عاطف زيدان
عاطف زيدان


يوميات الاخبار

الحنين إلى الجذور

عاطف زيدان

الإثنين، 26 أغسطس 2019 - 07:49 م

«كل بيت، كل شارع، بل كل شجرة، أعرفها وتعرفني. كل شيئ كما هو رغم تغير ملامحها وسكانها، وإحلال العمارات الحديثة محل مبانى الطوب اللبن الفسيحة المريحة».

ساقتنى قدماى إلى هناك، لأداء واجب عزاء، فى أحد أصدقاء الطفولة، المهندس ربيع مليجى مصطفى. احتضنت شقيقه سعيد وأبناءه ومشاعر الأسى وأمواج الحزن تعصف بى، وذكريات قديمة تلاحقنى، فى قريتنا الجميلة التى عشنا فيها معا أجمل أيام العمر. هنا لعبنا، هنا جلسنا، هنا رسم كل منا أحلام المستقبل. كل ركن فى قريتنا.. يعرفنا ونعرفه.ماأقسى ان تودع رفيق درب ترتبط معه بذكريات قديمة جميلة. كل شيئ يبكى فى داخلى. شدنى الحنين إلى التجول فى قريتى الجميلة كفر القلشى منوفية، التى تتوسط الطريق الرئيسى بين مدينتى طنطا وشبين الكوم، الحضن الدافئ الحانى، خريطة القرية بمبانيها وأهلها وأرضها وأشجارها فى ذاكرتى. كل بيت، كل شارع، بل كل شجرة أعرفها وتعرفني. كل شيئ كما هو رغم تغير ملامحها وسكانها، وإحلال العمارات الحديثة محل مبانى الطوب اللبن الفسيحة المريحة. معظم الآباء رحلوا عن دنيانا. لكن مازالوا فى القلب، أسماؤهم تتردد صباح مساء. هذا بيت عمى فلان وهذا بيت فلانة... إلخ. جيل الأبناء طالهم الشيب مثلى. لكن الملامح القديمة باقية فى الذاكرة. لم أخطئ أبدا فى الرد على سؤال كل من يلاقينى بالأحضان : انت عارفنى ؟ ويكون الجواب : طبعا انت فلان. الحمد لله مازالت القرية وأهلها فى مكانها الوثير بقلبي، رغم مرور سنوات طويلة على مغادرتى لها إلى القاهرة للالتحاق بكلية الإعلام الوحيدة فى مصر آنذاك.سألت أحد الأصدقاء عن شجرة التوت التى كنت أتخذ أغصانها مقعدا لاستذكار دروسى بعيدا عن الأعين. قال : ياه، انت لسه فاكر، اتقطعت طبعا. وبادرته: وشجرة الجميز ؟ قال : نفس المصير.حزنت بشدة. فكل شخص، وكل بيت، وكل شجرة فى قريتى، جزء منى. ماأصعب أن تفقد جزءا من نفسك، من قلبك. عشت فى قريتى حتى سن السابعة عشرة. لكنها تعيش فى داخلى حتى الآن، رغم عشقى للقاهرة، بنيلها وشوارعها التاريخية وصخبها وأحيائها العريقة. ولاأتردد فى قول ان « كفر القلشى « هى الحبيب الأول و» القاهرة « هى حب العمر، وصدق ابو تمام حيث قال : كَمْ مَنزِلٍ فى الأرضِ يألفُهُ الفَتى -- وحَنينُهُ أبداً لأوَّلِ مَنزِلِ.
لاسارتى وأجيرى
الاحد:
لم أقتنع بمدرب المنتخب السابق أجيرى ومدرب الأهلى السابق لاسارتى منذ أول مباراة أشرف عليها كل منهم مع فريقه.فقدرات اى مدير فنى تظهر من اول مباراة وتتجسد بشكل اوضح مع توالى المباريات. وليس معنى فوز الأهلى ببطولة الدورى ان لاسارتى مدرب فذ. فقد جاء فوز الأهلى بالدورى بشكل قدرى وبمساعده غريمه الزمالك والفرق الأخرى ولنقل ايضا بأخطاء الحكام. ماأتمناه ان يتولى تدريب المنتخب وكل من الأهلى الزمالك مدربون وطنيون. ولنا فى منتخبات كرة اليد القدوة والمثل. فقد نال منتخب شباب اليد الميدالية البرونزية فى بطولة العالم بإسبانيا وحقق منتخب ناشئى اليد كأس العالم لأول مرة فى التاريخ بمدربين وطنيين.
ليس صحيحا أن مصر بلا لاعبين متميزين. فأرض الكنانة ولادة. فاذا كانت قرية نجريج انجبت النجم العالمى محمد صلاح فإن أكثر من 4 آلاف قرية مصرية تعجّ بأمثال صلاح وغيره من المواهب التى تحتاج من يكتشفها ووضعها فى بوتقة الصقل لاستخراج نجوم عالميين آخرين. الإنسان المصرى مبدع خلاق وينتظر فقط الفرصة لإخراج مابداخله من قدرات غير عادية. امنحوا الفرصة للمدربين الوطنيين وفتشوا فى ربوع مصر عن المواهب المدفونة. عندئذ انتظروا أبناء مصر على منصات التتويج فى كل الألعاب.
أصحاب المعاشات.. منسيون!
الاثنين:
أخيرا خرج قانون التأمينات والمعاشات الجديد إلى النور بعد سنوات من التردد والبحث والدراسة. والحق يقال. حمل القانون الجديد مزايا عديدة للمؤمن عليهم، أى الذين مازالوا فى الخدمة. حيث رفع معاشاتهم بعد وصولهم سن التقاعد إن شاء الله من 20% من أجر الاشتراك حاليا إلى 65% وربما 80% من متوسط اجر الاشتراك. بمايحمى هؤلاء مستقبلا من الهزة والصدمة العنيفة التى تعرض لها كل من وصل سن الستين قبل اول يناير 2020 حيث يبدأ تطبيق القانون الجديد. كما خفض القانون فى نفس الوقت نسبة الاشتراكات من 40% حاليا إلى 21% من أجر الاشتراك فقط منها 12% يتحملها صاحب العمل و9% يتحملها المؤمن عليه. كما رفع القانون سن التقاعد اعتبار من 2032 ليصل 65 عاما فى 2040. والأهم نجح القانون فى صياغة اتفاق بين هيئة التأمينات والحكومة لسداد ديون الخزانة العامة وبنك الاستثمار القومى للهيئة والمقدرة ب 696 مليار جنيه. حيث تلتزم الحكومة بسداد 160.5 مليار جنيه سنويا لمدة خمسين عاما للهيئة وإنشاء كيان متخصص لاستثمار أموال التأمينات بمايحقق اعلى عائد شريطة ان يتم استثمار مالايقل عن 75% من هذه الأموال فى أذون وسندات الخزانة وهى اعلى وعاء استثمارى فى مصر من حيث نسب العائد. بمايضمن تدفقات مالية ضخمة لصندوق المعاشات يساهم فى تحسين احوال المؤمن عليهم. المضحك المبكى فى نفس الوقت ان القانون الجديد الذى يضم 160 مادة نسى اصحاب المعاشات الذين يتجاوز عدد 7 ملايين، ممن خرجوا بالفعل على المعاش.ولم يذكرهم إلا فى مادة واحدة تنص على زيادة المعاشات سنويا بنسبة تعادل معدل التضخم - وهو أمر يحدث سنويا - أى لاجديد !! وبالتالى ستكون الصورة المستقبلية ان معاشات من يخرجون اعتبارا من يناير 2020 أكبر بكثير ممن سبقوهم فى الخروج. وهو أمر يتناقض مع مبدا العدالة والمنطق. رغم أن الميارات الضخمة التى التزمت الحكومة بسدادها للتأمينات على 50 عاما هى فى الأصل أموال أصحاب المعاشات الحاليين الذين افنوا سنوات العمر فى سداد الاشتراكات التأمينية وفوجئوا بعد خروجهم بمعاشات هزيلة اقل من خمس ماكانوا يتقاضونه اثناء الخدمة. كنت أتصور تضمين القانون الجديد مادة ترفع المعاشات الحالية بنسب متفاوتة، لتوفير معاشات تضمن الحد الأدنى من الحياة الآدمية لأصحاب المعاشات. اما ان يقتصر الأمر فقط على تحسين المعاشات لمن يخرجون فى ظل القانون الجديد دون اى اعتبار لمن خرجوا قبل تطبيقه فهو ظلم بيّن يستوجب رفعه فورا. حتى لايصبح اصحاب المعاشات فى ظل قانون المعاشات الجديد، منسيين حتى الموت !!
عجميستا
الثلاثاء:
حزمت حقائبى استعدادا للسفر إلى الاسكندرية لقضاء اجازة العيد فى شقتى الصغيرة بالعجمى، توفيرا للنفقات، بعد الارتفاع الفاحش لأسعار الاقامة بالمنتجعات الفاخرة فى العين السخنة والساحل الشمالى. وماإن دخلت العجمى إلا وفوجئت بزحام لم يسبق له مثيل. قلت بينى وبين نفسى، إن هؤلاء البشر لابد أنهم هربوا مثلى من غلاء اسعار الشاليهات فى المناطق السياحية الراقية. لكن مع توغلى بسيارتى فى طريقى إلى شقتى فى بيانكى وجدت أكوام القمامة تكاد تسد الطريق ناهيك عن الجزيرة الوسطى فى الشارع الرئيسى الواصل بين الدخيلة والكيلو 21. فتشت عن صناديق القمة فلم أجد لها أى أثر. الناس تلقى قمامتها بشكل عشوائى. سيارات ملاكى تقف وينزل منها أطفال يلقون أكياس الزبالة هنا وهناك. مشاهد تثير القرف والضجر. وصلت وسط الزحام الذى يفوق زحام الموسكى والعتبة إلى الشقة. فوجدت المياه مقطوعة. وعرفت من الجيران انها مقطوعة منذ يومين. لم أتحمل الانتظار. قررت العودة من حيث أتيت. ولم ينقذنى من ورطتى سوى تليفون بالصدفة من اخى الذى يمتلك فيلا بالساحل الشمالى. اصر بعد ان علم بما انا فيه على استضافتى. فاتجهت إلى هناك حيث قضينا يومين فى هدوء واسترخاء لم يعكر صفوه سوى ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة الشديدة. قررت العودة إلى القاهرة، لأتخلص من مشاهد العجمى المزعجة، وإهمال المحليات الذى حول الحى الذى كان يوما ما، المكان المفضل للمشاهير لقضاء إجازاتهم، إلى مكان يعج بالعشوائية والبلطجة !!
مستشفى «الحطبة».. يتوجع!!
الاربعاء:
وصلتنى رسالة من الأخ احمد شوقى أحد أبناء قرية الحطبة مركز شربين محافظة الدقهلية يعرض فيها مأساة تعكس مدى تغلغل الروتين فى جهازنا الحكومى وبشكل خاص فى وزارة الصحة. فقد قام احد ابناء القرية بالتبرع بقطعة ارض لإنشاء مستشفى للكلى، لخدمة اهالى القرية والقرى المجاورة التى تعج بالمرضى. وسارع الأهالى بإقامة المستشفى بالجهود الذاتية من أربعة طوابق وتزويده بالأجهزة الطبية اللازمة. وتقدموا إلى وزارة الصحة لتشغيله، وانقاذ مرضى الكلى ومااكثرهم فى قرى مصر. لكن الوزارة لم تقدر جهود الأهالى وتبرعاتهم وأدخلت الحلم فى دهاليز الروتين التى تعطل « المراكب السايرة «! وكانت النتيجة، مأساوية، فهذا مستشفى جاهز للعمل، ولاينتظر سوى الأطقم الطبية والموافقات الرسمية لتشغيلها. لكن يد الروتين تأبى إلا أن تظل خاوية على عروشها، بينما المرضى يتحملون الصعاب للسفر هنا وهناك بحثا عن طبيب يشخص أسباب أوجاعهم، أو جهاز غسيل كلوى ينقذ حياتهم. ياوزيرة الصحة.. مستشفى الحطبة يتوجع من صرخات مرضى القرية والقرى والمجاورة ويأمل صدور قرار بتشغيله قبل فساد اجهزته. فهل تتحركين لإنقاذ مايمكن انقاذه ؟ أتمنى..
آخر كلام
الخميس:
سنوات العمر تمضى..
مثل أمواج السحب
كل مافينا يشيخ..
كل مافينا نضب
الأمانى..الأغانى..
وعناقيد العنب
كل مانهوى ذهب
وبقى فينا الذهب..
حبنا الخالد يكفى..
حبنا أنقى ذهب

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة