الشيخ إسماعيل الراوي وكيل وزارة أوقاف جنوب سيناء
الشيخ إسماعيل الراوي وكيل وزارة أوقاف جنوب سيناء


عيد الأضحى 2019| «الراوي» يوضح الحكمة من «الأضحية» ووقتها

إسراء كارم

الخميس، 01 أغسطس 2019 - 05:19 ص

أوضح الشيخ إسماعيل الراوي وكيل وزارة أوقاف جنوب سيناء، أن الإسلام لم يشرع شيئا إلا لحكمة بالغة وهدف نبيل‏، فما من عبادة أو شعيرة شرعت في الإسلام إلا وكان الهدف الأسمى منها هو التقرب إلى الله وزيادة درجة التقوى وتحقيق مصلحة الفرد والمجتمع.

وأضاف خلال تصريحات له، أنه هكذا يجب أن تكون حياة المسلم كلها لله رب العالمين‏,، قال تعالى:
{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ}
[الأنعام:162-163].

وذكر أن من نفحات الله وفضله على عباده أن جعل لهم مواسم يتقربون إليه فيها بعبادات متنوعة‏، ليزدادوا قربا وعطاء وأنسا به سبحانه ‏وتعالى,، ومن تلك الأوقات المخصوصة بمزيد رحمة وإحسان العشر الأوائل من ذي الحجة التي أقسم الله تعالى بها‏:
{وَالفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر:1-2]
وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏: ‏
«ما العمل في أيام أفضل منها في هذه‏ ‏ قالوا:
ولا الجهاد؟
قال‏: ‏ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء»، ولذا يستحب التقرب إلى الله في هذه الأيام المباركة بجميع الوسائل‏.‏

وأضاف أن الأضحية من هذه الوسائل التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى في أيام النحر بشرائط مخصوصة‏، والمقصود بالأضحية شكر الله تعالى على نعمة الحياة إلى حلول الأيام الفاضلة من ذي الحجة وعلى التوفيق فيها للعمل الصالح‏.‏

وتشتمل الأضحية على معان جليلة وحكم قيمة‏ منها‏:‏ التشبه بالحجاج حين ينحرون هديهم في فريضة الحج‏، سواء على وجه الوجوب للمتمتع والقارن أو على الاستحباب للمفرد‏
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
«ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها‏، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فطيبوا بها نفسا» (‏سنن الترمذي‏).‏

ولفت أنه من التشبه بالحجاج أيضا في الأضحية أنه يسن لمن أراد الأضحية عدم قص الأظافر وحلق الشعر إلا بعد ذبح أضحيته، كما هو شأن الحجاج‏، وهو تشبه بهم في كونهم شعثا غبرا‏، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:
«‏من أراد أن يضحي فلا يقلم أظفاره ولا يحلق شيئا من شعره في العشر الأول من ذي الحجة» (‏سنن الدارمي‏).‏

وأشار إلى أنه من التشبه بالحجاج أيضا في الأضحية التوسعة على الفقراء والمساكين وإدخال السرور عليهم‏، كما قال تعالى‏:
{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ}
[الحج:27],،
ولذلك كان تقسيم الأضحية كما قال الإمام أحمد‏:‏
نحن نذهب إلى حديث عبد الله‏:‏ يأكل هو الثلث‏، ويطعم من أراد الثلث‏، ويتصدق بالثلث على المساكين‏
وقال الشافعي‏:‏
أحب ألا يتجاوز بالأكل والادخار الثلث‏,، وأن يهدي الثلث‏، ويتصدق بالثلث‏.
(‏تفسير ابن أبي حاتم‏)‏

ولفت إلى أنه من هنا قال تعالى‏:
{لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج:37]
ففي الآية دلالة صريحة على أن الأضحية لا تطلب لذاتها‏، ولكن للتوسعة على الفقير وابتغاء التقوى ومحبة الخير لكل الناس‏، ويؤكد ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها‏:
«أنهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏: ‏
ما بقي منها؟
قالت‏: ‏ما بقي منها إلا كتفها‏.‏ قال‏: ‏بقي كلها غير كتفها‏» (‏الترمذي‏).‏

وأضاف أن من حكم مشروعية الأضحية تحقيق فضيلة التقوى‏، وذلك بالإذعان والطاعة والانقياد لأمرالله تعالى حيث قال تعالى‏: {لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ} [الحج:37]،
وتتحقق التقوى كذلك بحسن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هديه وبيانه لشروط الأضحية التي تدور حول سلامتها من العيوب تقوى للمضحي ونفعا للفقير‏، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏: «أربع لا تجوز في الأضاحي‏:‏ العوراء بين عورها‏، والمريضة بين مرضها‏، والعرجاء بين ظلعها‏، ‏أي عرجها‏، والكسير التي لا تنقي‏، أي الهزيلة‏».
(سنن أبي داود‏)‏


وتابع، ذلك أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا‏، فقال تعالى‏:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة:267]
والإنفاق لا يكون إلا من أطيب ما يملكه الإنسان‏.‏

وذكر أن في الأضحية كذلك نوع إشارة إلى القربان الأول في حياة البشرية حيث قدم كل من ولدي آدم قربانا‏، ‏فقدم هابيل كبشا من أجود الكباش التي يملكها‏،, في حين قدم قابيل بعضا من أردأ ثمار الأرض التي يملكها‏، فتقبل الله قربان هابيل ورد قربان قابيل‏،
قال تعالى‏:
{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ} [المائدة:27]
فقبول العمل مرتبط بالتقوى‏، ‏وعلامة ذلك البذل والعطاء مما يحبه الإنسان‏، قال تعالى‏: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92].‏

وأشار إلى أن في الذبح والأضحية تذكير بسيدنا إبراهيم عليه السلام وإحياء لسنته‏، إذ ابتلي فصبر‏، وقدم أمر الله سبحانه ومحبته على فلذة كبده وولده إسماعيل‏، حين امتثل لأمر الله وهم بذبحه‏، ففداه الله عز وجل‏: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصَّافات:107].‏

وأشار الراوي إلى أن لكل هذه المعاني ولغيرها كانت الأضحية ذات شأن ومشروعية واستحباب من قبل الشرع الشريف‏، إذ فيها دلالة على حسن العلاقة بين العبد وربه‏، ‏وبين الإنسان وأخيه الإنسان‏، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم‏:‏
«من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا‏» (‏مسند أحمد‏).‏

وأوضح أن وقت الأضحية يبدأ من بعد صلاة العيد لقول الله تعالى‏: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2]،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏: «من ذبح بعد الصلاة تم نسكه‏,‏ وأصاب سنة المسلمين» (‏البخاري ومسلم‏)
وينتهي الوقت بغروب شمس ثالث أيام التشريق‏، وفي ذلك توسعة للزمان حتى تتحقق التوسعة على الفقراء طول أيام العيد‏.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة