محمد درويش
محمد درويش


نقطة في بحر 

محمد درويش يكتب: الصحافة.. فطنة

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 04 أغسطس 2019 - 01:15 ص

كلما طالعت صفحات الحوادث في معظم الصحف يومية أو أسبوعية أو تلك التي تتناولها المواقع الإلكترونية، أتذكر مقال ياسر رزق رئيس مجلس إدارة دارنا الحبيبة في صفحة رثاء الراحل محمد زعزع وهو أحد رواد صحافة الحوادث في مصر.

أشار الأستاذ ياسر إلى واقعة مضى عليها حتى الآن ٣٤  عاماً ودرس تعلمه من الأستاذ زعزع حين كانا أول صحفيين يصلان إلى شقة قتيل «فنان شهير» ورأينا بشاعة ما ارتكبه قاتله، مشهد يسيل له مداد أي صحفي ليوثقه بقلمه ويرصده بعدسته ولكن أستاذنا زعزع طلب من المصور عدم استخدام الكاميرا مطلقا، وعندما عاد إلى الجريدة طلب من ياسر رزق كتابة قصة خيرية ثم أمسك بما كتبه وحذف كل ما اعتبره ياسر قصة صحفية مثيرة وقال له: الرجل مات ورأينا بشاعة المشهد، ولكن الأمانة تقتضي ألا نصف للقارئ ما رأيناه، هذا يسيء للراحل جدا وفى نفس الوقت لن يضيف للقارئ سوى إشباع نهمه وفضوله حول ما حدث لشخصية شهيرة.

تذكرت هذه الحكاية وأنا أشاهد على صفحة أحد الزملاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لجثة فتاة عمرها ١٧ سنة أشار إلى أنها سيدة رغم أن تقرير الطب الشرعي لم يصدر بعد، الزميل كانت نيته حسنة للغاية عندما كتب أنه ينشر الصورة ربما يتعرف عليها أحد حيث لم يستدل على صاحبتها.

طالبت الزميل بحذف الصورة مراعاة لإجلال الموت وقلت له إن كتابة البيانات كافية وبالقطع إذا قرأها أحد من أقاربها سيتحرك على الفور أما إذا كان من معارفها فسينأى - كالعادة - بنفسه خوفا من س.. و.. وج.

وذكرت الزميل بأننا كمصريين نرفض دخول رجل على سيدة ماتت حتى لو كان من محارمها حتى عند النزول للقبر تسمع من ينادي: المحارم فقط هى التي ترفع الجثة وتواريها الثرى. 

امتثل الزميل وهو أخ أصغر قائلا: تعليماتك أوامر فقلت له ليست تعليمات هى وجهة نظر ومن حقك أن تعمل بها أو ترفضها.

دارت في ذهني الكثير من الحكايات حول تناول الحوادث في الصحف والمواقع وتذكرت زميلا - رحمه الله - كان مشرفا على صفحة الحوادث وأجاز خبرا عن سيدة قتلت زوجها دون أن يشير إلى اسمها أو اسم الزوج في الوقت الذي نشر فيه اسم شقيقها رباعيا ووظيفته وكان موجها بالتربية والتعليم وكل دوره فى الحكاية أنه هو من أبلغ عن اختفاء زوج شقيقته دون علمه بأنها هى الجانية، وطبعا حصل المحرر على الاسم من المحضر الذي تحرر ببلاغ الرجل.

عندما عاتبت زميلي على نشر الاسم كاملا وهو ما قد يسيء إليه وأسرته، تطور الأمر إلى مناقشة حادة وأغلقت النقاش عندما فاجأني بسؤال غريب: هو يقرب لك ولا إيه؟
آه والله كان هذا هو مقياس رؤيته لألف باء الفطنة الصحفية التي يجب أن يتحلى بها كل جورنالجى.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة