عمرو الخياط
عمرو الخياط


عمرو الخياط يكتب| ورشة البحرين

عمرو الخياط

الجمعة، 05 يوليه 2019 - 09:48 م

منذ منتصف القرن العشرين عام 1948 تحديدا لم تقدم دولة أو منظمة أو هيئة ما قدمته مصر رسميا وشعبيا للقضية الفلسطينية، لم تتحمل دولة ما تحملته مصر من اتهامات ظالمة بالتفريط والتخلي عن القضية التي ظلت مرتكزة في موقع الصدارة من ملفات الأمن القومي وسياستها الخارجية.
ليس هذا فحسب بل اتهامات للأنظمة الحاكمة بالخيانة والتبعية والموالاة الكاملة للأنظمة الغربية على حساب أرض فلسطين، كلها اتهامات غير مستندة لأي منطق أو حقيقة ليس إلا مزايدات ودعوات لمغامرات غير محسوبة، وعلى قواعد هذه الاتهامات شيدت جماعات الإسلام السياسي تنظيماتها ومارست أكبر عملية نصب عرفها التاريخ فراحت تجمع التبرعات لصالح القضية بينما تصرف المليارات لتمويل تلك التنظيمات التي لم تقدم للقضية إلا مزيدا من التعقيد والتردي، لو أن القضية تعرضت لحل عملي جذري لفقدت هذه التنظيمات مصدر تمويلها الرئيسي وفقدت أداتها الأساسية في خداع الشعوب واستخدامها.
بينما تتصدى مصر للقضية من واقع أمنها القومي الاستراتيجي لم تنفك تلك التنظيمات عن استخدام القضية من واقع التمويل الاستراتيجي لحسابات قياداتها في البنوك.
طوال الوقت لا تتوقف المزايدة ولا يتوقف التخوين لا لشيء إلا من أجل الاستمرار في نهب أقوات البسطاء، ومن أجل حصار مصر ودفعها نحو الانسحاب الإجرائي الفاعل في محيط إقليمها لتفقد أهميتها كمبادر محوري في القضية.
مؤخرا وفِى مواجهة الورشة الاقتصادية في البحرين التي انعقدت نهاية شهر يونيو المنقضي راحت اللعنات تقذف في وجه الدولة مصحوبة بدعوات للمقاطعة، كان الهدف مزدوج الشر لإظهار مصر بمظهر المسيء والمزايد على دولة البحرين تارة، وتارة أخرى لتغييب مصر عن أي محفل دولي أو إقليمي يتعرض بالنقاش للقضية، لكن فطنة الدبلوماسية المصرية أدركت خبث المراد فتعالت واستعلت عن التورط في الخداع وراحت لتشارك في المؤتمر من منطلق دورها التاريخي كمراقب وشاهد ومدافع عن حقوق الفلسطينيين وناقل أمين لتفاصيل ما يجرى وحكم مخلص لتقييم وتقدير ما يطرح للنقاش ومدى اتساقه مع الحقوق التاريخية للفلسطينيين، لكن أطراف المتاجرة بالدم والحق الفلسطيني راحوا يستهدفون تصفية الدور المصري من أجل تصفية القضية وفرض واقع أحادى على الفلسطينيين لن يشيد إلا على أطلال الدور المصري.. ضعف الطالب والمطلوب.
كيف تغيب مصر عن حضور ورشة المنامة وهى التي ستناقش إقامة مشروعات لخدمة الفلسطينيين وإتاحة فرص العيش لهم، كيف تغيب مصر عن معرفة مدى اتصال هذه المشروعات بالأراضي المصرية؟!.
إذا كانت هناك فرصة لمنح الفلسطينيين الحق في حياة كريمة فإن مصر صاحبة الحق الأصيل في خلق الفرصة وصيانتها، مصر التي لطالما حرصت على أن تظل القضية الفلسطينية حية ينتقل نبضها إلى الأجيال المتعاقبة.
في ملفات مصر تكتب تفاصيل القضية الفلسطينية بالدماء المصرية، هنا لا صوت يعلو على الدماء المبذولة.
إذا كانت الأطراف المتعددة قد أعطت لنفسها الحق في الحديث عن حقوق ومصير الفلسطينيين فإن مصر أبدا لم ولن تتفاوض نيابة عنهم.. أصحاب الحق أولى بحقوقهم وبتقرير مصيرهم.
انظر إلى ما تقدمه مصر يوميا للتخفيف من معاناة الفلسطينيين، انظر كيف تفتح المعبر لتمرير المواد الغذائية والبترولية والأدوية، انظر كيف تبذل الدماء على أرض سيناء يوميا لتظل كاملة السيادة المصرية فلا تتحول أبدا إلى وسيلة لمساومة الفلسطينيين من خلال محاولات غير عادلة لنقل الصراع من جسد الكيان الصهيوني إلى مساحات من الأرض المصرية، لتكون مسرحا لتصفية القضية على أرض مصرية، أبدا لن تنتهي القضية العادلة بحلول التصفية غير العادلة، أبدا لن تسمح دولة 30 يونيو بالمقايضة بالأرض والعرض.. نحن أصحاب القضية.
على مدار التاريخ وحدها مصر التي قدمت فعلا ماديا ملموسا من أجل السلام الشامل والعادل، وحدها من حارب وعبر وانتصر ثم كتب وثيقة السلام بحروف النصر.
في الوقت الذي لم تدخر مصر فيه جهدا ولا دماء، كانت أن دخلت الأيديولوجية الإخوانية تفاصيل القضية فأحدثت شرخا وانقساما مهولا في وحدة الصف الفلسطيني أدى إلى تراجع القضية بسرعة خاطفة فقدم المتصارعون خدمة جليلة لكيان الاحتلال الذي لم يكن بحاجة إلا إلى أن يستمتع بدماء الفلسطينيين تراق بأيدي الفلسطينيين.
منذ لحظة المأساة ومصر لا تنشغل بغير جهود المصالحة بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة التي طمس ضجيجها أصوات الحق التاريخي.
باسم الإخوان أريقت الدماء الفلسطينية البريئة، باسم الإخوان فقدت القضية مصداقيتها، والآن يعيبون مصر والعيب فيهم وفِى ضمائرهم العميلة.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة