أسامة شلش
أسامة شلش


وقفة

«متأسفين» يا نيل

أسامة شلش

الأحد، 25 أغسطس 2019 - 09:26 م

هان علينا نيلنا العظيم مصدر الخير والنماء وملهم الشعراء والذى قال عنه هيرودت مصر هبة النيل، النيل العظيم الذى يجرى من وسط أفريقيا مارا بالعديد من الدول حتى يصل إلى أراضينا من جنوبها لشمالها أشبه بالغريب فى داره بسبب ما نفعله بأيدينا فيه، تلويث لمياهه وردم جائر لاجزاء منه وتعديات صارخة بالآلاف نسمع عن إزالتها كل يوم وفى اعتقادى أنها لا تمثل ربع ما تفضحه الحقيقة على أرض الواقع، لا تخلو أى جريدة صباح كل يوم من سرد ما تقوم به وزارة الرى مشكورة لرفع التعديات وإزالتها، الرقم مخيف ومرعب فى نفس الوقت وتخيلوا خلال أسبوع واحد فقط من حملة الموجة الـ 13 التى تقوم بها الوزارة تمت إزالة 900 حالة تعد على النهر ومنافع الصرف والرى على مستوى الجمهورية مبان خرسانية وتشوينات جائرة وأسوار وقطع للجسور وتوصيل مواسير صرف للمخلفات تجعل من مياهه مصدرا للأخطار والأمراض والروائح الكريهة.
صحيح الحملات تتم فى إطار ما تقوم به الدولة لاسترداد الأراضى المستولى عليها ومنها الزراعية تحت شعار  حفظ حق الشعب إلا أنها بالنسبة للنيل تمثل هدفا مهما باعتباره الشريان الرئيسى والوحيد لتوفير المياه للشرب من جهة وللزراعة من جهة أخرى فما بالنا إذا عرفنا ان حصتنا من مياهه قليلة مقارنة بالزيادة المستمرة والمطردة فى اعداد السكان والمواليد وهو ما دعا الدولة للمطالبة بترشيد الاستهلاك والمحافظة على كل قطرة ماء.
التعديات هى صورة فجة لعدم الوعى ودلالة قوية على الاهمال من جانب الادارات المحلية فى كل محافظة بداية من المحافظ الذى هو رأس الحكومة التنفيذية والادارية فى محافظته وكل ما يقع فى دائرة اختصاصه سلبا أو إيجابا هو المسئول عنه بصورة شخصية.
أين كانت أجهزة المحليات من كل تلك التعديات الصارخة كيف أغمضت أعينها عن كل ما نراه ونسمع عنه اللهم إلا اذا كان ذلك تم بالتفاهم وتفتيح المخ كما تعودنا أن نقول ونردد؟ أين أجهزة الرقابة على مستوى تلك المحافظات؟ ويا حبذا لو خرج أى محافظ ليقول لنا بالأرقام أننا فى تاريخ كذا رصدنا المخالفات وان اجهزتنا قامت بواجبها لإزالتها أو إنها لا تستطيع ذلك لان من قاموا بها من أصحاب النفوذ أو ممن لا تستطيع الاقتراب منهم لبطشهم أو لسطوتهم. أما على الجانب الآخر فلابد من المحاسبة خاصة فى زمن انتهت فيه المجاملات والتواكل وصار كل انسان مسئولا عن نفسه وعمله الذى عليه أن يؤديه أمام الله وأمام نفسه بكل اخلاص، صحيح أن الدولة مشكورة تقوم برفع المخالفات والتعديات على نفقة هذا الشعب الغلبان ولكن يجب أن يكون العقاب للمسئول ولصاحب المخالفة شديد اللهجة فى التعامل، الازالة ستتم وفقا لبرامج وضعتها وزارة الرى حسب علمى لكن علينا أن نغرم بقسوة من  قام بالتعدى حتى يرتدع غيره. لقد سكتنا عمن يعتدون على الأراضى الزراعية ففقدنا 20٪ منها ومازلنا بسبب المصالحات وعدم الجدية مع إنها مصدر طعامنا كله.
بصراحة حال النيل لا يسر  عدوا ولا حبيبا فى كل جزء منه على طول مجراه من الشلالات وحتى دمياط ورشيد عند المصب وكم أنا حزين أننى لم أعد أستطيع أن أرى النيل الذى كان ممشى لى فى الصبا من المعادى وحتى مصر القديمة بسبب آلاف التعديات المقننة .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة