د.هاني الناظر
د.هاني الناظر


حوار| د. هانى الناظر: القومى للبحوث قام بدور كبير خلال حـرب أكتــوبر

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 07 يوليه 2019 - 12:57 ص

حوار: إسراء حامد


شديد الإيمان أن الطب رسالة وواجب اإنسانى قبل أن يكون مهنة، لهذا لُقب بـ«طبيب الغلابة».. هكذا عهد المرضى المصريون دكتور هانى الناظر الذى شغل منصب رئاسة المركز القومى للبحوث لمدة ثمانى سنوات قبل أن يتجه الى مهمة علمية وطنية جديدة برئاسة مجلس أمناء مؤسسة «مصر تستطيع».


وفى حوار لا ينقصه الصراحة قال لـ«الأخبار» إن البحث العلمى أداة مصر لتنفىذ رؤية 2030، مشيرًا الى أن حجم الإنفاق عليه أقل من المأمول، مُشدداً على وجوب فصل وزارة البحث العلمى عن التعليم العالى..

> فى البداية.. متى ظهرت موجة هجرة العلماء المصريين إلى الخارج؟


فى الخمسينات من القرن الماضى، حيث شهدت هجرة د.أحمد زويل وفاروق الباز فى بعثات علمية، وهنا بدأت الأعداد تتزايد، خاصة خلال فترة 1967، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التى كانت تمر بها البلاد، وتوقف منافذ الإنفاق على البحث العلمى آنذاك، ولم تكن المنظومة أيضاً متطورة مثل وقتنا هذا، ثم تبعها ظهور فرص الهجرة للعلماء إلى أمريكا وكندا واليابان الى أن وصل عدد العلماء المصريين بالخارج الى آلاف، والسبب يرجع فى ذلك الى اختيارهم كطلاب متميزين فى الدراسات العليا للسفر فى بعثات علمية خارج البلاد نظرا لحرص الغرب على الاستفادة من العقول المصرية النابغة، وهناك كانوا يجدون اغراءات وحوافز معنوية عديدة للبقاء واستكمال حياتهم العلمية وتحقيق الاستقرار العائلى أيضًا.
مصر تستطيع
> ومن أين جاءت فكرة مؤسسة (مصر تستطيع)؟
الفضل فى تنفىذ الفكرة يعود الى وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج التى نظمت سلسلة من المؤتمرات بعنوان (مصر تستطيع) منذ حوالى عامين، حيث انطلق أول مؤتمر من مدينة الغردقة، لكن الفكرة نفسها مأخوذة من مبادرة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بتشكيل مجلس من العلماء المصريين ومعظمهم من الخارج وذلك مع بداية توليه مهامه، وبالتالى بدأت الاستفادة الحقيقية منهم، ففكرت السفىرة نبيلة مكرم فى تحويل المؤتمرات التى يحضرها 50 عالماً على الأكثر الى مؤسسة تربط مصر وقطاعاتها المختلفة بالعلماء من خلال برنامج واستراتيجية يمكن تطبيقها.
> بصفتك رئيسًا لمجلس أمناء مؤسسة (مصر تستطيع)..ما أوجه الاستفادة التى تعود على مصر والعلماء من تلك المبادرة؟
كلما كنت أجالس العلماء فى الخارج، وأنصت إليهم، أجد استعدادًا كبيرا لديهم لخدمة بلدهم بكل ما فى وسعهم، والمؤسسة تسعى لذلك فعلا، وفى نفس الوقت تستطيع مصر استغلال أفكارهم وخبراتهم وعلومهم فى المشروعات القومية الكبيرة .


> وما تقييمك للبحث العلمى فى مصر؟


البحث العلمى فى أى دولة بالعالم يستند على 4 أضلاع، الميزانية ثم الإدارة، والعلماء والتسويق، وتحت مظلة المنظومة المصرية يوجد وزارتان يتبعهما حوالى 11 مركزاً بحثياً، علاوة على مراكز بحثية أخرى تتبع الوزارات، منها الزراعة والصحة والرى والصناعة وهذا بخلاف الزملاء فى الجامعات، وبالتالى عدد الباحثين فى مصر يتجاوز 150 ألف باحث، 30 ألفا بينهم يضمهم مركز البحوث وحده، و120 ألفا خارجه، ولكن لازال الإنتاج قليلاً، بسبب وجود فجوة بين ربط البحث العلمى بالقطاعات الانتاجية، فالأمر يحتاج الى أفكار خارج الصندوق وخطط وآليات، علاوة على حلول لمشكلة الإنفاق، فالميزانية أقل من الطموحات وزيادتها ليس معناها عبئا جديداً على الدولة فى توفىر التزامات مالية جديدة، لكن بتحقيق اكتفاء ذاتى من خلق ارتباطات بين البحث العلمى والقطاعات الانتاجية، ومن حق العالم المصرى أن تتوجه أبحاثه الى الانتاج مباشرة.
> الدولة وعلى رأسها القيادة السياسية دعت إلى وضع إستراتيجية للبحث العلمى؟ هل تحقق ذلك؟
نحن لدينا وزارتان منوط بهما تحقيق تلك الاستراتيجية ومتابعة تطبيقها على الأرض، وهما البحث العلمى والتعليم العالى، يشرف عليهما وزير واحد، وبالمناسبة كلمة استراتيجية ليس معناها برامج لكنها خارطة طريق، يعنى مثلا أحدد آليات لزيادة الانفاق على البحث العلمى فى مصر من 3 الى 4 % من الناتج القومى بدلا من نصف بالمائة أو تحديد فترة زمنية على سبيل المثال 10 سنوات لربط البحث العلمى بالقطاع الانتاجى، فالاستراتيجية ليس معناها افتتاح مراكز بحثية جديدة، لكنها برنامج عمل يهتم بتطوير الإدارة أو القوانين.
> وعن حجم الإنفاق على البحوث العلمية.. هل يكفل تحقيق كل ذلك؟
للأسف لا، فالإنفاق أقل من المأمول بكثير، نحن نحتاج الى 3 % من الناتج القومى على الأقل من خلال وضع آليات للحكومة لتنفىذها ومنح اعفاءات ضريبية وجمركية للمصانع التى تتعاون مع مراكز البحث العلمى فضلا عن تقديم ميزات نسبية عند بناء المصانع وتوصيل المرافق لها بصورة أسرع، فمثلا فى كوريا الجنوبية 90 % من القطاع الخاص ينفق على بحوث العلماء، وفى أمريكا حوالى 80%، وكذلك بعض الدول الأوروبية واليابان.
> اذن ما أوجه الاستفادة من ربط البحث العلمى برؤية مصر 2030؟
البحث العلمى هو أداة لتنفىذ وتحقيق آليات الرؤية المستقبلية، لأنها تنفذ على كافة المجالات من صناعة الى زراعة وهندسة وراثية وكيمياء وفىزياء وطب.
> فى نفس الإطار.. ما أبرز التحديات التى تواجه الباحثين اذن؟
أهمها على الإطلاق المناخ الذى يعمل به، لابد أن يكون مشجعًا على الإبداع، فالأطر الإدارية والروتين يمكن أن تقف فى طريقه بعض الأحيان، وأيضا الإنفاق على الأبحاث، ثم تسويق نتائجها حتى لا تُحبس فى الأدراج، ويتعرض صاحبها الى الإحباط، فلابد أن يكون هناك ما يدعى بـ«البحوث سابقة التسويق»، أى بمجرد أن ينتهى الباحث منها يتم البدء فى تفعيلها فورا.
> مصر تقدمت 10 مراكز فى مؤشر الابتكار العالمى عن العام الماضى.. ما تقييمك لذلك؟
هذه دلالة على القدرة العلمية الفائقة للباحثين فى مصر، وبلا شك لدينا ثروات من عقول شباب، يمتلكون ميزات ابتكار غير عادية، وأود لفت الأنظار الى أن العبرة ليست فى نشر الأبحاث بمجلات علمية فحسب، لكن أتمنى أن يتم تصنيف مصر فى المراكز الأولى فى العلوم وذلك بأن تمتلك منتجاً وطنياً خالصاً، وليس مجرد صناعة تجميعية بسبب استيراد الخامات من الخارج، فلابد أن يكون صاحب الفكرة والمهندسون والعمال والماكينات والخامات مصرية 100 %، ما ينعكس على مناحى الحياة الاجتماعية للأفراد أيضا، فالعلم هو أفضل وسيلة للقضاء على الفقر والإرهاب والتطرف والعنصرية والكراهية.

حرب أكتوبر
> كان للمركز القومى للبحوث دور فى حرب أكتوبر المجيدة..حدثنى عنه؟
فى الفترة التى سبقت حرب أكتوبر، كان لدى مصر حائط للصواريخ فى قناة السويس لصد محاولات الطيران الاسرائيلى عبور جنودنا، وفى تلك الأثناء منعت روسيا وقود الصواريخ عن مصر، بسبب اضطراب علاقتنا بها آنذاك، فكانت البلاد فى أزمة حقيقية، وبناءً عليه لجأت القوات المسلحة للمركز القومى للبحوث، وكان يوجد باحث شاب يدعى الدكتور محمود سعادة -رحمه الله- وهو أستاذ فى الهندسة الكيماوية، استطاع بالتعاون مع مركز بحوث القوات المسلحة أن يصل الى شفرة وقود للصواريخ وتفكيكها من خلال الوقود العادى وتمكن من تعديله الى مثيله الحربى، وتم تصنيعه حتى استطاعت قواتنا الباسلة العبور والانتصار فى حرب أكتوبر المجيدة.
> اذن حدثنى عن مبادرة «الاستشفاء والعلاج فى مصر»؟
لدينا فى مصر كنز طبيعى يسمى الاستشفاء من البيئة وسط وفرة لمقومات إلاهية مثل درجات الحرارة المعتدلة التى تخلو من العواصف الترابية أو البراكين أو الأعاصير، وأيضا موقع مصر فى منتصف العالم الذى يربط الشرق والغرب، فضلا عن الاستقرار الأمنى، ووجود خبرات كبيرة يمكن الاستفادة بها، لذا يمكن استغلال هذا كله فى اقامة مشروع كامل للثروة العلاجية يضم منتجعات للتأهيل تستوعب المرضى خاصة كبار السن الذين يحتاجون إلى فترات نقاهة.
> أفهم من حديثك أن مصر بحاجة للظهور على خريطة السياحة العلاجية؟
مصر وضعت بالفعل على خريطة السياحة العلاجية بسبب مشروع سفاجا الذى أشرفت عليه وتم تطبيقه وبناءً عليه جنت الملايين من الدولارات بسبب قدوم وفود من المرضى الأجانب، لكن السياحة العلاجية لازالت «بعافىة» وتحتاج الى أب شرعى، فمصر لم تستفد حتى الآن من قدراتها التى تنفرد عن العالم، فهى أكبر دولة بها تنوع فى مصادر السياحة العلاجية على الكرة الأرضية موجودة فى سفاجا وسيوة ومرسى مطروح ووادى النطرون والوادى الجديد، فضلا عن 3000 عين طبيعية فى الواحات البحرية وسيناء ورمال أسوان والعيون الكبريتية فى حلوان، وكل هذه المقومات يمكن أن تجلب لمصر سنويا ما يعادل تحويلات المصريين بالخارج وآبار البترول معاً، ولا تكلفنا أى شىء فهى علاج من مقومات بيئية، ففى قارة أوربا وحدها يوجد ما لايقل عن 25 مليون مريض بالصدفىة.


 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة