كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

أيام " شد الحزام "

كرم جبر

الأحد، 18 أغسطس 2019 - 11:45 ص

بسبب الحروب تـعـرض الاقـتـصـاد المــصــرى لاسـتـنـزاف مستمر، حرب ٤٨ وبعدها بثمانى سنوات حرب ٥٦، وبعدها بعشر حرب ٦٧، وبعدها بست حرب ٧٣، وبين ٥٦ و٦٧ حرب اليمن، وكانت نفقاتها مليون جنيه فى اليوم الواحد.

ملحوظة: كان الجنيه يساوى ٢٫٣ دولار فى ذلك الوقت. بـعـد ٦٧ كـــان الـشـعـار المـــرفـــوع هــو »لا صـــوت يـعـلـو فـوق صوت المعركة«، وظل المصريون يشدون الحزام، ويحرمون أنفسهم من كل شيء، لتوفير متطلبات المعركة. لـم تكن هـنـاك سلع ولا بضائع فـى الأســــواق، »ولا مع الـنـاس فـلـوس«.. وكــان أجـر خريج الجامعة ١٧٫٥ جنيه، واعتمد الناس على نظام اسمه »الجمعية«، وسعيد الحظ من يقبضها فى الأول، والميسور يقبل أن يكون الأخير.

كان مستحيلا أن تستمر حالة اللاسلم واللاحرب أكثر من ست سنوات، فى بلد لا ينام ولا يأكل ولا يشرب، ويوفر قوت يومه من أجل الحرب، واستعادة الكرامة والكبرياء. برزت عظمة الرئيس السادات، فى تهيئة البلاد للحرب، بسياسة »الصدمات الكهربائية«، كل يوم مفاجأة من طرد الخــبــراء الــــروس، حـتـى الإفــــراج عــن الــطــلاب المحبوسين وإعـــطـــاء الجـــنـــود والـــضـــبـــاط إجــــــازة، ثـــم فــاجــأ إســرائــيــل والعالم كله بالعبور العظيم، ولا تصدقوا أن أحــد ًا كان يـعـلـم، إلا كــبــار الـــقـــادة الــذيــن يــعــدون عـلـى أصــابــع اليد الواحدة.

وواجـهـت مصر حـربـ ًا أشــد قسوة »الإفــقــار والتجويع«، وفــرض حالة اللاسلم والـلاحـرب من جديد، ومحاولات بعض الـــدول الشقيقة والـزعـمـاء الـعـرب الأشـــاوس خنق البلاد والتضييق على لقمة العيش.

وكــانــت الـصـدمـة الـكـبـرى الـتـى زلــزلــت كـيـان الــســادات، مظاهرات ١٨ و١٩ يناير ٧٧، فالقائد المنتصر لا يستطيع تلبية متطلبات شعبه، وعند أول مبادرة لتحريك اسعار الـسـلـع وبــدايــة إصــلاحــات اقـتـصـاديـة، كـــادت الــقــاهــرة ان تحــتــرق،وكـــانمستحيًلاأنيمــدهـــذاالــوطــنيــديــه،لمن يعايرونه بفقره.

واختار السادات بلده وشعبه وأرضـه، ومد يديه بسلام الشرفاء، صاحبه الانفتاح الاقتصادي، الذى أطلق عليه البعض »استهلاكي«، ولكنه كان ضروري ًا لتحريك البحيرة الراكدة والاسواق المتعطشة.

الـعـرب دفـعـوا لمـصـر، ولـكـن لا يـقـاس بالتضحيات، ولا بالزيادات الرهيبة فى أسعار البترول، بسبب الحروب التى خاضتها من اجل قضيتهم الكبرى فلسطين، وضخت فى عــــروق الــــدول الـبـتـرولـيـة مــلــيــارات سـاخـنـة، تحـقـقـت بها الطفرة الاقتصادية الهائلة فى تلك الدول. لم يكن أمام مصر إلا »ما حك جلدك غير ظفرك«، ولا يمكن أن ترهن مصير وطن وشعبه على »مزاجية« حكام عــرب، يختلفون أكثر ممـا يتفقون، وإذا اتفقوا لا يـدوم شهر العسل أيام ًا.

لنقفز إلـى ٢٠١١ وحـدث الاســوأ، ولـم يكن فى وسـع أى دولـة فى العالم أن تعيش، بينما جزء من شعبها يحرق ويـقـتـل ويـتـظـاهـر ويـحـتـج، وتتحكم فــى مـصـيـره جماعة ارهابية، وتحيطه المؤامرات من كل صنف ولون.

ولكن لأنها مصر.. صمدت وتحدت المستحيل، ولا تجد الآن سـلـعـة ولا منتجا نـاقـصـا فــى الأســـــواق، الا ظــروف الغلاء التى تؤلم بعض الفئات، وتبذل الدولة جهودها لعلاج الآثار السلبية للإصلاحات، التى تأخرت منذ حرب٦٧.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة