إيمان تعرض الساندوتشات
إيمان تعرض الساندوتشات


حكايات| رحلة إيمان بنت «عبدالمنعم رياض».. من الخردة إلى «الجبنة الرومي»

منةالله يوسف

الجمعة، 16 أغسطس 2019 - 09:18 م

نداءات التبّاعين المختلطة مع «كلاكسات» التنبيه والأقدام سريعة ذهابا وإيابا وراء الميكروباصات، لم تمنع «إيمان» صاحبة الوجه الملائكي من البحث عن الرزق فهي لا تحتاج أكثر من متر في متر أعلى أي رصيف كي تضع «السندوتشات» التي تجذب عيون المارة لنظافتها الظاهرة.

 

تقف كل يوم في الشمس الحارقة لتبيع الساندويتشات ببعض الجنيهات القليلة لتضع القرش على القرش وتدخره لافتتاح مشروعًا خاصًا بها.

 

ولم تكن السندوتشات أول محطة لعمل «إيمان»، إذ طرقت باب العمل في الخردة ولكنها لم تفلح وكعادة أي فتاة وجدت طريقها بعد أن ضلته لمدة 4 أعوام في أعمال «ست البيت» لتبيع ساندويتشات بنكهة بيتي.

 

 

عندما تطأ قدميك ميدان عبد المنعم رياض، يلفت نظرك «ترابيزة» عليها ما يشتهيه الذاهبون إلى العمل في عجالة، بداية من الجبن مرورًا باللانشون نهاية للخيار والبصل، «ساندويتشات بيتي» شكلها يفتح الشهية وتشجعك على تناولها.

 

أكل العيش مُر

تخرجت إيمان في كلية التجارة جامعة عين شمس وفور تخرجها حلمت أحلامًا وردية أهمها أن تعمل في وظيفة مرموقة تناسب الشهادة التي حصلت عليها وفجأة تحطمت أحلامها على صخرة الواقع عندما تعرضت للتنمر في أكثر من شركة عملت بها؛ فتعرضها للتنمر كان بمثابة موجة عاتية ضربت بسقف طموحها عرض الحائط، لم تيأس أو تستسلم بل تمسكت بهدفها وإثبات ذاتها واقنعت نفسها أن «الشغل مش عيب وأهم حاجة المكسب الحلال».

 

صعوبات وصدمات أحاطت بـ إيمان لكنها تغلبت عليها لتصل إلى مرادها، 4 أعوام كاملة عانت الفتاة الثلاثينية من الإساءة والإهانة من قبل رؤساءها، لأنها مجتهدة وموهوبة ومتقنة لعملها لذلك كان جزاءها ترك العمل لعدم تقديرها والاستخفاف بخبراتها بدلًا من ترقيتها.

تقول: «بدأت مشواري من الصفر، أثناء فترة دراستي قمت بتطوير نفسي من خلال الحصول على الكثير من الدورات التدريبة ولكن في نهاية المطاف وصل بي الحال إلى العمل بإحدى المؤسسات الخيرية في منصب منسقة الحسابات ولكن بدون مقابل، لذلك لجأت إلى شغل الخردة وبيع الساندويتشات للحصول على لقمة العيش».

 

 

علامة مسجلة في الموقف

وتضيف صاحبة الطعام المميز: «بدأت مشروع السندويتشات بعدما خسرت في تجارتي للخردة؛ كنت أقوم بشراء الأشياء القديمة وأوصلها إلى التجار والمصانع فكنت بمثابة حلقة الوصل بينهما و كنت أنزل جميع الأسواق في المحافظات المختلفة لاكتسب خبرة لكن مع مرور الوقت كان الربح قليل ولا يكفيني».

 

وتستكمل حديثها قائلة: «اقتراح بيع الطعام في الشارع كان في الأساس فكرة صديقتي نرمين المهندس كنا شركاء واستمرت معي في العمل لمدة أسبوع بعدها حدثت لها ظروف تخلت عني ولكن تركت لي مائدة لاستخدمها في تحضير الطعام فاستكملت مشواري بمفردي، بعد التنقل والترحال لأكثر من مرة استقر بي الأمر الوقوف داخل موقف عبد المنعم رياض لأصبح أشهر من النار علي العلم». 

 

بيض .. لانشون.. جبنة

 

عن يوم إيمان، فهي تستيقظ كل يوم في الصباح الباكر لتحضير السندويتشات المختلفة مثل الجبن الرومي واللانشون والبيض المسلوق بعدها تقوم بتغليفهم بالأكياس البلاستيكية ووضعهم في «الآيس بوكس» وتشد رحالها إلى المخبز لشراء الخبز، وتبدأ بعد ذلك مغامراتها بالتحرك من حلوان إلي ميدان عبد المنعم رياض واصفة المشوار بـ«العلقة» لاضطرارها لاستقلال أكثر من وسيلة وحملها مائدة صغيرة وحقيبة كبيرة علي ظهرها.

وتضيف: في الشارع أشكال وألوان وفئات وثقافات مختلفة فمن السهل أن أتعرض إلى الإساءة والسب، ولكن على عكس المتوقع لم تتعرض الشابة لأي إساءة من قبل البائعين فهم يعاملونها بكل مودة وألفة ويقدمون لها العصائر المثلجة والشاي، ويحمونها من أي مضايقات تتعرض لها.

 

وتكمل: لكل سيدة لمسة خاصة بها وهذا بالطبع ينطبق على إيمان فلها بصمة مميزة في الطعام فهي تحضر الساندويتش بمزيج من النظافة والحب لذلك يصبح طعمه شهي ولذيذ، في الشتاء تقوم صاحبة المشروع بتحضير 75 رغيف من الخبز الفينو للزبائن و في الصيف 35 رغيف نظرًا لتنوع الطعام و تعدد الباعة الجائلين في الموقف، وأسعارها رمزية تتراوح من 3 الي 6 جنيهات؛ وأكثر ساندويتش ينال إعجاب الزبائن هو الجبنة الرومي بالزيتون.

 

«أتمنى أن يكون هناك قانون للباعة الجائلين في موقف عبد المنعم رياض لأنه بمثابة واجهة حضارية للفنادق المجاورة، وامتلاك كشك خاص بي لأبيع طعامي بحرية وافتتاح مخزن كبير يحمل اسمها لتطوير مشروعات الخردة في مصر» هكذا أنهت صاحبة الإرادة حديثها.

 

 

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة