صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


قصص وعبر| أبو الـ٧ بنات.. وعقاب القدر

علاء عبدالعظيم

الجمعة، 12 يوليه 2019 - 09:51 م

 

إن النفس البشرية متطلعة دوما إلى ماتفقده فمن لديه الذكور يطمع ويتمنى إنجاب إناث، ومن لديه الإناث يريد ذكورا كي يقوم على رعاية الأسرة ويتحمل مسئوليتها بعد والده.

هكذا كان حال الأب بعدما انجب ٧ بنات، وتسيطر عليه أفكار المجتمع قديما فكلما يخلو إلى نفسه الأحزان تعتصره، والأوهام تمزقه فلم يقتنع بما رزقه الله من إنجاب ٧ بنات لكنه ظل رأسه مشغولا بإنجاب الولد وكان لا ينغص عليه شئ في حياته إلا إنجابه للبنات فقط، بات يحلم بإنجاب ولد يحمل اسم العائلة ويزيد من عزوتها ونفوذها كما أنه سيكون القوة الانتاجية للأسرة، ويصبح سيد بيته فهو الذي سيرعاه ويعتني به عند كبره.

كادت الفرحة أن تقتل الأب وانهمرت جيوش من الدموع فوق وجنتيه بعدما أخبره الطبيب بأن بناته الـ7 سيكون لهم أخ جديد حيث الأم تحمل داخل احشاءها طفلا، ٩ أشهر عاشها الأب في فرحة عارمة ينتظر فيها قدوم ولي العهد الذي سيحمل اسمه، وفي يوم ولادته نحرت الذبائح، وأطلقت الأعيرة النارية ابتهاجا بقدوم ولي العهد، ولم يكن يعلم الأب ماذا يخبئ له القدر.

اشتد عود الابن وبلغ عامه الـ٧ وفي أحد الأيام أثناء لهوه مع أقرانه من أهل القرية بإحدى محافظات الصعيد حيث اقترحوا عليه الذهاب معهم إلى الترعة للاستحمام والسباحة، ودون تردد سار معهم بالرغم من أنه لا يجيد السباحة وفضل اللعب على الشاطئ، وفجأة انزلقت قدماه وفقد توازنه وسقط في قاع الترعة وانطلقت صرخات أصدقاءه في محاولة لإنقاذه، وفشلت جميع المحاولات من قبل أهل القرية ومات غريقا وسط مشهد يدمي القلوب وينفطر له الأكباد.

اهتزت كل المرئيات أمام عين الأب وانهمرت الدموع بمرارة فوق وجنتيه تراود مخيلته صورة الابن، وانتابته حالة نفسية سيئة شعر على إثرها بأن الحياة تلفظه وتتحداه، وسيطرت عليه رغبة عارمة في الإنجاب مرة أخرى، كي يثبت بأنه قادر على إنجاب الذكور وليس الإناث فقط.

وبالفعل أنجب ولد آخر وأسماه بنفس اسم شقيقه الذي مات غريقا، وعادت الفرحة مرة أخرى تملأ المنزل، لكن دائما ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن حيث خيم الحزن مرة أخرى على المنزل وسط الدهشة التي تعاظمت على وجه الأب الذي زعزعت المفاجأة وبدت عليه علامات الانكسار تموج انفعالاتها على وجهه، بعدما أخبره أحد الجيران بأنه الابن الذي بلغ من العمر ٤ سنوات  توفي متأثرا بجراحه بعدما صدمه سائق جرار أثناء سيره مسرعا ودهسته العجلات ولم يتمكن السائق من السيطرة على الجرار.

استسلم الأب للأمر الواقع، واقتنع بأنه لا فرق بين ولد أو بنت فكلاهما يحتاج إلى الرعاية والاهتمام، وعلى من رزق بإنجاب البنات فقط عليه أن ينظر إلى من حرم من الإنجاب ليعرف حجم النعمة التي رزقه الله بها، وتوجه إلى قسم الشرطة وقام بتحرير محضر ضد سائق الجرار الذي دهس حلمه الأخير، وأحيل إلى النيابة التي تولت التحقيقات وصرحت بدفن الابن بعد العرض على الطب الشرعي.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة