صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


رغم موافقة بريطانيا... لماذا ترفض أوروبا المشاركة في قوة عسكرية بقيادة أمريكا؟

سبوتنيك

الأربعاء، 07 أغسطس 2019 - 07:24 م

لم تنجح الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب بإقناع أي من شركائها الأوروبيين، بالاشتراك في القوة العسكرية البحرية التي تسعى واشنطن لتدشينها لحفظ الملاحة في مضيق هرمز.


فرغم موافقة بريطانيا، أعلنت ألمانيا رفض المشاركة في قوة بقيادة أمريكا، فيما ألمحت فرنسا أيضا عن رفض الأمر، ولم تعلن أي دولة أوروبية إلى الآن قبول المشاركة.


الرفض الأوروبي دفع أمريكا للبحث عن شركاء جدد، حيث طلبت من أستراليا واليابان الانضمام، فيما أكد مراقبون أن دول أوروبا لن تشارك في تلك القوة العسكرية.


وقبل أمريكا، أعلنت بريطانيا التي تعرضت ناقلتها النفطية للاحتجاز من قبل إيران في مضيق هرمز، عن خطط لتشكيل قوة بقيادة أوروبية لحماية الملاحة في منطقة الخليج.


مطالب أمريكية
وكانت واشنطن دعت أكثر من 60 دولة للمشاركة في حماية الأمن البحري، بحسب متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، حيث قال إن واشنطن قامت بدعوة أكثر من 60 دولة للمشاركة في حماية الأمن البحرين.


وأضاف: "سنترك الأمر لحلفائنا وشركائنا للإعلان علنا عن مشاركتهم في مبادرة حماية الأمن البحري".


وتابع: "سيكون من السابق لأوانه ومن غير المناسب التكهن أو التعليق على حالة كل دولة على حدة وطبيعة أي دعم محتمل"، مشيرا إلى أن المفاوضات مازالت مستمرة بهذا الشأن.


وأعلنت الحكومة البريطانية عن خطط لتشكيل قوة بقيادة أوروبية لحماية الملاحة في منطقة الخليج، وذلك عقب احتجاز إيران لناقلة نفط ترفع العلم البريطاني في مضيق هرمز.


وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت أمام البرلمان إن المهمة المقترحة لحماية الملاحة لن تكون ضمن السياسة الأمريكية الرامية إلى ممارسة أقصى درجة من الضغوط على إيران.


وقال ثلاثة دبلوماسيين كبار في الاتحاد الأوروبي حينها، إن فرنسا وإيطاليا وهولندا والدنمارك تدعم مهمة بحرية بقيادة أوروبية لضمان أمن الملاحة عبر مضيق هرمز، وذلك بعد أن اقترحت بريطانيا الفكرة عقب احتجاز إيران لناقلة نفط.


يأتي ذلك في الوقت الذي أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، أن بلاده ملتزمة مع الشركاء الأوروبيين بتعزيز الأمن البحري في الخليج.


موقف أوروبي
أعلنت بريطانيا أنها ستنضم إلى الولايات المتحدة "في قوة الأمن البحرية الدولية" لحماية السفن التجارية في مضيق هرمز وسط تصاعد التوتر مع ايران.


 وصرح وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب في بيان "ستعزز هذه القوة الأمن وتوفر الطمأنينة للملاحة".


من جانبه قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إن ألمانيا لن تنضم لمهمة بحرية بقيادة الولايات المتحدة في مضيق هرمز، مؤكدا أن بلاده تفضل مهمة أوروبية لكنه حذر في الوقت نفسه من صعوبة إحراز تقدم في هذا الصدد.


وقال ماس للصحفيين: "في الوقت الحالي يفضل البريطانيون الانضمام إلى مهمة أمريكية، نحن لن نفعل ذلك".


وأضاف: "نريد مهمة أوروبية"، مشيرا إلى أن هذا الأمر مطروح لكنه سيستغرق وقتا لإقناع الاتحاد الأوروبي بالقيام بمثل هذه المهمة".


ومن جهتها قالت المتحدثة باسم الحكومة الألمانية، إن المستشارة أنغيلا ميركل والحكومة بكاملها لا تفكران حاليا في مشاركة برلين في مهمة بحرية بقيادة الولايات المتحدة في مضيق هرمز.


سبب الرفض
مصطفى الطوسة، الإعلامي والمحلل السياسي المقيم في فرنسا، قال إن "فرنسا لم تعط يومًا أي ضوء أخطر للمشاركة في القوة العسكرية البريطانية أو الأمريكية، الجاري تدشينها لحفظ الأمن في مضيق هرمز".


وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "فرنسا استقبلت الفكرة وتحفظت عليها من البداية، خصوصا وأن تشكيل هذه القوة العسكرية يأتي في وقت تتوتر فيع العلاقة البريطانية بأوروبا بسبب البريكست، فهناك خلافات جذرية في المقاربة لقضايا الاقتصاد والدبلوماسية والأمن بين لندن وأوروبا".


وتابع: "لا أحد صراحة يعتقد بأن دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها فرنسا ستمنح هدية سياسية لبوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا، الذي يريد أن يقطع علاقات لندن بالاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وأن ينجز طلاقًا سياسيًا واستراتيجيًا بينهم".


ومضى قائلًا: "من هذه الزاوية لا أحد صراحة يعتقد بأن دولة أوروبية من الدول النافذة كألمانيا أو فرنسا، إيطاليا، إسبانيا ستتبع القرارات العسكرية التي يمكن لحكومة جونسون أن تتخذها في هذا الإطار".


وفيما يخص دعوة الولايات المتحدة الأمريكية، قال الطوسة: "لا ننسى بأن هناك أزمة ثقة بين دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بقيادة ترامب، هم يعارضون فكرة انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، وفكرة القيام بأي عمل عسكري ضد إيران، لا يثقون بأن ترامب قادر على قيادة حملة عسكرية على إيران لإجبارها العودة إلى طاولة المفاوضات".


واستطرد: "الاتحاد الأوروبي يعتقد بأن المقاربة السياسية والدبلوماسية الأنجح لإقناع إيران من البقاء في الاتفاق النووي، ووضع برنامجها الباليتسي وأنشطتها تحت المجهر الدولي، ولا يعتقدون بأن المقاربة العسكرية والقوى البحرية لحماية مضيق هرمز سيكون لها مفعول إيجابي في الظروف الحالية".


وعن السبب وراء عدم موافقة دول الاتحاد الأوروبي على دعوة ترامب العسكرية، أضاف الطوسة: "السبب الرئيسي لعدم انجرار دول الاتحاد الأوروبي وراء دونالد ترامب في هذه العملية هو أزمة الثقة، لا ننسى بأن ترامب يشجع البريكست الذي هدفه الأساسي هو إضعاف الاتحاد الأوروبي، دونالد ترامب يريد من الدول الأوروبية أن ترفع ميزانيتها في وزارة الدفاع لتمويل أمنها، فهو يفرض عليها نوعا من الابتزاز السياسي والأمني".


وأنهى حديثه قائلًا : "هناك علاقة نفور بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لهذه الأسباب، لا أحد يتوقع صراحة أن تدعم هذه الدول فرنسا ألمانيا تحديدًا، هذا المشروع في مضيق هرمز".


موقف بريطاني
من جانبه قال الدكتور عادل درويش، المحلل السياسي والصحفي المعتمد لدى مجلس العموم البريطاني، إن "دول الاتحاد الأوروبي لا تملك أي قوة عسكرية بحرية أوروبية عدا فرنسا، لكن فرنسا تريد أن تستفيد من الخلاف الأنجلو أمريكي مع إيران على أساس أن الاتحاد الأوروبي يريد الحفاظ على الاتفاق النووي".


وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "دول الاتحاد الأوروبي اتخذت من ترأس أمريكا للقوة العسكرية البحرية المشتركة حجة للرفض، لكن في الحقيقة تلك الدول لا تملك قوى عسكرية، ولا يريدون في الوقت نفسه الدخول في أزمة مع إيران".


وأكد أن "أمريكا لا يمكنها التدخل العسكري بشكل منفرد، إلا بقرار من مجلس الأمن تحت البند السابع، وهذا من الصعب أن يحدث بسبب الفيتو الروسي".


وتابع: "لا يمكن اعتبار أمريكا وبريطانيا قوة عسكرية، لابد من جذب مزيد من الدول، لهذا طالبت أمريكا من اليابان وأستراليا وغيرها من دول الكومنولث المشاركة"، مؤكدا أنه "في حل واقفت أي من هذه الدول، قد يدفع هذا دول الاتحاد الأوروبي للمشاركة".


أزمة إيرانية أمريكية
ويشهد الخليج منذ العام الماضي توترا متصاعدا على خلفية انسحاب الرئيس الأمريكي من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 بين إيران والدول الكبرى، وإعادة فرضه عقوبات على الجمهورية الإسلامية.


وردا على القرار الأمريكي، أعلنت طهران في مايو تخلّيها عن عدد من الالتزامات التي يفرضها الاتفاق على برنامجها النووي، مهدّدة باتخاذ تدابير إضافية ما لم تساعدها الأطراف الأخرى المشاركة في الاتفاق.


وشهدت المنطقة جملة هجمات استهدفت ناقلات نفط وطائرات مسيّرة أدت إلى مزيد من التصعيد.


وتتّهم الولايات المتحدة، إيران بالوقوف وراء هجمات استهدفت في يونيو ناقلات نفط في مياه الخليج، وهو ما تنفيه طهران.


وفي 19 يوليو احتجز الحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني وطاقمها المؤلف من 23 بحارا.


واعتبرت لندن أن احتجاز طهران للسفينة رد إيراني على احتجاز السلطات البريطانية أوائل يوليو ناقلة نفط إيرانية قبالة سواحل جبل طارق.


ودعت عمان إلى الإفراج عن السفينة البريطانية "ستينا إمبيرو"، كما حثت لندن وطهران على إيجاد حل دبلوماسي للنزاع بينهما.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة