د. عبد المنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر
 د. عبد المنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر


حوار|  د. عبد المنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر يرد على د.عصفور

أحمد عبيدو

الجمعة، 09 أغسطس 2019 - 01:43 ص

من باب الأمانة الصحفية والمهنية والدينية كان لابد من الرد على كلام د. جابر عصفور لـ«الأخبار» عن الأزهر فما كان لنا إلا الذهاب للدكتور عبد المنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر لكى ننقل له آراء د.جابر عصفور فى الأزهر الشريف، وعرضنا عليه الأمر فكان هذا الحوار الذى أكد فيه د.عبد المنعم فؤاد أن د.عصفور يجب أن يركز فى تخصصه ويترك أمور الأزهر والدين لمتخصصيها كما أكد أن علماء ووعاظ الأزهر مستنيرين وأكد أيضا أن الحجاب فرض والنقاب فضيلة وأن الأزهريين يقبلون الحوار وغير منعزلين عن العالم وقال أننا تختلف مع الأفكار وليس الأشخاص.. وإلى نص الحوار:

فى البداية.. قال د.جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق إن الشيخ الغزالى دافع عن فكر قاتلى الكاتب فرج فودة الذى نادى بالدولة المدنية الديمقراطية.. فما ردك على هذا القول؟
- أنا مبلغ علمى أن الشيخ الغزالى طلب منه الشهادة فى المحكمة أمام القضاء وأدلى بها، والقضاء هو الذى يحكم ويجب على د.جابر عصفور ألا يعقب على مسائل القضاء، ويجب علينا احترام حكم القضاء.


قال د. عصفور أيضا إن الأزهر يعمل على تقويض أسس الدولة المدنية.. فما ردك؟
- الأزهر يؤمن بالدولة المدنية والدولة الدينية التى أرساها الرسول عليه الصلاة والسلام، ويؤمن بالدولة المدنية بالمفهوم الذى لا يتعارض مع قيمنا وأخلاقنا وعاداتنا وتقالديدنا، فإذا كانت الدولة المدنية فى الغرب تبيح أشياء لا ترضاها عقيدتنا ولا أخلاقنا فالأزهر لا يمكن أن يقبل بها، ونقول للآخر أنت حر افعل ما تشاء ولكن تراثنا وعاداتنا وتقالدينا والعقد الاجتماعى فى المجتمع الذى يحافظ على أخلاقنا يرفض فعل هذا الشىء، فإذا كانت الدولة المدنية فى الغرب تبيح أشياء مثل الخمر وزواج المثليين فنحن نقول لهم أنتم أحرار ولكن ديننا وأخلاقنا يرفض ذلك، إذن الأزهر يؤمن بالدولة المدنية بمفهومها الذى يحافظ على القيم والأخلاقيات.


قال أيضا إن الأزهر يتصور أن كلمة المدنية تعنى الكفر؟
- من أين أتى بهذا د.عصفور ومن أى قاموس أتى بذلك؟!، ومن أى منهج أخذ هذا؟، وهل سمع شيخ الأزهر يقول ذلك وهو الرمز الأعلى للأزهر؟!، د. جابر عصفور يفترى على الأزهر ويتجاوز فى حقه، ويمكن الرد على هذا القول الذى قاله د. عصفور بأنه إما عالما أو جاهلا، أنا أقول إن د. عصفور عالم فطالما هو عالم فليأت بدليل فنحن أمة «هاتوا برهانكم»، إن كان يملك دليلا فيطلعنا عليه أما الاتهام والكلام المرسل فهذا يوضع تحت البند رقم 2 بأنه لا يعلم شيئا، وأنا أنزهه أنه لا يعلم.


ذكر د. عصفور أن أغلب وعاظ الأزهر غير مستنيرين لأنهم درسوا كتبا غير منقحة؟
- مازالت أقول أن هذا الكلام مرسل وأستطيع أن أقول بأن أضع لك خريطة اتهامات كاملة، فهذا الكلام ليس بكلام حكماء أو عقلاء أو علماء، فالذى يتحدث بكلام العقلاء والعلماء والعقلاء يأتى بالبراهين، من الذى يستطيع أن يعمم على هذا، وعاظ الأزهر تخرجوا على يد أساتذة وأخذوا شهادة موقعا عليها ومعترفا بها من الدولة وهم مصابيح علم فى مساجدهم ويدعون إلى الفضيلة وترك الرذيلة وحب الوطن والمحافظة على الأمن الفكرى فى بلدنا، نحن لم نخرج أولئك الذين يتحدث عنهم د. عصفور وربما تكون هناك فئات أخرى يعلم بها د. عصفور ونحن لا نعلم بها، ربما يكون هناك أزهر آخر يتحدث عنه غير الأزهر العالمى الذى يعرفه العالم الإسلامى والعالم الغربى كله، وأود أن أفهم ماذا يقصد بالتنوير؟، فنحن لا نستورد التنوير فنحن أهل النور، المسلمون علمهم ربنا أنهم من أهل النور، وهم الذين يخرجون الناس من الظلمات إلى النور، والله تعالى فى القرآن الكريم اسمه نور «الله نور السموات والأرض»، وسيدنا محمد فى القرآن هو نور «قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين» قال المفسرون إن النور هنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقرآن نفسه نور «فآمنوا بالله ورسوله والنور الذى أنزلناه»، فما هو الذى نزل القرآن؟ إذن .. ربنا نور ونبينا نور وكتابنا نور والمؤمنون يخرجون الناس من الظلمات إلى النور، فلسنا فى حاجة إلى استيراد ما يسمى بالتنوير، فالتنوير هذا أطلق فى أوروبا فى العصور الوسطى بعد عصر الظلام الذى عاشت فيه أوروبا فى الوقت الذى كان فيه المسلمون يعلمون أوروبا التقنيات الحديثة، ويعلمونهم العلوم الحديثة، رأينا أوروبا كانت ترسل أبناءها إلى إسبانيا ليتعلموا من علوم المسلمين هناك ومازالت كتب المسلمين مصابيح نور عندهم مثل كتاب الشفا لابن سينا مازال مرجعا هاما من المراجع الطبية فى أوروبا، كذلك كتب الخوارزمى، وكتب جابر بن حيان، وعباس بن فرناس الذى اكتشف علم الطيران، فديننا علمنا النور والتنوير وكل آيات القرآن تدعونا إلى النور لدرجة أن النور عندنا فى الإسلام هو الهداية، فنحن لسنا بحاجة إلى النور، فنحن نصدر النور، وأن كان المسلمون فى يوم من الأيام اصيبوا بضعف فكرى أو ثقافى فسببه معروف، سواء الاستعمار وظروف أخرى كثيرة أثرت على البلاد الإسلامية ولكن إذا عدنا إلى ديننا سنجد ديننا يدعونا إلى الثقافة والتقدم والرقى والبحث فى الكون «قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم»، وقد أثبت العلم الحديث أن الأرض ليست هى القشرة الأرضية فقط إنما الأرض بغلافها الجوى تعد أرضا، فديننا يتكلم عن علم الأجنة والسياسة والاقتصاد، فسورة كاملة فى القرآن الكريم نزلت فى علاج اقتصاد مصر وهى سورة يوسف.

اقرأ حوار د. جابر عصفور من هنـــا 


قال د. عصفور أيضا إن صحيح البخارى يحتاج إلى تنقيح؟
- نترك الأمر للدكتور عصفور كى ينقح، الأمة منذ 12 قرنا من الزمان اعترفت بإمامة البخارى وأنه أمير المؤمنين فى الحديث، صحيح البخارى نقحه علماء الأمة وأعطوه رتبة رقم واحد والذى يتحدث عن الحديث لا بد أن يكون متخصصا فى الحديث، فأنا لا أستطيع التحدث فى أصول الفقه لأن تخصصى عقيدة وفلسفة، ولا أستطيع أن اتكلم فى الطب أو الهندسة لأنه ليس تخصصى، إذن اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، فالدكتور عصفور هل هو أستاذ فى علم الحديث؟!، أعلم أنه أستاذ له مكانته فى كليته وتخصصه ونقدر له ذلك ولكن إطلاق القذائف الفكرية على رموز الأمة أمر يحتاج إلى مراجعة، فعلم الحديث له علماء متخصصون هم الذين يدلون بهذا الرأى لست أنا أو د. عصفور.


قال أيضا إن الدولة لا دين لها، فهى تشبه جهاز الكمبيوتر؟
- جهاز الكمبيوتر لا ينظم نفسه، وجهاز الكمبيوتر يحتاج إلى مهندسين، وجهاز الكمبيوتر يحتاج إلى خرائط للتحرك فيه، والدولة تحتاج إلى حكماء ومجلس نواب، وما تعاقد عليه الناس من عقد اجتماعى فى الأمر هو الذى يقرر ذلك والدستور يقرر أن الدين الرئيسى للدولة هو الإسلام وآخرون يقولون إنه لا دين لها فمن الصادق؟، أوجه هذا السؤال إلى من يتساءله، فأنت تقول إن الدولة لا دين لها فكيف وضع فى الدستور أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وأيضا الاعتراف بالشريعة المسيحية لأصحابها، فنحن لا نقول كلاما غير واقعى، فيجب ألا نأخذ الأمور إلى عالم الأوهام والكلمات الضبابية، إنما ننزل إلى أرض الواقع والتى تقول غير ما سمعته الآن من د. جابر عصفور.


قال د. عصفور إن الحديث الشريف الخاص بالحجاب عفى عليه الزمن ولا يصلح للعصر الحالى؟
- الحجاب فرض من الله سبحانه وتعالى بنص من القرآن الكريم «سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون» أول مطلع سورة النور وفرضناها تعنى أن كل ما فيها مفروض، وجاء فى السورة بعد ذلك قوله: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم» ثم قوله: «وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن» وهنا لام الأمر لتؤكد هذه المسألة، وضرب الخمار يكون من أعلى إلى أسفل، هذه اللقطة أخذت تصوير المرأة من أعلى، والباقى؟، فى سورة النساء جاء قوله: «يأيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن»، والدنو هو الجزء السفلى، إذن سورة النور تحدثت عن ضرب الخمار فى الجزء العلوى، وسورة النساء تحدثت عن ضرب الخمار فى الجزء السفلى، وعرفت الأمة من وقت سيدنا محمد أن الحجاب فرض، فإذا خرج علينا ليقول إنه ليس هناك حديث عن الحجاب وفرضه فهذا قلة اطلاع، أو عدم تتبع وعدم توثيق وإذا رجع للقرآن الكريم سيجد هذا الأمر فرضا.


قال د. عصفور إن الأزهريين لا يقبلون الحوار؟
- هذا كلام غير صحيح والدليل على هذا إجراء هذا الحوار وغيره من الحوارات، ونؤمن بالحوار إيمانا جيدا ولنا منظارات وحوارات، من يتهمنا فأين البرهان فنحن نؤمن أن القرآن نادى بالحوار وأن القرآن فتح باب الحوار على مصراعيه بشرط أن يكون الحوار هادفا وبناء وليس الحوار استنكاريا أو للاستخفاف بالآخرين، فنحن نقبل الرأى والرأى الآخر، فربنا فتح الحوار مع إبليس إلى أن قال إبليس: «ربى أنظرنى إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين»، وبين القرآن أن الحوار شىء مطلوب فى الإسلام والدليل أن سيدنا موسى حاور فرعون، ومَن فرعون؟ الذى قال أنا ربكم الأعلى، وكذلك سيدنا إبراهيم سجل أرقى أنواع الحوار مع النمرود، «ألم تر إلى الذى حاج إبراهيم فى ربه أن آتاه الله الملك إذا قال إبراهيم ربى الذى يحيى ويميت قال أنا أحيى وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب فبهت الذى كفر»، إذن الحوار تعلمناه من الله والرسول، فالرسول حاور اليهود وحاور وفد نجران المسيحى فى مسجده واحترم الوفد وأكرمه، إذن ديننا يدعو إلى الحوار مع الآخر، فديينا ليس دينا تصادميا ولكن تحاورى فلدينا مادة فى الأزهر اسمها فقه الحوار، فالأزهرى تعلم الحوار منذ نعومة أظافره ونحن على استعداد للحوار مع د. عصفور وأى شخص يحاول يسعى إلى الحق.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة