دار الكتب
دار الكتب


معاناة الباحثين في دار الكتب!

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 15 أغسطس 2019 - 03:23 ص

 

للأسف رحلة معاناة شاقة تنتظر الباحثين في أروقة هذا الكيان العريق، والذي يعد في العديد من دور العالم المتقدم مصدرا مرموقا للدخل القومي، ومظهرا حضاريا في البلد الذي يحتضنه، فدور الكتب الوطنية وأرشيفات الدول هي علامات دالة على رقي وتحضر البلدان التي تمتلكها.

 

ولمصر دار كتب عريقة بدأت رحلتها منذ نحو القرنين، ومع أن التقنيات الحديثة في حفظ المطبوعات والوثائق تتيح رحلة مريحة للمؤلفين والباحثين فى هذا العالم الشيق إلا أن الأمر يختلف عندنا فى دار الكتب المصرية، فرغم عراقتها إلا أن الرواد يلقون صعوبات جمة فى طريق بحثهم عن مصادر ومراجع فى خزانات دارنا العريقة.


على الرغم من أن هذا الصرح العريق قد شهد مؤخرا تحديثا محمودا، ومن منطلق حرصنا على هذا الكيان العريق الذى بدأ رحلته منذ نحو القرنين، أنصتنا لهموم المؤلفين والباحثين الذين يلقون صعوبات جمة فى طريق بحثهم عن مصادر ومراجع فى خزانات دارنا المرموقة، مع أن التقنيات الحديثة فى حفظ المطبوعات والوثائق تتيح رحلة مريحة للرواد، عبر السطور التالية نجسد متاعب الباحثين.

 

فى البداية يقول الباحث محمد توفيق: "يحتاج الموظفون فى دار الكتب إلى الخيال فى إدارة هذا الكيان التاريخى حيث يعتبر عمره أكبر من أعمار العديد من الدول، فكلما أسأل هناك عن عدد من صحيفة قديمة يقولون لى إنه فى الترميم أوغير متاح، وحين أطلبه بصيغة أخرى يقدمون إلىّ المجلد المتضمن العدد الذى أريده، واندهش حين أسألهم عن كتاب صادر فى فترة التسعينيات من القرن الماضى، وتكون إجابتهم ممنوع الاطلاع عليه ولا يوجد سبب حقيقى لعدم إتاحته للباحثين".

 

، ويتساءل توفيق: "لماذا لم يتم حتى الآن رقمنة الإصدارات الصحفية القديمة والاكتفاء بالتخزين الورقى، مما سيؤدى إلى كارثة إذا حدث - لا قدر الله- حريق سيأكل هذه الكنوز؟ ومن صور المعاناة التى ألاقيها فى الدار رداءة تصوير صفحات المصادر والمراجع المطلوبة حيث تخرج غالبا بيضاء باهتة وغير واضحة أو سوداء معتمة، فلماذا لا توفر الدار كتب ماكينات تصوير حديثة؟ ولماذا لا تضع الأرشيف الصحفى لكافة الإصدرات على الشبكة الدولية  ويكون تسديد الرسوم عبر بطاقة الائتمان".


خارج القاهرة


أما الباحثة د.رضوى زكي فتقول: "المشكلة التى يعانى منها الباحثون القادمون من خارج القاهرة هى ضيق الأوقات المتاحة التى تفتح خلالها دار الكتب أبوابها، وأتمنى أن يضيفوا فترات جديدة مناسبة لهم، وأن تكون هناك فترات مسائية أطول، وسؤالى بشأن قانون 183 لعام 2018 الذى يتحدث عن حفظ المخطوطات التى عثر عليها أو الأعمال التى عادت إلى الوطن بعد تهريبها، هل ستكون الحصيلة متاحة للباحثين؟".

 

وتتابع رضوى حديثها قائلة: "أحيانًا الباحث لا يكون قد سجل موضوع رسالته للماجستير والدكتوراه، ولذلك يجرى منعه من الإطلاع، وبعض الباحثين يرغبون فى الإطلاع على عدة مخطوطات فيرفض الموظفون ذلك بحجة أن بحثهم لا يتضمن مطالعتها، بالرغم من أن مجال تخصصهم يسمح بذلك، مما يتطلب مرونة من المسئولين فى هذا الأمر، وأندهش من وجود بعض المخطوطات التى يمنعون عرضها، ولا نعرف السبب رغم أنها غير مرتبطة بالأمن القومى، وأتساءل: لماذا لا يسمح للباحثين بتصوير بعض المخطوطات المرتبطة بدراستهم؟، وأطالب برقمنة المخطوطات بشراكة مع جهات مصرية أو عربية أو دولية وإتاحتها عبر الإنترنت ولو بمقابل رمزي".


تمزق الصفحات
ويقول الباحث محب جميل: في ظنى أن هناك العديد من المشكلات التى من شأنها أن تعطّل تقدم العديد من الباحثين فى مسار بحثهم،.

 

ويضيف: "منذ ترددي إلى المكان، كنت ألحظ أن أغلب الدوريات خصوصًا الفنيّة تعاني من الاهتراء وتمزق الصفحات، وعندما يبادر الباجث بطلب دورية ما من الموظف المختّص تمر بدائرة روتينية تبدأ بملء استمارة الاستعارة مرورًا بتوقيع الموظفين حتى ينادى عليك أحدهم لاستلامها، فتخيّل أنك تكرر هذه العملية مع عدد لا بأس به من الدوريات فى كل مرة، وكم من الوقت ستضيع حتى تصل إلى ما تريد، ناهيك عن أن طلبك لدورية ما يُقابل عادة بالاعتذار الموسوم بأنها «مغلقة فى التراكيب» مع العلم أنك قد تأتى فى يومٍ آخر وتطلب نفس الدورية فتجدها! "

 

ويتابع: "لعلّ المشكلة الأكبر تتعلّق بقاعة «الميكروفيلم» و»الميكروفيش» فالنظر عبر هذه الشرائح الضوئيّة المهترئة والتى مُسحت سطور بعض صفحاتها بفعل الرطوبة والتخزين، يتطلّب من الباحث جهدًا شاقًا، أضف إلى ذلك أن مسألة تصوير بعض الصفحات يحتاج إلى إضاعة وقتٍ مماثل، وأظنّ أن الأمر يحتاج إلى إعادة النظر لتيسير الإجراءات داخل القاعات، حتى تعم الفائدة معظم الباحثين كى لا يهدروا أوقاتًا مضاعفةً".


سور الأزبكية
ويقول الباحث أيمن عثمان: "قبل عشر سنوات سابقة كان سور الأزبكية فى القاهرة وشارع النبى دانيال فى الإسكندرية الملجأ الأول للباحثين والصحفيين والطلبة للحصول على الدوريات المصرية القديمة بأسعار رمزية، ولكن بعد دخول الأثرياء العرب فى المنافسة على تجميع الدوريات المصرية ارتفعت الأسعار بشكل مغالى فيه".

 

واستطرد: "بعد أن كانت الأسعار تتراوح بين 5:15 جنيها أصبحنا نسمع عن أرقام بمئات الجنيهات للعدد الواحد، فتحولت المنافسة إلى شكل تعجيزى وغير متكافئ، وتحولت المعرفة فى سور الأزبكية لمن يمتلك القدرة المالية فقط لا غير، ففى السنوات الثلاث الأخيرة ارتفعت قيمة الاطلاع وقيمة الحصول على صور من الدوريات مما يفوق إمكانيات الباحث والصحفى والطالب، وماديا تساوت أرشيفات الصحف بسور الإزبكية وشارع النبى دنيال،فأصبح أرشيف دار الكتب الملجأ المناسب للباحثين، حيث الإطلاع مجانا، وقيمة الحصول على اللقطة الواحدة لا تتجاوز 3 جنيهات، وتبقى المشكلة قلة الإمكانيات، فالأجهزة فى أرشيف الميكروفيلم والميكروفيش عمرها تجاوز نصف قرن، وليس لها علاقة بالجودة، مستهلكة كلية وضعيفة الإضاءة والإمكانيات، والأفلام متهالكة من كثرة الترميم غير الإحترافى التى خضعت له، وأجهزة الاسكانر، والأفلام الميكروفيلم والميكروفيش عمرها من عمر أجهزة الاطلاع بإستثناء جهاز واحد حديث يخدم عشرات الباحثين والصحفيين والطلبة".

 

واختتم حديثه قائلا: "تبقى مشكلة الأفلام التى أصابتها الأملاح من سوء التخزين، وفي أرشيف دار الكتب للدوريات الورقية تبدو معظم الدوريات القديمة مرممة أو خاضعة للترميم وتم تخزينها، وبالتالى غير صالحة للإطلاع عليها، وأخشى من يوم يضطر فيه الباحث أو الطالب للسفر إلى الخارج للبحث عن مواد أرشيفية مصرية تساعده فى الكتابة عن تراث وتاريخ بلاده".


< محمد سرساوى

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة