كما تنبت الشجرة الضخمة من بذرة صغيرة فكذلك تتولد الأعمال العظيمة من فكرة بسيطة.. هذا ما حدث مع الطالب أحمد عباس محمد الطالب بالصف الثانى الثانوى الذى طلب وهو طفل من والده مصباحا صغيرا لدراجته وعندما رأى الدينامو الخاص بإنارة المصباح.

بدأ يفكر كيف تتولد الكهرباء من حركة ملف داخل مجال مغناطيسى.. ومع استخدامه اليومى لمترو الأنفاق فكر: ماذا يحدث لو اعتبرنا المترو بحجمه الضخم ملفا ووضعنا مغناطيسا ضخما على امتداد مساره؟ فكانت الاجابة بعد أبحاث ودراسات ومناقشات أن ذلك سوف يولد كمية ضخمة من الكهرباء.. حاورناه حول تفاصيل ابتكاره وأهميته وطموحاته وأحلامه فى السطور التالية.

كيف نبتت لديك فكرة توليد الكهرباء من حركة سير مترو الأنفاق؟

- وأنا فى المرحلة الابتدائية وأثناء ركوبى للدراجة أردت أن أثبّت بها مصباحا للإنارة فقام والدى بشراء دينامو صغير وشاهدت كيفية تركيبه على إطار الدراجة وكيف يمد المصباح بالكهرباء فيضئ من خلال دوران الدينامو المثبت على الاطار، فكانت هذه بداية اعجابى بالفكرة ورغبتى فى أن أعرف كيف يتم ذلك وكيف يقوم هذا الدينامو بتوليد الكهرباء؟ وأثناء دراستى لنظرية فراداى والبداية الأولى لمعرفتى طريقة توليد الكهرباء عن طريق دوران القرص النحاسى بين قطبى مغناطيس وبأسئلتى المتواضعه مع أساتذتى لمادة العلوم بالمدرسة فهمت أن الدينامو هو عبارة عن تحريك بالدوران لملف نحاسى بين ملفات مغناطيسية، وأن أى جسم متحرك على شكل ملف بين قطبى مغناطيس يمكن أن يولد كهرباء، وأثناء ركوبى للمترو مع والدتى ومشاهدتى للنفق الذى يسير فيه تخيلت وجود مغناطيس بالنفق وأن المترو بجسمه الهائل يخترق هذا المغناطيس فيخرج منه كهرباء وكل مرة أركب فيها المترو أتخيل هذا الخاطر.

وظلت الفكرة مختزنة ومختمرة فى ذهنى، وخلال سنوات الدراسة من الصف السادس الابتدائى وحتى دخولى المرحلة الثانوية العامة بنفس المدرسة كنت أتقدم بأفكار لنماذج مجسمة للموضوعات العلمية التى أدرسها بمادة العلوم ونماذج مبسطة لروبوت بالطاقة الشمسية لأساتذتى بالمدرسة الذين كانوا يشجعون اجتهادى ويقومون بتقديمها كنشاط علمى على مستوى المدرسة والمنطقة التعليمية التى قدمت لى العديد من شهادات التقدير للتميز فى مجال العلوم فى الصف السادس الابتدائى وأثناء المرحلة الاعدادية، وأثناء دراستى بالصف الأول الثانوى عرضت فكرة توليد الكهرباء من سير مترو الأنفاق على أساتذتى بالمدرسة الذين أثنوا على الفكرة وصحتها علميا طبقا للنظريات الفيزيائية لتوليد الكهرباء، وقاموا بتشجيعى على تنفيذها بمساعدتهم وقدموا شهادة تقدير للفكرة وتقدموا بها لمسابقة فى العلوم على مستوى القاهرة ففازت بالمركز الأول على مستوى مدارس اللغات.
مغناطيس كهربائى.

ما التصور المبدئى للتطبيق العملى لفكرة الابتكار؟

- تعتمد الفكرة على القيام ببناء مغناطيس كهربائى على طول مسار المترو، واضافة ملفات كهربائية أعلى جسم المترو وعندما تسير عربات المترو داخل مجال المغناطيس الكهربائى بسرعته التى تصل إلى حوالى 80 كم/س سوف يقطع المجال المغناطيسى ويقوم بتوليد كمية كبيرة من الكهرباء، كل قطار يتكون من 9 عربات فكل عربة ستولد كمية من الكهرباء اذا جمعناها فاننا يمكن ان نولد من كل عربة أكثر من 5 اضعاف الكهرباء المستهلكة فى تشغيل المغناطيس الكهربائى والتى استهلكها القطار.. فإذا كان الخط الأول للمترو يستهلك الطاقة التى تنتجها ثلاث محطات فإن حجم الطاقة الكهربائية المنتجة من أستغلال مرور وحدات المترو على الخط يمكن ان يكفى لانارة القاهرة كاملة عن طريق الخط الاول لمترو الانفاق فالفكرة ببساطة سوف تحول وحدات مترو الانفاق من مستهلك رئيسى للكهرباء إلى مولدات هائلة للكهرباء.

ما الجديد الذى تقدمه فكرة الابتكار؟

- هو اضافة ميزة جديدة للمترو إضافة إلى نقل الركاب وهى توليد الكهرباء من حركة سيره وذلك عن طريق استغلال المزايا الكثيرة المتوافرة فيه والتى تتمثل فى الحجم الضخم الهائل لجسم مترو الانفاق والسرعة الكبيرة التى يتحرك بها هذا الجسم الهائل والاستدامة وعدم التوقف عن استخدام المترو فى نقل الركاب وازدياد عدد وحدات المترو المستخدمة على الخطوط.

حقائق ومعلومات

وماذا تمثل تلك المزايا من الناحية العلمية والعملية؟

- كل تلك المزايا ثابتة من خلال العديد من الحقائق والمعلومات: أولا بالنسبة للحجم الضخم لجسم مترو الانفاق فأن وحدات المترو تتكون عادة من عدد تسع عربات للركاب، متوسط أبعاد جسم عربة المترو الواحدة حوالي: 21.5 متر للطول× 2.90 متر للعرض بإجمالى مسطح حوالي 62.35 متر مربع وأرتفاع حوالى 4.5 متر فيكون حجم عربة المترو الواحدة = 280.58 متر مكعب × عدد 9 عربات فيكون الحجم الإجمالى لوحدة المترو المكونة من عدد 9 عربات = 2.525.18 متر مكعب أى ما يعادل حجم مبنى مكون من 12 دورا بمساحة 200 متر مربع للدور.

وبالنسبة لسرعة الحركة لوحدات المترو بمصر هى محددة بحوالى 80 كم / الساعة، أي 1.33 كيلو متر فى الدقيقة أي22.22 متر فى الثانية الواحدة، بعبارة أخرى نحن أمام جسم هائل يتحرك بين المحطات بسرعة 22.22 متر فى الثانية الواحدة أو1.33 كيلو متر فى الدقيقة.

أما بالنسبة للاستدامة فان حركة سير مترو الأنفاق تتميز بأنها حركة سير دائمة مستمرة وبدون أنقطاع على مدار اليوم، وهو ما تؤكده بيانات عام 2013 / 2014 للشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو التى تفيد أن عدد وحدات (قطارات) المترو العاملة على خطوط مترو الأنفاق كانت كالتالي:

بالنسبة للخط الأول للمترو كانت تعمل عليه 47 وحدة مترو عدد رحلاتها 522 رحلة فى اليوم، وإجمالى المسافة التى تقطعها تلك الوحدات 22446 كيلو مترا فى اليوم الواحد.

بالنسبة للخط الثانى للمترو كانت تعمل عليه 30 وحدة مترو عدد رحلاتها 664 رحلة فى اليوم، وإجمالى المسافة التى تقطعها تلك الوحدات 13280 كيلو مترا فى اليوم الواحد.

وبالنسبة للخط الثالث للمترو كانت تعمل عليه 8 وحدات مترو عدد رحلاتها 430 رحلة فى اليوم، وإجمالى المسافة التى تقطعها تلك الوحدات 5160 كيلو مترا فى اليوم الواحد.

تأثير ضار

ولكن المجال المغناطيسى قد يكون له تأثير ضار على صحة الانسان.

- بالفعل يتردد هذا الكلام عند عرض فكرة المشروع على أى جهة، وردا على المحاذير يتم تغليف المغناطيس من الخارج بعازل للمجال المغناطيسى بواسطة الوسائل والخامات العديدة المستحدثة والمستخدمة فى منع نفاذية المجال المغناطيسى حتى لا يؤثر فى الأنسان أو الكائنات الحية، وتلك الخامات العازلة متوافرة ومستخدمة بنجاح ممتاز فى مشروعات القطارات فائقة السرعة المسمى «القطار الطلقة» بالصين واليابان ودول أخرى وهذا القطار يعتمد فى سرعته على أستخدام المجال المغناطيسى لرفع القطار بما يحقق تقليل احتكاكه بالأرض وشدة المجال المغناطيسى المستخدم فيه أقوى كثيرا من المجال المغناطيسى المطلوب لتنفيذ فكرة مشروعى.

وهل حصلت على براءة اختراع عن هذا الابتكار؟

- فى مارس 2015 تقدمت إلى وزارة البحث العلمى للحصول على براءة اختراع للفكرة، ولقد سجلت وأنتظر الحصول على براءة الاختراع.

وما المسابقات التى شاركت بها والجوائز التى حصلت عليها؟

- تقدمت إلى مسابقة «القاهرة تبتكر» بالفكرة التى لاقت تشجيعا من اللجنة المشكلة من الوزارة وأثنوا على الفكرة وجدارتها، وقامت الوزارة باشراكى فى معرض القاهرة الثانى للابتكارات بقصر البارون فى شهر نوفمبر 2015 وحصلت على جائزه من شركه شنيدر الكتريستى احدى الشركات الراعية للمعرض.

ثم رشحنى مكتبان بوزارة البحث العلمى هما المكتب الاعلامى لبراءات الاختراع وجهاز تنمية الابتكار لتمثيل مصر فى معرض جنيف الـ44 للابتكار لعام 2016، وقد دعمتنا الوزارة بدفع تذاكر الطيران والبرتشن partition للمعرض.

ما طموحاتك المستقبلية؟

- هى خدمة وطنى أولا بالتطبيق العملى لفكرتى على وحدات المترو، والالتحاق بجامعة زويل، واما طلباتى من وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالى فهى مساواة الطلاب أصحاب المهارات العلمية بالرياضيين فى الثانوية العامة باعطاء كل مخترع نفس الدرجات التى يحصل عليها المتفوقون رياضيا.