محرر «الأخبار» خلال حوراها مع سفير إثيوبيا .. تصوير : علاء محمد
محرر «الأخبار» خلال حوراها مع سفير إثيوبيا .. تصوير : علاء محمد


حوار| سفير إثيوبيا بالقاهرة: لقاءات السيسي وأبي أحمد أعادت بناء الثقة بين البلدين

ريهام نبيل

الإثنين، 29 يوليه 2019 - 11:13 م

ربما تكون العلاقات المصرية الإثيوبية من أكثر العلاقات عمقاً فى القارة، لهذا يصبح وصفها بالتاريخية حقيقة لا مبالغة فيها، فهى ممتدة منذ أزمان بعيدة، ويقترب عمرها الحديث فقط من قرن كامل، وكان طبيعيا أن تشهد على مدار عمرها الطويل نقاط ازدهار وتوتر، وصلت فى بعض الأحيان إلى فقدان الثقة، وخلال السنوات الأخيرة أصبحت إثيوبيا الأكثر حضورًا لدى رجل الشارع المصرى، بعد إعلانها بدء تشييد سد النهضة، الذى يرتبط بالنيل شريان الحياة للمصريين.

كان الأمر مصدر قلق، زاد فى بعض الأحيان لدرجة التوتر، لكن لقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد أعادت بناء الثقة، وخلال هذا الحوار يتحدث دينا مفتى سفير أديس أبابا فى القاهرة بكل صراحة، يفتح قلبه لـ» الأخبار» فى مصارحة غير مُستغربة،من رجل تولى تمثيل بلاده فى دول عديدة، قبل أن يصبح سفيرا لها فى زيمبابوى والسويد وكينيا، كما شغل منصب المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية الإثيوبية لفترة، مما يجعله مطلعا بدقة على الملفات الثنائية والدولية.

يعد انتخاب امرأة رئيسا لإثيوبيا إنجازا مهماً جدا للمرأة الأفريقية أخبرنا عن وضع المرأة فى بلادك ؟
الدستور الأثيوبى ينص على المساواة بين الرجل والمرأة، ومن أجل تحقيق ذلك هناك العديد من الأشياء التى نحاول العمل عليها مثل التعليم، فهناك بعض القبائل التى لا تفضل تعليم بناتها، ونحن نحارب هذا كما نحاول تحقيق الاستقلال الاقتصادى والمادى للسيدات ونحاول أن نأتى بأكبر عدد منهن للبرلمان، ولدينا حالياً 20 وزارة مقسمة بالتساوى بين السيدات والرجال، فقد كانت وزيرة الدفاع سيدة.


سد النهضــة 
هل تعتقد أن تعامل البلدين مع ملف سد النهضة فى فترة ما حدث بطريقة أثرت سلبياً على العلاقات بينهما؟

هذا ما كان عليه الأمر فى السابق، حيث سيطر سوء الفهم وعدم التقارب والحوار، وأؤكد أن إثيوبيا ليس لديها أدنى رغبة فى إيذاء أشقائنا المصريين، وليس لدينا أى سبب لإيذاء دولة صديقة، خاصة أننا شركاء أفارقة وفى الإنسانية.. ونحن نعلم جيدا أن نهر النيل هو حياة مصر ونتفهم ذلك تماما، لذلك نتحدث عن اتفاق يحقق مصالح الدولتين بالتساوى فى آن واحد، لكى يتسنى لهما استخدام هذا المورد خاصة أنه نهر كبير به وفرة من الماء تكفى كل دول حوض النيل.. ولكن هذا الأمر لم يتم إيضاحه بشكل جيد ونحن الآن على أتم استعداد لإيضاح هذا كما أننا نتفهم جيداً أن هناك وسائل إعلام جادة مثل « جريدة الأخبار» بإمكانها توصيل الحقيقة، ونقل شعور الجانب الأثيوبى للشعب المصرى.. كما أن هناك بعض السياسيين الذين لديهم الاستعداد لتوصيل الرسالة الصحيحة بأن سد النهضة لا يهدف لإيذاء المصريين فإن المياه تدخل التوربينات وتذهب بعدها للسودان ثم مصر.. لكن بالفعل كان هناك سوء فهم عند بداية إنشاء السد، ونحمد الله أنه تم توضيح هذه الأمور، ونأمل فى أن تكون واضحة للشعب المصرى بنسبة 100% خاصة أن التعاون المشترك فى مختلف المجالات سيفتح أعين مواطنى البلدين على حقيقة الأمور.


نشعر أن إثيوبيا لديها نوايا جيدة نحو مصر لكن كيف يمكن تحويل هذه النوايا لحقيقة ملموسة من وجهة نظرك؟
مبدئيا يجب ألا تكون هناك فجوة معلوماتية بين الدولتين فعلينا تبادل المعلومات والعمل على توضيحها باستمرار وذلك من خلال عدم جعل الزيارات بين الدولتين مقصورة على المسئولين السياسيين فقط بل يجب أن تمتد إلى الشعب ورجال الدين من الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية والبرلمانيين والمجتمع المدنى وكذلك زيارة رجال الإعلام المصريين لإثيوبيا للتحدث إلى الإثيوبيين من مختلف الفئات ونقل وجهة نظرهم للمصريين والعكس، حتى تصبح وجهات النظر واضحة بين الطرفين.. خاصة أن استمرار تبادل المعلومات سيزيل أى سوء فهم، وستكون نوايا كل دولة تجاه الأخرى واضحة ولن يكون هناك خوف أو تشكك فهناك طائرة تأتى من إثيوبيا لمصر يومياً وهو الأمر الذى يساعد على سهولة تبادل الزيارات لمعرفة الأوضاع على أرض الواقع كما أن رجال الأعمال المصريين الذين يستثمرون فى إثيوبيا يستطيعون إخبار المصريين بالفرص الاستثمارية المتاحة لدينا وهو ما سيؤدى حتما لتضييق الفجوة.


إعادة الثقــة


كيف أثرت اللقاءات بين الرئيس السيسى وأبى أحمد على العلاقات بين الدولتين وإعادة الثقة فى المفاوضات حول السد ؟
غيرت زيارة أبى أحمد للرئيس عبد الفتاح السيسى فى يونيو من العام الماضى وجهات النظر المتبادلة بين البلدين بشكل جذرى وهو الأمر الذى أدى إلى بناء الثقة والتواصل المتميز بين البلدين، وكذلك عندما جاء الرئيس السيسى إلى أديس أبابا فى فبراير الماضى فى القمة الأفريقية التقى أبى أحمد على هامشها وقد بدأت كل دولة فى تقوية العلاقات منذ هذا اللقاء، خاصة أن اللقاءات تضمنت تبادلا بناء لوجهات النظر بين الدولتين وبدأ كلا الطرفين فى تقوية العلاقات وأصبح هناك تواصل دائم بين وزيرى الخارجية ونقاش مستمر حول العلاقات البناءة وزيادة الثقة بين الدولتين فقد كان سامح شكرى فى أديس أبابا الشهر الماضى لحضور اجتماع وقابل وزير الخارجية الاثيوبى وتحدثا حول كيفية تقوية العلاقات وبناء الثقة.. كما أن هناك أحداثا دائمة على المستوى الرسمى بين الوزراء وكذلك على مستوى التبادل بين المسئولين وهو الأمر الذى أنشأ مناخا طيبا بين الدولتين لكن استعادة الثقة بدأت منذ اللقاء بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء أبى أحمد.


وزير الرى المصرى أكد أكثر من مرة أن المفاوضات ليست سهلة وهو مايتطلب اتفاقا عادلا فما هى أهم جوانب العدالة من وجهة نظرك؟
من الطبيعى أن تكون المفاوضات صعبة ومعقدة لكى نصل إلى اتفاق قوى كما أن مصر وإثيوبيا على أتم استعداد للتفاوض بشأن هذا الأمر لكن المفاوضات بين 3 أطراف.. والطرف الثالث هو السودان التى تعانى من عدم الاستقرار فى الوقت الحالى وهو الأمر الذى جعل المفاوضات متوقفة. 


متى تستأنف المفاوضات حول السد من جديد؟
استئناف المفاوضات يتوقف على الوضع فى السودان ومدى استقراره.

لماذا لم تصل اللجان الفنية إلى اتفاقية ترضى جميع الأطراف حتى الآن.. وماذا عن تأجيل تخزين المياه فى السد ومدته ؟
مازالت هذه الأمور قيد التفاوض بين الدول الثلاث، ونحن متفقون جميعا أن طريقة ملء السد لن تضر أى دولة خاصة مصر والسودان.


ما المرحلة الهيكلية الحالية لبناء السد؟
انتهينا من إنشاء 67% منه.

وهل تعتقد أن بداية ملء السد لن تضر بمصالح مصر؟
بالتأكيد لن نؤذى مصر بأى شكل من الأشكال، فالشعبان المصرى والأثيوبى أشقاء.

التقارب بين الدولتين


كيف يمكنك كدبلوماسى أن تدعم زيادة التقارب بين الدولتين؟
الأسس التى يجب أن نعتمد عليها لتحقيق المزيد من التقارب تتمثل فى تقوية العلاقات من خلال الدبلوماسية الشعبية خاصة أن هناك العديد من الروابط والتشابه بينهما، فكلاهما بلد ذو حضارة كبيرة والعلاقات بيننا فريدة وقد بدأت العلاقات الدبلوماسية الرسمية منذ عام 1927 أى منذ قرن تقريبا عندما كانت معظم الدول الأفريقية لاتزال تحت الاحتلال وقد بذلت الدولتان مجهودات كبيرة من أجل حصول الدول الأفريقية على حريتها وساعدتا على إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية.. ونحن فى إثيوبيا على معرفة بالمناضل جمال عبد الناصر منذ زمن، كما أن هناك علاقات بين الكنيسة الأرثوذكسية المصرية والكنيسة الأثيوبية منذ عقود طويلة، ومثل هذه العلاقات من الأمور التى يمكن أن نبنى عليها التقارب أيضا وكذلك يوجد العديد من الطلبة الإثيوبيين الذين يدرسون فى الأزهر الشريف كما يمكن أن يحدث التقارب من خلال رجال الإعلام الذين يتحملون المسئولية، فلايثيرون موضوعات تجلب المشكلات لأن الإعلام قادر على نشر السلام أو العكس أما دورنا كدبلوماسيين فيأتى فى النهاية. الناس يثقون فى الإعلاميين أكثر من الدبلوماسيين وأريد ان أؤكد على عدم استفادة أى شخص من عدم استقرار البلدين لأنه من مصلحة الشعبين استقرار وازدهار دولتيهما.

 

هل تعتقد أن حجم العلاقات السياسية والاقتصادية تعكسان بالفعل ثقل العلاقات التاريخية بين البلدين؟
بالفعل هناك علاقات تاريخية بين البلدين وأرى أن هذه العلاقات فى المناحى المختلفة السياسية والاجتماعية والثقافية تحتاج لأن تكون أكبر حجما من ذلك لأنها ليست على المستوى المرجو.. وهو ما يعنى أن العلاقات جيدة لكنها تحتاج إلى تدعيم اكبر.

تقوية العلاقات
 

ما مجالات التعاون حالياً؟ وما الذى يجب فعله لتقوية العلاقات؟
التعاون السياسى بين الدولتين ممتاز كما أن العلاقة بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء أبى أحمد قوية وتضم مجالات التعاون دعم الاتحاد الأفريقى وتقويته حيث يتشارك البلدان الرغبة فى تحقيق هذا، وكذلك نتعاون ونتشارك نفس الموقف فى مكافحة أعداء مصر وإثيوبيا من خلال مكافحة الإرهاب والقرصنة.. هذا بجانب التعاون الاقتصادى حيث منحت إثيوبيا 70 تصريحاً لشركات مصرية كى تستثمر فى مختلف المجالات ومن أبرزها التصنيع الدوائى والطاقة، كما نقوم باستيراد منتجات مصرية فى مجال الأدوية ونصدر لها الجمال والأبقار.. وعلى صعيد التبادل التجارى فإن العلاقات بين الدولتين فى هذا المجال متميزة لكننا نستطيع تعظيمها بالتوسع فى مساحات التعاون الإقتصادى فرغم أن التعاون الإقتصادى متميز إلا أنه مازال بحاجة إلى تعظيم الشراكات،خاصة فى مجالات الزراعة والتكنولوجيا والصناعة والعديد من القطاعات.


ما هو حجم الاستثمارات بين إثيوبيا ومصر، وهل هناك بروتوكولات تعاون متوقعة قريباً ؟
هناك 70 مستثمراً مصريا أخذوا تصريحا بالعمل فى إثيوبيا، منهم 30 بدأوا بالفعل فى قطاعات مختلفة بينها التصنيع الدوائى ومصانع الكابلات والماشية والمنسوجات، ونرحب بالمزيد من المستثمرين ونهدف إلى زيادة عدد رحلات الطيران اليومية بين الدولتين لأن ذلك سيساعد على زيادة التبادل التجاري. هذا بجانب التعاون فى مجال المنح الدراسية.. وتعد الاتفاقيات التى عقدت بيننا جيدة جدا ونركز على محاولة تفعيلها وتطبيقها الآن، وبعد الانتهاء من تفعيلها سنوقع على اتفاقيات أخرى.


قمة النيجر أطلقت منطقة التجارة الحرة إلى أى مدى تعتقد أن اقتصاديات القارة ستتأثر إيجابياً بعد إطلاقها ؟
منطقة التجارة الحرة مهمة جداً وتخدم تطبيق أجندة 2063، التى تهدف لتوحيد الاقتصاد الأفريقى وبناء طرق وسكك حديدية بين الدول وتستطيع الدول الأفريقية من خلال هذه المنطقة أن تساند اقتصادها بنفسها بدون مساعدات خارجية..وتهدف المنطقة إلى زيادة حجم التجارة الأفريقية من 20% إلى 60% فى 2022.. لأن العلاقات التجارية بين الدول الأفريقية ضئيلة جدا، على عكس حجم التبادل التجارى بينها وبين دول أوروبا.. وتعد هذه المنطقة اتفاقية جيدة وطموحة جداً وسيكون تطبيقها صعباً لكن نتائجها ستكون رائعة.. ونحن نود أن نشكر الرئيس السيسى على القيادة الحكيمة والرائعة للاتحاد التى أدت لهذه الاتفاقيات.


كيف ترى رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى ؟
ما فعله السيسى خلال رئاسته للاتحاد الأفريقى حتى الأن إنجاز عظيم، فقد نظم العديد من المؤتمرات والاجتماعات المهمة للقادة الأفارقة، لهذا أرى أن القيادة المصرية للاتحاد حتى الآن تعتبر قصة نجاح.


هل تتبنى إثيوبيا رؤية خاصة لإصلاح الاتحاد؟
لدينا رؤية مشابهة لرؤية معظم الدول الافريقية فى هذا الاتجاه، فكل ما نريده هو أفريقيا فعالة، ويمكن للاتحاد الأفريقى أن يقوم بالأنشطة المنوطة به بميزانيته الخاصة وقد اقترحنا قبل ذلك مساهمة جميع الدول الأفريقية فى ميزانية الاتحاد، حتى يستطيع ممارسة أنشطته دون الاقتراض من أى دولة أخرى، وبالتالى يمكن تمثيل أفريقيا بصورة جيدة فى المحافل الدولية.


الشعبان المصرى والإثيوبى أشقاء نريد أن نطمئن على الوضع الحالى فى إثيوبيا خاصة بعد محاولة الانقلاب الأخيرة التى حدثت هناك؟
الأحداث الأخيرة جاءت من بعض الخارجين عن القانون، وهم مجموعة قليلة جداً لا يمثلون رؤية الأغلبية وقد كانت حادثا مؤسفا لكن الوضع الآن مستقر وهادئ وطبيعى جداً وتم السيطرة على ما حدث بمجهودات الشعب نفسه الذى رفض هذه الأحداث.. ونود أن نشكر مصر قيادة وشعبا على التعاطف والوقوف بجانبنا فى هذا الشأن.


ما رأيك فى تنظيم مصر لبطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم (الكان) ؟
التنظيم كان رائعا جدا والجميع سعداء به وقد حضرت الافتتاح الذى كان مبهجا وراقيا، يعكس الثقافة الأفريقية وتعد أكثر البطولات تنظيماً.. وقد نظمنا قبل ذلك هذه البطولة وفزنا بها فى الستينيات ورغم أن فريقنا لم يستطع التأهل للبطولة إلا أننا جزء منها.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة