بعد إعادة تشغيل المبنى الشمالي.. معهد الأورام يقهر سرطان الإرهاب
بعد إعادة تشغيل المبنى الشمالي.. معهد الأورام يقهر سرطان الإرهاب


بعد إعادة تشغيل المبنى الشمالي.. معهد الأورام يقهر سرطان الإرهاب

مصطفى متولي

السبت، 24 أغسطس 2019 - 05:19 ص

 

- إعادة تشغيل المبنى الشمالي بكامل قوته
- إجراء عشرات العمليات الجراحية يومياً
- المرضى: عدنا من جديد لتلقي العلاج.. ولا نخاف من الإرهابيين
- ١٢٥٠ مهندسا وعاملا يعملون في ترميم وصيانة المعهد

- عميد المعهد: خدمات طبية متطورة خلال شهرين
 

بالرغم من أن جراحه لم تلتئم من تفجير إرهابي أصابه منذ ما يقرب من أسبوعين، إلا أنه ظل شامخا في مكانه أبيا عصيا أمام محاولة إرهاب خسيسة، لم تراع خصوصيته ومن في داخله من مرضى يتلقون العلاج ويتمنون الشفاء من مرض بشع ينتشر داخل أجسادهم.

قبل أن يمر أسبوعان على الحادث فتح معهد الأورام بمنطقة القصر العيني أبوابه من جديد لاستقبال المرضى وعلاج الحالات الحرجة، بل وإجراء العمليات الجراحية لمن يحتاجها، بالرغم من عدم اكتمال الإصلاحات إلا أن توجيهات القيادة السياسية جاءت واضحة وصريحة بسرعة عودة العمل بشكل سريع داخل المعهد، وهو ما تحقق بشكل سريع وفوري وعادت الحياة بشكل طبيعي في المبنى الشمالي الخاص بإجراء العمليات الجراحية وإجراء الفحوصات للمرضى.

بوقوفك أمام المعهد تلاحظ عمليات الترميم والصيانة لأجزاء من مباني المعهد التي تأثرت بشكل كبير من الحادث، كما تم تغطية المبنى بعلم مصر لحين الانتهاء منه، كما تجد سيارات الإسعاف تنقل المرضى إلى المعهد ويتم إدخالهم لتلقي العلاج أو إجراء عمليات جراحية، ويقوم عدد من رجال المرور أمام المعهد بتسهيل حركة المرور لضمان عدم تكدس السيارات أمام المعهد أو تعطيل حركة المرور أمام سيارات الإسعاف، وعلى باب المعهد يقف عدد من أفراد الأمن الإداري يفحصون هوية المترددين على المعهد.

قلب المعهد

المبنى الشمالي كان وجهتنا فهو قلب المعهد النابض فهناك يتم علاج مرضى الأورام من كل محافظات الجمهورية بالمجان، وهناك يتلقون الرعاية الطبية بشكل كامل.. يتكون المبنى الشمالي من عدة أدور وتأثر بشكل كبير نتيجة العمل الإرهابي، ولكن توجيهات الدولة جاءت بضرورة إعادة تشغيل المبنى بكامل قوته من جديد في أسرع وقت، نظرا لأنه يعتبر أهم مبنى في المعهد بأكمله ولكي يعود إليه المرضى من جديد، وبالفعل سطر المصريون ملحمة جديدة وفِي أقل من أسبوعين استطاعوا خلالها إعادة تشغيل المبنى بكامل قوته وإجراء عدد كبير من العمليات للمرضي.

في الدور الثاني من المبنى توجد غرف العمليات وغرف تجهيز المرضى لإجراء العمليات، والتي التقينا فيها بالحاجة وصيفة أحمد صاحبة الـ٦٠ عاما، والتي كانت تستعد لإجراء عملية جراحية لإزالة ورم خبيث، قالت وصيفة إنها لم تكن موجودة في المعهد وقت وقوع الحادث، ولكنها سمعت عن بشاعته، مندهشة كيف يخطط أحد أو يقوم بتفجير مبنى به مرضى يتم علاجهم.

وأكدت وصيفة أنها لم تتردد مره واحدة في تلقى العلاج في المعهد حتى بعد حدوث الحادث، قائلة: «إحنا بنتعالج من أبشع الأمراض والحمد لله بنشكر ربنا على كل شيء ومبنخفش من أي حاجة والبلد ديه ربنا حافظها وهتفضل موجودة ليوم الدين».



يوم الحادث

أحمد صابر مشرف العمليات في الدور الثاني، أوضح أن المبنى تعرض إلى تلفيات كبيرة خلال الحادث وخاصة الدور الثاني حيث تهشم الزجاج الخاص به بشكل كامل، وهو ما مثل تحديا كبيرا في سرعة صيانته وتعقيم الدور بالكامل من جديد وصيانة الأجهزة المتضررة من الحادث في أسرع وقت، قائلا: «الحمد لله رجع الدور من جديد لإجراء العمليات الجراحية في أقل من أسبوعين فقط، حيث تعمل ٥ غرف عمليات بشكل كامل منذ الأحد الماضي».

انتقلنا للدور الثالث وتحديدا في غرفة ٥ والتي يمكث فيها ٥ مرضى من السيدات لتلقي العلاج، تقول فاطمة خليل محمد صاحبة الـ٥٥ عاما من محافظة أسيوط، إنها كانت ستخضع لعملية جراحية بعد الحادث بيوم واحد، ولكن العملية تم تأجيلها.

وأضافت: «كنا نائمين وقت أن وقع الحادث وفوجئنا بشبابيك الغرفة تسقط من مكانها بعد صوت انفجار شديد، وبدأ جميع من في الدور يحاولون النزول إلى الدور الأرضي بالمعهد لنجد أن المعهد تم تدميره وعدد كبير من الأهالي يحاولون نجدة المرضي، الذين كان بعضهم قد خرج من غرف العمليات من أقل من ساعتين قبل الحادث مباشرة». 

وعلى السرير المجاور جلست ناهد فتحي من محافظة المنيا، لتروي لنا تفاصيل عودتها للمركز، فتقول إنها غادرت المعهد قبل الحادث بأسبوع لأن عمليتها تأجلت لحين انتهائها من تلقي العلاج بشكل كامل، مضيفة أنها شاهدت عددا من الصور للحادث أصيبت بعدها بخوف شديد من دخول المعهد مرة ثانية وقررت عدم الذهاب إلى المعهد، ولكنها فوجئت بمكالمة من المعهد بعد أقل من أسبوعين يخبرها الأطباء بأن تحضر للمعهد لإجراء فحوصات تمهيدا لإجراء العملية الجراحية لها.

خدمة متميزة

«الأعمار بيد الله».. هكذا بدأت سهير أمين صاحبة الـ٦٣ عاما حديثها، قائلة : «هنخاف من أيه؟ أنا مشيت قبل الحادث بـ٣ ساعات وكنت هاجي تاني يوم الصبح، اللي كاتبه ربنا هنشوفه مهما كان أيه، بس إزاي حد يفكر يأذي ناس مريضة ناس مش قادرة أصلا تتحرك؟».

وأضافت سهير أن المعهد قبل وبعد الحادث يقدم خدمة طبية على أعلى مستوى سواء من ناحية الأطباء أو توافر العلاج أو العمليات الجراحية وحتى متابعة المرضى بعد العمليات.

وفِي غرفة أخرى في الدور الثاني، جلست شوقية محمد صاحبة الـ٥٧ عاما على سريرها ليفحصها الطبيب المعالج لها، حيث تعرضت شوقية لكسر في أحد قدميها وقت الحادث.. تقول شوقية: «الناس هنا بتاخد كيماوي وبتعمل عمليات وبتتعلق بأي أمل علشان تعيش، وييجي حد يفجرنا واحنا قاعدين.. فعلا الإرهابي ده لا دين له لأنه لو عنده ذرة دين واحدة كان هيبقى في قلبه رحمة على الناس ومش هيعمل كده».

وتضيف شوقية: «ناس كتير أوي من المرضى اتبهدلوا وهم بينزلوا وقت الحادث منهم ستات رجال كبار وأطفال الناس نزلت تجري، وفِى ناس كانت متوصلة بأجهزة وشباب المنطقة طلعوا ونزلوهم بيها، ساعتها الناس كلها كانت بتقول حسبنا الله ونعم الوكيل».

حكاية سهيلة

سهيلة طفلة تبلغ من العمر ١٣ عاما فقط بدأت رحلة العلاج من ورم سرطانى منذ أكثر من ٤ سنوات، بصحبة والدتها إبتسام.. تقول سهيلة إنها أصيبت بصدمة كبيرة عقب الحادث مباشرة، حيث كانت نائمة واستيقظت على صوت انفجار كبير هز حوائط الغرفة التى كانت بها، وتكمل «الناس كلها نزلت تجرى وكله ساب حاجته وناس كتير كانت بتقع وهي نازلة».. وتضيف والداتها إبتسام « ليلة الحادث من أبشع الأيام اللي عيشناها إحنا وكل اللي كانوا في المعهد، الناس نزلت تجرى محدش عارف يروح فين، نزلنا الشارع لقينا الدنيا مولعة وناس كتير كانت موجودة وناس ماتت.. ذكريات صعب تتنسي مهما حدث».

وفِي الدور الثالت يتلقى كل من الحاج أحمد كمال من بني سويف، وخالد مخيمر من كفر الشيخ، الرعاية الطبية بعد أن خضعا لعمليات جراحية في المعهد بعد تطويره، يقول أحمد كمال إنه كان موجودا وقت وقوع الحادث وتعرض لإصابات كبيرة أثناء نقله للأسفل، ويضيف باكيا «الواحد صابر على ابتلاء ربنا وبيقول الحمد لله، ولكن اللي حصل يوم الحادثة ده ميرضيش ربنا ولا يرضى حد اصلا».

ومن جانبه يقول خالد مخيمر، أنه حضر بعد الحادث ولكن الرعاية الطبية التي يتم تقديمها هنا تفوق أماكن كثيرة، خاصة أنه تلقى العلاج في أكثر من مكان قبل أن يأتي معهد الأورام.

 

إنجاز بسواعد أبناء "المقاولون العرب" 

من جديد في أقل من أسبوعين، إنجاز تم بسواعد أبناء شركة المقاولون العرب التي تولت مهام ترميم وصيانة المعهد وإعادته لسابق عهده من جديد.

يقول المهندس طه دياب مدير إدارة ترميم وصيانة القصور والآثار بالشركة وهي الإدارة المسئولة عن ترميم وصيانة المعهد، إن العمل بالمعهد بدأ ثاني أيام التفجير مباشرة، واستمر بشكل يومي على مدار ٢٤ ساعة حتى في إجازة عيد الأضحى، حيث عمل ما يقرب من ١٢٥٠ مهندسا وعاملا وفنيا في المعهد.

وأضاف: "أولوياتنا كانت إعادة المبنى الشمالي للعمل من جديد وبفضل الله تمت المهمة بنجاح وعاد المرضى لتلقي العلاج منذ الأحد الماضي.

ويشير "طه"، إليّ أن الشركة قامت بإزالة عدد كبير من الركام ومخلفات البناء، مضيفا أن أضرار الانفجار اصابت وبشكل مباشر المبنى الإداري للمعهد والواجهة الأمامية له.

وأوضح أن أمر إسناد العمل للشركة ينص على سرعة الانتهاء من ترميم وصيانة المعهد بالكامل في ٣ أشهر فقط وإن شاء الله نكمل مهمتنا على خير.

خدمات طبية متطورة

وقال د. حاتم أبو القاسم، عميد المعهد القومي للأورام، إن المعهد خلال شهرين فقط سيقدم خدمات أفضل للمرضى مما كانت عليه في السابق، موضحا أن العمل في المبنى الشمالي سيتم على أكمل وجه.

وأوضح عميد المعهد، أن التكلفة المبدئية لصيانة وترميم المعهد بالكامل من الحادث تقدر بـ١٠٠ مليون جنيه، موضحًا أن لجنة هندسية من جامعة القاهرة كشفت على جميع أساسيات المعهد للتأكد من سلامتها وحصر التلفيات التي يتم إصلاحها حاليا.

وأوضح "أبو القاسم"، أن المعهد يقدم خدماته بالمجان كما يسعى لإدخال أي أنواع جديدة من الأدوية أو الطرق العلاجية لعلاج السرطان يتم اعتمادها فى الدوريات العلمية إلى المعهد.

ونعى عميد المعهد اثنين من أفراد الأمن الإداري داخل المعهد لقيا مصرعهما نتيجة الحادث، موجها الشكر لكافة العاملين بالمعهد على ما قدموه من جهد برجوع المعهد إلى العمل من جديد، مؤكدا أن القيادة السياسية توفر كافة السبل الممكنة لاستعادة هذا الصرح لمكانته من جديد.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة