قصص وعبر
قصص وعبر


قصص وعبر| مأساة «سجى».. وثناء «حمالة الحطب»

علاء عبدالعظيم

الثلاثاء، 30 يوليه 2019 - 07:53 م

بدأت تطفو على مسرح الجريمة حالات شاذة، فالواقع يكون أحيانا أغرب من الخيال، فهنا ربة منزل تدعى ثناء ولكن اسمها على غير مسمى، إذ ارتكبت جريمة تقشعر لها الأبدان وتدمي القلوب، بعدما سيطرت عليها حالة ملوثة بالحقد والغضب، وقررت الانتقام من جارتها واستدرجت ابنتها الطفلة البريئة "سجى" ابنة الـ3 سنوات، والتي لم ترحم ضعف طفولتها وبراءتها، وألقت بها وسط نيران الفرن دون رحمة أو شفقة بعدما خنقتها.

أي نفس بشرية تقوى على فعل ذلك سوى نفس أصابتها اللعنة، وتجردت من كل مشاعر الأمومة والإنسانية، وتحمل بين ضلعيها حجر صوان بل أشد قسوة.

سال لعاب الطفلة الصغيرة أمام قطعة الحلوى، التي كانت تهديها لها جارة أمها، ولم تكن تعلم بأنها ستحرق براءتها، وتغتال سعادتها، وتحول ابتسامتها المشرقة إلى رعب وهلع، أمسكت كف يدها الصغير وسارت معها تحلم بالكثير من الحلوى ولعب الأطفال بعدما أوهمتها «الشيطانة».

وما إن وصلت إلى المنزل تبدلت معالم وجه المرأة الشيطانة وتملكتها حالة من الحقد والغضب المرير، تنظر إلى الطفلة التي جلست ببراءة تتذوق الحلوى ترمقها بنظرات حنق وغيظ تراود مخيلتها إهانات وشتائم أم الطفلة لها، أثناء مشاجرة نشبت بينهما أهدرت على إثرها كرامتها، ويسرعة ودون أن تراودها نفسها ولو لبرهة.

دفعت المرأة الشيطانة الطفلة أرضًا وجلست فوقها، ولم تنتظر حتى تفرغ من تناول الحلوى، أحكمت قبضة يديها حول عنقها، مستغلة ضعفها وهوانها، ولم تبال بلعاب فمها الذي ينساب من فمها بلون الحلوى، ولا صوت أنينها الذي لا يتجاوز صدرها الصغير وجحوظ عينيها من شدة الاختناق، وفي دقائق معدودة، لفظت الطفلة أنفاسها الأخيرة وتمددت جثتها فوق الأرض كعصفور مات متألما بجراحه.

ليس ذلك كل ما فعلته الأم، بل هداها شيطانها إلى حيلة للتخلص من جثة الصغيرة، فهرولت مسرعة تحمل كمية من الحطب أشعلت بها نيران الفرن الخاص بها داخل المنزل، وما إن تصاعدت ألسنة النار وعلا صوت هجيجها، وكأنها تعترض على تصرفها بعدما ألقت بجثة الطفلة وسط زمهريرها، وتفحمت جثتها الضعيفة.

وبجبروت وقسوة غير مسبوقة، حملت ما تبقى من عظام ورفات الطفلة وتوجهت إلى صندوق قمامة وألقت بها، وعادت إلى منزلها متناسية عدالة السماء، وتغمرها نشوة الانتقام، وفي صباح اليوم التالي، اكتشف أحد عمال القمامة رفات الجثة، وتم إخطار اللواء أسعد الذكير مساعد الوزير لأمن أسيوط، وتم تشكيل فريق بحث وعمل تحريات مكثفة قادها العميد حمدي هاشم مدير مباحث المديرية والبحث في محاضر المتغيبين.

وأثناء التحريات فجر أحد الأطفال مفاجأة لحل لغز جثة الطفلة المحترقة، بأنه شاهد الجارة الشيطانة تسير مع الطفلة واصطحبتها إلى منزلها بعدما أغرتها بالحلوى، ولم تظهر منذ ذلك الحين مما أثار ذلك شك رجال المباحث وتمكنوا من القبض عليها ومواجهتها بأقوال الطفل، وبتضييق الخناق عليها اعترفت بجريمتها، وذكرت أنها أرادت الانتقام من أم الطفلة وحرق قلبها على طفلتها، وانتقاما منها بعدما أهانتها وسبتها أثناء مشاجرة نشبت بينهما.

تم تحرير المحضر اللازم، وأحيلت الشيطانة "حمالة الحطب" إلى النيابة وتقرر حبسها ٤ أيام على ذمة التحقيقات، بينما وقفت أم الطفلة التي انتابتها حالة من الذهول والصراخ والنحيب، وفي أحشائها ألم وحسرة على فلذة كبدها غير مصدقة ما فعلته ولم ترأف بحال طفلتها، وأذاقتها كأس الموت مرًا بعدما بثت الرعب والذعر في قلب طفلتها وأحرقتها.

ويبقى السؤال: ما ذنب الطفلة سجى؟ وماذا فعلت ليكون ذاك مصيرها؟

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة