الرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس عبد الفتاح السيسي


قانون الجمعيات الأهلية.. فلسفة جديدة للتعاون بين الحكومة والمجتمع المدني

بوابة أخبار اليوم

الجمعة، 26 يوليه 2019 - 10:29 م

فتحت تعديلات قانون الجمعيات الأهلية آفاقا جديدة أمام شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع المدنى وأنهت حالة التربص والقلق التى كانت سائدة لسنوات طويلة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني، كما منح انطباعا بوجود حالة من الانفتاح لدعم عمل تلك المنظمات خاصة  أن طلب تعديل القانون القديم- الذى أثار جدلا واسعا قبل عامين- جاء من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى استجابة مباشرة لسؤال من أحد الشباب فى منتدى شباب العالم 2018 وأشار الرئيس وقتها إلى أن «هناك أكثر من 50 ألف جمعية تقوم بدور رائع فى مصر واحنا محتاجينه».

تحركت الحكومة بناء على تعليمات الرئيس وعقدت أكثر من حوار مجتمعى استمعت خلالها لكل الآراء حول القانون، وهو إجراء أصبح متبعا فى كثير من التشريعات التى تتعدد فيها الآراء حتى انتهت من أعداد قانون وصف بأنه «الأفضل» بين كل التشريعات التى صدرت فى مصر لتنظيم العمل الأهلي، وقال كثير من الحقوقيين إنه استجاب لكثير من تطلعاتهم.

إشارة الرئيس

إشارة الرئيس كانت دليلا على وجود رغبة لدى الدولة فى الانفتاح على العمل الأهلي، لكنها كانت تصطدم بوجود منظمات حقوقية لديها أجندات سياسية وتريد أن تبقى دائما خارج أى قانون، ولذلك سعت بكل قوة لتشويه القانون لدى الرأى العام الدولي، واستغلت علاقتها بعدد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان ودفعتها الى اصدار بيانات ضد القانون الجديد رددت فيه مزاعم تلك المنظمات حول القانون، حتى وقعت فى خطأ فادح بالحديث عن مواد غير موجودة فى القانون من الاساس، مثل انتقاد وجود مواد سالبة للحرية، بينما القانون الجديد استبعد تماما أى عقوبات سالبة للحرية  واستبدلها بالغرامات المادية ليتماشى مع الاتجاه الدولى لإلغاء أى عقوبات سالبة للحرية  فى العمل المدنى والأهلي، وهو ما يعنى انها لم تقرأ القانون الجديد من الاساس وان هناك من أملى عليها ما تقوله ووضعها فى ذلك الموقف المحرج.

ذلك الخطأ الفادح والمتكرر الذى وقعت فيه منظمات مثل العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش بالحديث عن اشياء غير موجودة من الاساس فى التشريعات المصرية، يثير قضية «تسييس» العمل الحقوقى على نطاق دولي، وكيف تحولت منظمات معنية بالاساس بنشر ثقافة حقوق الانسان والدفاع عنها إلى أداة سياسية خشنة تستخدمها دول ومنظمات لتشويه خصومها السياسيين، وتشويه جهودهم الاصلاحية بدون دليل.

والحقيقة أن القانون الجديد يشير لوجود فلسفة مختلفة فى التعامل مع العمل الأهلي، تقوم على فكرة إطلاق كل مكونات العمل الأهلي، خاصة العمل التنموى تبدأ بفكرة التأسيس بالاخطار والتى استجاب فيها القانون لمواد الدستور، ومنح الحق لأى فرد فى التأسيس وفق القانون بمجرد إخطار الجهة الإدارية، كما عظم القانون من فكرة الشفافية بإلزام الجمعية بالشفافية والمحاسبة، ولأول مرة النص على إنشاء قاعدة بيانات بالمنظمات وانشطتها وتمويلها والالتزام بالحوكمة فى إدارتها وهى كلها مواد تعلى من مبدأ الشفافية فى العمل وهو أمر لصالح المجتمع المدنى والحكومة ويقتل أى شكوك ربما تحوم حول عمل تلك المنظمات.

شريك فى التنمية

تخلص القانون من التوتر الزائد من جانب الحكومة مع المجتمع المدنى خاصة مع ظهور قضية التمويلات الاجنبية وعالج الخلط بين منظمات حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية المحلية والدولية العاملة فى التنمية، والتى تعاونت بشكل كبير مع الحكومة من خلال مشروعات مشتركة للقضاء على الفقر والبطالة فى الأماكن الأكثر فقرا والأكثر احتياجا، بل كان لهذه المنظمات القدرة على الوصول بشكل أسرع وتقديم المساعدة المطلوبة للفئات غير القادرة لما تملكه هذه المؤسسات من خبرة وأدوات تمكنها من لعب هذا الدور، يساعد بشكل كبير فى زيادات مساهمات المنظمات التنموية فى المشاركة فى خطة التنمية 2030.

كما أن الجمعيات الأهلية والمنظمات التنموية لها باع طويل فى العمل التطوعى منذ نهاية ثلاثينيات القرن الماضى وهى القطاع الأكبر من منظمات المجتمع المدنى وتعمل فى مجال التنمية المستدامة والتعليم والبنية التحتية ومحاربة الفقر والبطالة، وهو ترسيخ وتأكيد لحقوق الإنسان على الأرض طبقا للعهد الدولى الخاص الصادر عن الأمم المتحدة فى 16 ديسمبر 1966 والذى يؤكد على حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وقد تطور عمل المنظمات الخيرية حيث لم يعد عملها يتوقف على مساعدة غير القادرين، وتوسع عملها ليشمل توفير فرصة عمل وبرامج تدريب مهنى لرفع قدرات الشباب من خلال تعلم بعض الحرف وادماجهم فى سوق العمل أو تقديم قروض صغيرة ومتناهية الصغر، بدون تنفيذ مشروعات تساعد فى تحسن الوضع الاجتماعى والمالي.

فى فلسفة القانون الجديد حديث مهم عن تنظيم فكرة التطوع وحماية المتطوعين، وهى فكرة افتقدتها مصر كثيرا، خاصة مع زيادة الاقبال على التطوع فى العمل العام، وهو ما يتطلب حماية المتطوعين وتوفير منافذ آمنة للاستفادة من هذه الطاقات فى دفع العمل التنموى ومساعدة الناس.

تخلص القانون الجديد من صداع شركات حقوق الانسان وهو الباب الخلفى لعمل منظمات حقوق الانسان بعيدا عن الرقابة على مصادر تمويلها، وهو نمط انتشر قبل يناير 2011 وكانت تحوم حوله شبهات عديدة لعدم خضوع تمويلاته لرقابة الوزارة المختصة والتعامل مع المؤسسة الحقوقية كشركة وهو ما شكك الكثيرين فى عدالة قضية حقوق الانسان.

القانون الجديد سمح أيضا بوجود علاقة متوازنة بين الجهة الادارية ومجالس ادارات الجمعيات بما يسمح بعلاقة تتسم بالاحترام المتبادل واعلى من سلطة القانون فى التعامل مع مجالس إدارة الجمعيات وعدم حلها الا بحكم قضائي.

يمكن اعتبار القانون بلا مبالغة بداية جديدة لشراكة واسعة قادمة بين الدولة والمجتمع المدنى المستفيد الأول منها هو المواطن.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة