الإثنين، 08 يوليه 2019 - 10:25 م

 "إسكندرية تاني و آه م العشق ياني..والرمل الزعفراني ع الشط الكهرماني.. والسحر اللي احتويته والبحر اللي احتواني.. والبحر أبو ألف موجة والموجة بألف حالة.. وأنا المغرم صبابة بإسكندرية يابا".

في جمال بحرها وشوارعها وحواريها، تغزل الشعراء، ولحن أعظم الملحنين، وغنى كبار المطربين، فهي عروس البحر المتوسط، ودرة المدن المصرية، التي تبدو كقطعة من أوروبا لا يغيب عنها أي جديد.

فبعد شهور قليلة من دخول أول ترام مكيف الخدمة لشوارعها، تستعد مدينة الإسكندر الأكبر لإطلاق ثاني أحدث ترام مكيف الأسبوع المقبل، وذلك ضمن خطة تطوير أسطول النقل العام وتحديث مرفق ترام بوحدات جديدة لأول مرة منذ 33 عاما.

ما هو الجديد الذي أضافه تشغيل الترام الجديد؟، وكيف يعمل؟، وما هي مميزاته وإمكاناته؟ وما هي عناصر الأمان الموجودة به؟.. وما هو رأي الركاب بعد شهور من تشغيله بخط "سان ستيفانو – رأس التين"؟.

أسئلة كثيرة تجيب عنها «بوابة أخبار اليوم» في السطور التالية.

تاريخ عريق
بعربات ثلاث تجرها الخيول.. قطع ترام الإسكندرية أول رحلة له من محطة الرمل إلى منطقة بولكلى، في عام 1863، قبل أن يتحول للعمل بالبخار ثم الكهرباء، وتمتد خطوطه لتربط ضواحي المدينة الساحلية شرقا وغربا.
وبمرور نحو 123 عاما على ترام الإسكندرية، أحد أكثر وسائل المواصلات شعبية في العاصمة الثانية وأرخصها على الإطلاق، بدأت عرباته تفقد بريقها واحدة تلو الأخرى وتصاب بالبطء الشديد، بعد انتهاء عمرها الافتراضي.
وتحت شعار "الإسكندرانية يستحقون الأحدث والأفضل".. وقعت هيئة النقل العام بالإسكندرية مع شركة "TATRA- YUG" الأوكرانية، أواخر عام 2017، عقد لتصنيع 15 ترام مكيف  من طراز "K1E6" بتكلفة تقدر بنحو 17.5 مليون دولار، لدعم أسطول الهيئة بأحدث تقنيات النقل الحضري الحديثة والمميزة.
36 محطة
36 محطة يعمل عليها الترام الجديد بسعر تذكرة 5 جنيهات، بواقع 27 محطة بخط الرمل و9 محطات بخط المدينة، في رحلته من "سان ستيفانو إلى رأس التين"، أبرزهم "جليم، سابا باشا، بولكلى، رشدي، كليوباترا، سيدي جابر، سبورتنج الكبري، كامب شيزار، الشاطبي، القائد إبراهيم، محطة الرمل، أبو العباس".. هكذا قال المهندس مجدي جابر، رئيس الإدارة المركزية لشئون الترام بهيئة النقل العام بالإسكندرية.

وأوضح "جابر" أن الترام الجديد يعتمد في تشغيله على التكنولوجيا بشكل كامل، موضحا أنه يتميز بسرعة عالية تصل إلى 75 كيلو متر/ الساعة، ومزود بإخطار صوتي ومرئي للراكب داخل العربة عن المحطة التالية وتحذير صوتي للراكب عند غلق الأبواب.

وأشار إلى أن الترام يحوي أيضا إذاعة داخلية للتواصل بين السائق والمحصل والركاب عند الطوارئ، بالإضافة إلى أخرى خارجية موجودة على المحطات لإخطار الركاب المنتظرين على المحطات بوجهة العربة.

وأضاف رئيس الإدارة المركزية لشئون الترام بهيئة النقل العام بالإسكندرية، أن عربات الترام مكيفة ومريحة ومجهزة بـ   Wi-Fi، ومزودة بشبابيك احتياطية ونظام هواء إجباري بالسقف يستخدم في حالة عدم تشغيل التكييف، بالإضافة إلى أن الزجاج يسمح برؤية كاملة وواضحة.

الخبراء الأوكرانيون

ومن جانبه، قال "أندريا ريباك"، أحد المهندسين الأوكرانيين التابعين للشركة المصنعة للترام، إن الترام هو أحدث طرازات شركته وجرى إجراء تعديلات بسيطة عليه منها تقليل عرض المسافة بين عجلات الترام من 1.524 متر إلى متر و400 سم فقط ليتناسب مع شوارع الإسكندرية الضيقة.

فيما يشير زميله "أوليك ناهيتسيف" إلى أن الترام بدأ تصنيعه في أوكرانيا منذ عامين، قائلا:"هذه هي المرة الأولي التي يعمل فيها هذا الموديل في مدينة أفريقية.. وعقدنا مع هيئة النقل العام ينص على ضمان الترام لمدة عامين وقطع الغيار أسعارها ثابتة لمدة 5 أعوام".

الكاوتش المرن

باب خارجي منفصل وآخر يربطها بالعربة الأولى، إنها كابينة الترام الجديد التي تشبه في رفاهيتها صالونات السيارات الفارهة، فكل شئ هنا يظهر من خلال شاشة أمام السائق" إحكام غلق الأبواب، والأنوار، والمحركات، والسرعة" وغيرها.

وحول عربتي الترام، أشار "ناهيتسيف" و"ريباك" إلى التوزيع الجيد للمقاعد والرؤية الواضحة من خلال النوافذ، والشاشات الإلكترونية الموزعة بعناية داخل العربات لإخبار الركاب بالمحطات التي يتوقف فيها الترام وأيضا المحطة التالية.

"شركة TATRA- YUG – iso900 – موديل K1E6 – 208 راكب- 27.150 طن صنع في أوكرانيا".. مواصفات حوتها لوحة معدنية معلقة على ظهر كابينة الترام، أشار إليها "ناهيتسيف" لتوضيح مواصفات أخرى عن الترام الجديد، لافتا إلى أن العجلات مزودة بنظام الكاوتش المرن ما يضمن انخفاض الضوضاء أثناء السير، فضلا عن نظام فرامل ديناميكي يضمن التدرج في الفرامل لضمان الراحة الكاملة للركاب.

عناصر الأمان

وحول عناصر الأمان بالترام الجديد، قال اللواء خالد عليوة، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لنقل الركاب بالإسكندرية السابق، إن الترام يوفر الأمان التام للراكب بتوقف العربة نهائياً لحين نزول وصعود الراكب وغلق الأبواب، ومزود بنظام الكتروني وأجهزة تمنع الزحف والتزحلق.

وأوضح "عليوة" أن الترام الجديد مزود أيضا بنظام إنذار للحريق، ومجهز بثلاثة محاور دفع "بواجى" ويمكنه العمل على واحدة منهم فقط أثناء الطوارئ، بالإضافة إلى أنه يمكنه السير بدون تيار كهربائي من الشبكة ويعتمد على بطاريات لمسافة 1.5 كيلو متر.

وأضاف عليوة، أن الترام الأوكراني مزود كذلك بنظام تتبع للأعطال ومراجعة كافة بيانات أجهزة العربة لضمان سهولة تحديد العطل وسرعة الإصلاح، فضلا عن أن ارتفاع أول درجة للسلم في حدود ارتفاع الرصيف لضمان سهولة الصعود للركاب.

الركاب: الإسكندرية تستحق
محمد جودة، طالب، أوضح إنه استقل الترام مرة واحدة على سبيل تجربته إلا أنها كانت ممتعة، قائلا:"الإسكندرية مدينة عريقة تستحق ترام ذات جودة عالية وتقنية تكنولوجية كبيرة كهذه"، مؤكداً أن تحديد سعر تذكرة الترام 5 جنيهات ليست مرتفعة.
"الترام وسيلة المواصلات المفضلة لي داخل الإسكندرية" .. هكذا قال الصافي إبراهيم، موظف بالمعاش، مناشدا المواطنين بالحفاظ على نظافة مقاعد الترام الجديدة لتظل في صورة مشرفة تليق بالإسكندرية.
ومن جانبها، أشارت ليلي غانم، طالبة، أن أبرز مميزات الترام الجديدة هي قلة الزحام والتكييف والأمان التام، قائلة:"أنصح الجميع باستقلالها فهي سريع ونظيفة جدا".
الترام الثانية.. وصلت
ومنذ أيام، وبعد رحلة بحرية استغرقت نحو 30 يوما، رست السفينة القادمة من ميناء أوديسا الأوكراني على رصيف ميناء الإسكندرية، وعلى متنها حاويتين "كونتنر" تحوى بداخلهما ثاني ترام مكيف صنع خصيصا للسير في الشوارع والحواري الضيقة بالإسكندرية.
وداخل 3 ورش خاصة بمرفق الترام هي "كرموز، ومحرم بك، ومصطفى كامل" يجرى تجميع وتركيب أجزاء الترام الجديد، بواسطة مهندسين من الشركة الأوكرانية المصنعة، بالاشتراك مع مهندسي وعمال هيئة النقل العام بالإسكندرية.
ومن جانبه، قال المهندس محمد زكريا، رئيس هيئة النقل العام بالإسكندرية، إنه يجرى الانتهاء من تجميع عربات الترام بالكامل بورش العمرات "البلدوف" بكرموز، موضحا أن الترام من المقرر بدء تشغيله تجريبيا الأسبوع المقبل.