هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

اقتصاديات أطول عام دراسى

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 22 أغسطس 2019 - 09:01 م

 

هالة العيسوى

فعليا بدأ العام الدراسى الجديد بالنسبة لطلاب الثانوية العامة مبكراً عقب انتهاء اجازة عيد الأضحي، مع انه على المستوى الرسمى لم يبدأ بعد فى المدارس ليصبح أطول عام دراسى بالنسبة للطلاب والأهالى معاً. فقد دبت الحركة فى «السناتر» أضيئت الأنوار وفتحت الأبواب وترى الشباب يمشون اليها فرادى وزرافات، نشطت الحركة المكتبية لاستقبال العام الدراسى للثانوية العامة من عمليات صيانة وتجديد ماكينات التصوير من أجل طباعة الملازم التى يبيعها المدرسون لطلابهم، وراجت حركة بيع الكتب الخارجية لزوم البدء فى المحاضرات الخاصة؛ كل مادة لها ما لا يقل عن أربعة كتب على مبدأ نجيب الريحانى «الشيء لزوم الشيء» من خروف ومقطف لطعام الخروف وحبل لمقطف الخروف وجاروف لغذاء الخروف فتجد هناك كتاباً للشرح وآخر للملخصات وثالث لنماذج الأسئلة والامتحانات والرابع للأجوبة! بيزنس كبير ودورة هائلة لرأس المال ملخصها إيدك فى جيب اللى جنبك.وتنتهى الدورة ليكون «اللى جنبك» هو أهالى طلاب الثانوية العامة. لو جمعت اجمالى ما يتكبده الأهل فى اقتصاد الثانوية العامة لاقترب من ميزانية دولة ولو جمع الوالدان اجمالى ما ينفقانه على ابنهم او ابنتهم فى المرحلة الثانوية من اجل الحصول على صك دخول الجامعة لكفاهم عدة عقود فى عيشة رغدة او لضمن لابنهم تعليما لائقا بجودة ممتازة خارج القطر. ناهيك عن التوتر والضغط النفسى والحرمان من الترويحات البسيطة وتحول البيوت إلى معسكرات مذاكرة. ورغم هذا الجهد وتلك التضحيات إلا ان هذا الصك الوهمى لدخول الجامعة والالتحاق بالكلية التى يحلم بها الفتى او الفتاة يكون بعيد المنال وفى الغالب الأعم لا يمنح سوى تذكرة فى مدرجات الدرجة الثالثة من الجامعات أو الترسو.
فى الجانب المقابل لو نظرت نحو الاقتصاد الرسمى أو الحكومى للثانوية العامة ستجد إهداراً فادحا لايقل إجراماً عن الفساد؛ فصول خاوية على عروشها ومغلقة بلا طلاب، وبعض المدارس اختصرت الأمر وتعاملت بواقعية فلم تخصص سوى فصل او اثنين للثانوية العامة على سبيل الإشارة او ما قل ودل. كتب حكومية باهظة التكاليف لا يفتحها أحد ولو باب الفضول لكنها تمثل الأساس العلمى للكتب الخارجية والمرجعية عند وضع الامتحانات، مدرسون لديهم جدول فارغ للثانوية العامة يمكنهم الاستفادة بتلك الأوقات فى تنظيم مجموعات تقوية بالمدارس يدفع ثمنها الأهالى لأنها خارج الجدول الرسمي! الخلاصة أيضا هى إيدك فى جيب اللى جنبك. ودائما تنتهى الدورة فى محطتها الأخيرة عند جيوب الأهالي.
على أيامى كانت الدروس الخصوصية عيبا كبيرا يخجل منه الطالب والأستاذ معا فالطالب الذى يحتاج للدروس الخصوصية يعتبر فاشلاً والأستاذ الذى يعطى درساً خصوصيا يعتبر فاسدا وبلا ضمير لأنه يبخل بعلمه ومهاراته عن الفصل المدرسى المجانى أو المدفوع مقدما للمدرسة الخاصة ويظهرها فقط عند الدرس الخصوصى الذى يدخل جيبه.. الآن تغيرت القيم الاجتماعية وما كان عيبا زمان اصبح هو السائد وما كان مخجلا فيما مضى صار سببا للمباهاة ومدعاة للافتخار ولم يعد هناك شيء مجانى ولا حتى تحية الصباح. وفى النهاية ينتهى الحل بالحاصل على الثانوية العامة علمى بمجموع78% إلى الانتساب لكلية الحقوق او الالتحاق بمعهد خاص غير معترف بشهادته. وسلملى على الثانوية العامة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة