رامي صبري
رامي صبري


سؤال مكرر في سادس ألبوماته

" فارق معاك " .. متى يعثر رامي صبري على شخصيته الفنية ؟

مصطفى حمدي

الثلاثاء، 06 أغسطس 2019 - 02:52 م

يمتلك رامي صبري أغلب الأدوات اللازمة لصناعة مطرب مهم في معادلة سوق الأغنية المصرية، صوته جيد، ملحن شاطر، ولديه قاعدة جماهيرية مقبولة شكلها على مدار 15 سنة تقريبًا هي عمره الفني.

سنوات طويلة مقارنة بما حققه رامي من نجاحات كبيرة فيها، خاصة وأنه بدأ رحلته مع مكتشفه المخرج والمنتج طارق العريان كمشروع عمرو دياب جديد، ثم أكمل مسيرته محاولًا التخلص من هذه التهمة بقدر الإمكان، ولا شك أنه نجح في ذلك، ولكنه ظل طوال الوقت يبحث عن شخصية فنية واضحة له، وهنا تكمن المشكلة .

طرح رامي منذ أيام ألبومه السادس " فارق معاك" الذي يمثل تعاونه الأول مع شركة نجوم ريكوردز، بعد تجربة قصيرة مع شركة روتانا وقبلها تعاون غير طويل مع شركة مزيكا في ثلاثة ألبومات كان آخرها "الراجل" الذي صدر عام 2017 والذي يعد أفضل ألبوماته .

الملاحظ أن "نجوم ريكوردز" كشركة منتجة تهتم كثيرًا بانعكاس حالة الثراء الإنتاجي على أعمالها، وهو ما يتضح في تفاصيل مثل جودة صور الغلاف التي التقطت بعدسة مصور "أجنبي"، وطريقة الدعاية خاصة الاهتمام بالـ layrics video  التي ظهرت بدون أخطاء إملائية ، وهو أمر نادر الحدوث لسبب لا يعلمه إلا الله !

ملاحظة أخرى مهمة، وهي أنه بين 12 أغنية يضمها الألبوم لحن رامي عشر أغاني ووزع أغنيتين، وهي تجربة تحمل علامات استفهام وراء الهدف من توليه تلك المهمة في ظل وجود موزع "ملاكي" لأغلب أعماله هو طارق توكل، والذي يكشف تاريخ تعاونه المستمر مع رامي أنه منفذ جيد لأفكاره، اذا ما وضعنا في الحسبان أن توكل لم يقدم أية تجارب مهمة مع مطرب آخر.

هنا مربط الفرس في تقييم تجربة رامي صبري، فمن الواضح أن لديه وجهة نظر فنية تسيطر على كل أعماله، تتضح بصورة أكبر في التلحين والتوزيع الموسيقي، ولكن هذه الرؤية الفنية لم تخرج عن إطار أغاني "البوب المصري" التقليدية التي تتنوع في أي ألبوم مابين أغنيتين أو ثلاثة من ايقاع المقسوم، ومثلهما من موسيقى الهاوس أو التكنو، ومجموعة أغاني درامية يتصدرها الرتم الاسباني مثلًا .

هل هذه التفاصيل كافية لخلق شخصية فنية متفردة ؟ بالطبع لا .. فبالنظر إلى أغاني الألبوم مع الاعتراف بجودة تنفيذها ستسمع أو سمعت شبيهة لها لدى كل أبناء جيل رامي، وهذا لا ينفي وجود بعض الأغنيات المميزة مثل " أنا بابا"، و "عجبي عليك يازمن" التي صاغ لها مديح محسن لحنًا شرقيًا جيدًا أفسده رامي بتوزيع أضيق من المساحات الرحبة للحن، والتي كان من الممكن أن تبدأ بموال شرقي يبرز فيه رامي قدراته الصوتية ولكنه فضل البقاء في منطقة آمنة .

حرص رامي في "فارق معاك" على التعاون مع أسماء كبيرة في مجال الكتابة والتوزيع والتلحين مثل الشعراء أمير طعيمة، وتامر حسين، وأحمد علي موسى، وفي التوزيع يبرز تميم كمتخصص في صناعة أغاني البوب المستندة الى ايقاعات الهاوس أو الفانك أو الديسكو سترينج ، ولكن هل قدمت هذه الأسماء شيئًا مميزا ومبهرًا لرامي ؟

منعا للإطالة يمكن أن نحلل مجموعة الأغاني الدرامية في الألبوم كمثال، والتي بلغ عددها خمسة أغنيات، أهمها "حاول تنساني" كلمات تامر حسين ، "بقابل ناس" و "فارق معاك" كلمات أحمد علي موسى، والأغنيات الثلاثة نسخ متشابهة في التوزيع المعتمد على الرتم الاسباني المستهلك منذ زمن في هذا اللون، حتى أن الدخول في أغنية "بقابل ناس" يشبه الى حد كبير أغنية "وافتكرت" التي قدمها حماقي منذ 10 سنوات، أما في أغنية "فارق معاك" فبدى دخول الأغنية كامتداد واضح لأغنية "متحاسبنيش" لشيرين عبد الوهاب، وهي مسئولية تلقى على عاتق الموزع طارق توكل الذي تنقل طوال الألبوم بين أشكال موسيقية تقليدية، فعندما قدم المقسوم في أغنية "هو في كده" التي كتبها أحمد علي موسى ولحنها رامي قدم شكل المقسوم اليوناني الذي أصبح بصمة من بصمات عمرو دياب الموسيقية على مدار السنوات الماضية !

حالة التأثر الواضحة لدى رامي بأعمال الآخرين تجلت في أغنية "حكاية حبنا" التي استخدم في دخولها مؤثرات حية لأصوات متداخلة بين أمواج بحر وأطفال، ولكن استخدام المؤثر الصوتي الحي في أي أغنية لابد أن يكون إضافة لتأكيد الفكرة وخلق جو عام كما حدث مثلا في أغنيتي محمد حماقي  "صور" و "ياغربة" لأن موضوع كل أغنية كان متماشي مع المؤثر الحي سواء صوت بحر وزحمة مصيف في الأولى، أو صوت المذيعة الداخلية للمطار في الثانية ، ولكن في "حكاية حبنا" ستتوقف طويلًا لتفهم علاقة الأغنية وكلماتها بالمؤثر الصوتي ، إلا لو تخيلت أن الأغنية تحكي قصة أب فقد ابنه،وففي هذه الحالة سيضطر رامي لتقديم كليب يشرح الحدوتة.

ولكن هل يخلو ألبوم رامي من أي تجربة موسيقية مختلفة عن السائد ؟ في الحقيقة لا.. فهناك محاولة للتجديد واضحة في أغنية "أنا بابا" التي كتبها ولحنها عزيز الشافعي ووزعها المغربي جلال حمداوي، وهنا لابد أن نربط هذا التعاون بفكرة الشخصية الفنية، فعندما قدم رامي أغنية" الراجل" مع جلال حمداوي كانت بصمة حقيقة تؤهل المستمع للون فني جديد لدى رامي،  كلمات جريئة ولحن راقص على ايقاع مقسوم تم صياغته بروح أقرب للموسيقى المغاربيه، جلال حمداوي صاحب أغنية "المعلم" لسعد المجرد وأعمال اخرى ناجحة أبرزها "خطوة" لمصطفى حجاج التي كتبها ولحنها عزيز الشافعي أيضًا، يملك روحا جديدة على المقسوم المصري، يدخل فيها صبغته الفنية فتخرج بتركيبة أكثر حداثة، هذا التعاون كان من الممكن أن ينطلق به رامي لتشكيل شخصية فنية مغايرة للشكل التقليدي الذي استهلكه هو ومطربين كثيرين من نفس الجيل، ولكن رامي جنح كالعادة لفكرة اللعب في المضمون الذي لم يعد مضمونا في ظل سيطرة "موسيقى المهرجانات" مثلا على المزاج العام للمستمع المصري ، فخرج الألبوم وكأنه محطة جديدة في رحلة بحث رامي عن شخصيته الفنية المستقلة .. فهل يصل لها قريبًا ؟

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة