الإثنين، 26 أغسطس 2019 - 08:31 م

تصيد الأخطاء من أسوأ العادات التى بُلينا بها، دائما ما تجد، ويومياً، من يتصيد لك الأخطاء، ويضع العراقيل أمامك، من يشعرك أنه الأفضل والأنجح، هوَ الناصح لك، والوصى عليك، لا تخالفه الرأى وإلا رمى جمراته عليك، وإذا كان صاحب قلم أو من مقدمى برامج النميمة، فهوَ لا يفرَق بين النقد المباح للإصلاح وبين تصيد الأخطاء، فالويل كل الويل لمن يتم الهجوم عليه، فناناً كان أم سياسياً أو كاتباً أو إحدى الشخصيات المشهورة، لن تقوم له قائمة ويتحول إلى مرمى للأقاويل على صفحات التواصل الاجتماعى وفى أحاديث النميمة فى البيوت وبين الأصدقاء على المقاهى، تتناوله الألسنة بكرة من لهب، فإذا كان قوياً سيحارب ويخرج إلى النور مرة أخرى وإذا كان ضعيفاً توارى عن الأنظار لتنتهى قصته وما أكثر من انتهت قصصهم وانفض عنهم العامة رغم نجاحاتهم. جهابذة تصيد الأخطاء موجودون فى كل زمان وأوان، يثيرهم نجاح الآخرين فيخلقون المشاكل، يحاولون دائماً إثبات أنهم الأقوى والأنجح، يعوضون النقص لديهم بالحديث عن الآخرين، مبرراتهم واهية، وإذا بحثت فى داخلهم فستجد عقولهم خالية وحياتهم فارغة وقلوبهم يملؤها السواد، علاقاتهم متوترة يخلقون المشاكل ليثبتوا وجودهم أمام الغير، وإذا وقفت أمامهم يتهمونك بالخيانة، يبحثون عن أى شيء لتشويهك! تتابع زلات الآخرين ونشرها بين الناس من الأشياء غير المحببة دينياً واجتماعياً وأخلاقياً، فمن تتبع عورات الآخرين تتبع الله عورته، وليس هناك شخص خالٍ من الأخطاء والعيوب «فمن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر، كُلنا خطاءون وخير الخطائين التوابون»، والمجتمع الذى ينتشر فيه تصيد الأخطاء، مجتمع مريض، عليل، معرض لتفكك نسيجه الوطنى، فلنقف جميعاً أمام متصيد الأخطاء، من يحاولون تحويل النجاح إلى فشل. قال ابن القيم رحمه الله «ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والزنا والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسان....» وقد شبههم شيخ الإسلام بالذباب يقول رحمه الله «إن بعض الناس لا تراه إلا منتقدا داء، ينسى حسنات الطوائف والأجناس ويذكر مثالبهم فهو مثل الذباب يترك مواضع البرد والسلامة، ويقع على الجرح والأذى، وهذا من رداءة النفوس وفساد المزاج»، فلنتجاوز عن الأخطاء، نعلى من صفة التسامح، ولنرى فى وجوه الآخرين الوجه المشرق.