثم كان الطلب بلا أثر ولكن كان الهدف منه أن يوقف عمل المحكمة فى نظر القضية.
المستشار الشهيد
حدثنا عن دور المستشار الراحل هشام بركات وقت القضية وكذلك المستشار نبيل صليب رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية آنذاك؟

- حينما لجأ محامى الإخوان لردنا يعرض الأمر على رئيس المكتب الفنى لمحكمة استئناف الإسماعيلية للبت فيه، وفى هذه الحالة تتواصل محكمة الاستئناف مع العضو المردود لتقديم دفاعه فى الدعوي، وهنا تواصل معى المستشار الجليل الراحل الشهيد الصائم هشام بركات الذى كان يشغل وقتها رئيس المكتب الفنى لمحكمة استئناف الإسماعيلية، ،وأذكر العبارة التى قالها لى «روح يا ابنى ربنا معاك كل مؤسسات الدولة ضدك.. ربنا يوفقك ويوفقنا»، وبعد ذلك الحديث توجهت صباح يوم نظر طلب الردإلى المحكمة لتقديم دفاعى وسط حشود التنظيم الإخوانى وقمت بتقديم الدفاع، وقررت المحكمة فى نهاية الجلسة حجز القضية للحكم صباح اليوم التالي.


وهنا أذكر القاضى الجليل رئيس الدائرة التى تنظر طلب الرد المستشار الجليل مجدى الخضيري، الذى توفى والده بعد حجز الدعوى للحكم، ولكنه حضر فى صباح اليوم ليودع الحكم قبل جنازة والده، وكان له أثر طيب فى استمرار المحكمة فى نظر الدعوي، لأنه لو تم مد أجل الحكم أو تأجيل القضية فكان يتعين طبقًا للقانون أن يتم وقف الدعوى التى أنظرها حتى يفصل فى هذا الطلب.


وكذلك أتذكر عندما هاجم أعضاء التنظيم الإخوانى المحكمة، وتعدوا على الحضور وقاموا بإتلاف المحكمة ومحاولة الاستيلاء على أوراق الدعوي، فقد استدعانى المستشار الجليل نبيل صليب رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية آنذاك، ليستعلم عما حدث وقال لى حرفيًا: «القضاء مستقل ولن نسمح بأن ينال أحد من قاض يقوم بعمله أو يعتدى عليه»، وأنه أصدر تعليماته بتنفيذ جميع قرارات المحكمة وتذليل جميع العقبات التى توضع أمامها وتؤمن المحكمة كاملة حتى صدور حكمها، فكان لدور المستشار الجليل نبيل صليب دور عظيم لن ينساه التاريخ، وكذلك دور المستشار الشهيد هشام بركات فى حماية المحكمة دور بطولي.
عرفنا أكثر عن محاولات عزلك من القضاء بسبب هذه القضية؟
- فوجئت بدعوى منظورة أمام محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 3 يونيو 2013 بإلغاء القرار السلبى بالامتناع، وهو قرار تعيينى فى النيابة العامة، مطالبين بإحالتى إلى المعاش والتأديب، وما يترتب على ذلك هو أن أكون خارج القضاء، وفى تلك الأثناء تحدث معى المستشار الجليل مجدى عبد البارى رئيس محكمة الجنايات أنذاك وحكى لى ما حدث فى دمياط وأن شباب ورجال ومحامى دمياط شكلوا هيئة للدفاع عنى أمام محكمة القضاء الإدارى برئاسة المحامى ضياء العيد، وطلب منى أن أحرر توكيلًا له ليمثلنى أمام القضاء، وتم تداول الدعوى فى الفترة من 3 يونيو 2013 حتى أواخر عام 2017، وقمت باستلام صورة رسمية من حكم رفض الدعوى منذ أيام لكون المحكمة غير مختصة بذلك، فقانون السلطة القضائية كفل كيفية تأديب وإحالة القاضى للمعاش وهذا ما يتمتع به القضاء المصرى من استقلال عن باقى الدول، فهو من يحاسب أعضاء السلطة القضائية بنفسه، وأتقدم بالشكر لأهل دمياط على ما قدموه من صورة مشرفة.
تهديد
كيف تعاملت مع التهديدات التى تلقيتها أثناء نظر الدعوى وبعد الحكم ؟

- لم أعطِ هذا الأمر ثمة اهتمام فالأجل مكتوب وإذا جاء أجلنا فهذا أمر من الله، فلا أحد يمكنه وقفه، ولكنى أرفض أن أعلم بحقيقة وأحجبها، وهذه الحقيقة تضر وطنى وبلدى ولن أخاف من الموت أو القتل أو التهديد، ولقد تلقيت خطابا أثناء نظر الدعوى قام بتسليمه لى حارس العقار يحمل تهديدًا ووعيدًا، وقمت على الفور بإبلاغ مديرية الأمن التى يوجد بها محل إقامتي، وبعد إجراءات التحريات تم تخصيص حراسة أمنية لى وعلى منزلى وعلى أسرتي.
كذلك حاول أعضاء التنظيم الإرهابى نشر أكاذيب حول أسرتى ومنها، تزويرهم شيكا بنكيا باسم والد زوجتى متهمين إياه بأنه أحد أعضاء النظام السابق، ورفضنا أن نأخذ أى إجراءات حيث أننى فى القضاء وإذا أتخذت أى إجراءات أكون ابتعدت عن منصة العدالة وتحولت إلى خصومة شخصية، وقمنا فقط بإثبات الحالة من خلال إجراءات رسمية من خلال قيام النيابة العامة بمخاطبة البنك للاستعلام عن صحة الشيك من عدمه وأجاب البنك بأن الشيك مزور. وفى النهاية أحب أن أقول أن الله خيب مخططاتهم ضدى وضد مصر بعد أن ثار الشعب عليهم وأطاح بهم من السلطة.
ما رأيك فى التقارير التى تصدرها منظمات خارجية وتشكك فى القضاء المصرى ؟
- أعتبر ذلك تدخلًا سافرًا فى شأن القضاء المصرى ومخالفاً لميثاق الأمم المتحدة الذى يحظر التدخل فى الشئون الداخلية للبلد العضو فى منظمة الأمم المتحدة، وإذ ننوه أن القضاء المصرى هو أقدم وأعرق السلطات فى العالم وأنه أنزه النظم القضائية فى العالم، وقضاته مستقلون ومن أنزه القضاة فى الوطن العربى والعالم..أؤكد على ذلك من خلال المحاكمات التى تُعانى منها أسر الشهداء بوجود ضمانات كثيرة أمام محاكم الجنايات التى تؤدى إلى تأخر استرجاع الحقوق من المذنبين.. وهذه المنظمات تبنى تقاريرها على أقوال مرسلة من التنظيمات الإرهابية فأصبحت منظمات مشبوهة تدعم التنظيمات الإرهابية.
وعى شعبى
 أخيرًا.. ما الرسالة التى تود أن توجهها للمصريين فى ذكرى احتفالات ثورة 30 يونيو؟

- فى البداية أحب أن أؤكد أن الشعب المصرى هو البطل الحقيقى لثورة 30 يونيو، وما حققته مصر من نجاحات على الصعيدين الداخلى والخارجى خلال الفترة الماضية، وذلك بفضل وعيه الذى تشكل عبر حضارته العريقه، وتماسكه ومساندته لقيادته، مما يعد حائط الصد الأول ضد أية تحركات معادية، إلى جانب دعمه لبرامج الإصلاح المختلفة، فـ 30 يونيو 2013 كان يوما فارقا وفاصلا، خاصة بعدما سادت اضطرابات وأحداث مؤسفة روعتنا جميعا، واتسمت بعدم الاستقرار وغياب الأمن ومؤسسات الدولة ليخرج الشعب فى مشهد شهد له العالم أجمع لينهى فترة مضطربة فى تاريخ مصر، ويكتب بداية فترة جديدة من الأمن والاستقرار واستعادة هيبة الدولة ومؤسساتها وتثبيت أركانها، والتصدى للمحاولات الخارجية لتقويض مصر.
وكذلك أحب أن أنتهز الفرصة وأتوجه لأهل الإسماعيلية بالشكر والتحية، لأنهم دافعوا عن الحق وعلى المحكمة أبان نظر جلسات القضية، ومنهم من تعرض لإصابات فى سبيل الحفاظ على الحقيقة، كما أتوجه بالشكر إلى زملائى فى الدائرة أعضاء دائرة جنح مستأنف الإسماعيلية، حيث إننا عملنا فى ظروف صعبة.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة