يوتوبيا النباتيين.. تجارب شخصية عن هجر اللحوم رأفة بالبيئة والحيوانات
يوتوبيا النباتيين.. تجارب شخصية عن هجر اللحوم رأفة بالبيئة والحيوانات


حكايات| يوتوبيا النباتيين.. تجارب شخصية عن هجر اللحوم رأفة بالبيئة والحيوانات

آية سمير

الثلاثاء، 27 أغسطس 2019 - 11:24 ص

لا يحلم النباتيون فقط بعالم مثالي يمتنع فيه الناس عن تناول اللحوم بسبب أسعارها أو أضرارها الصحية، لكن لأن ذلك يتوافق مع المبادئ الأخلاقية الداعمة للبيئة، والقسوة التي أصبحت لا تخفى على أحد في عالم صناعة وتربية الحيوانات-بحسب تصريحاتهم.

 

يشهد العالم اليوم دعوات من أجل رفع الوعي والدعوة للمحافظة على البيئة وزراعة الأشجار والامتناع عن استخدام المواد الضارة لها كالبلاستيك على سبيل المثال، كل هذه أشياء تدور في رأس عدد من الفتيات قررن بإرادتهن أن يتحولن إلى النظام النباتي لأسباب مختلفة: ربما لفقدان الوزن أو لتجنب أمراض التقدم في السن والكولسترول أو حتى بسبب حبهن للحيوانات.

عندما تستمع لعدد من تجارب النباتيين الشخصية والأسباب التي دفعتهم للتحول لهذا النظام ولو لفترات قصيرة من حياتهم، قد تجد أن أمر به تفاصيل أكثر قليلا مما نعرفه عنهم، والذي يتلخص في أنهم "لا يأكلون اللحوم"، التي على العكس تماما من طبيعة المصريين، يحبون الإكثار من كمياتها على موائدهم اليومية.

 

تقول ياسمين، وهي فتاة في منتصف العشرينات: "أصبحت نباتية عام 2017، وكنت مهتمة بكل الطرق الطبيعية التي يمكن اللجوء لها من أجل حياة أكثر صحية، وبالطبع على رأسها الطعام، بدأت في قراءة عدد كبير من المواقع والمدونات وكيف أنه يمكن للنظام الغذائي الصحي وتحديدَا النباتي أن يكون وقاية لي من عدد كبير من الأمراض الخطيرة كالسرطان على سبيل المثال. وفي حياتي الطبيعية أنا لم أكن أحب الطهي على الإطلاق، وكنت أراه إهدارًا للوقت، لكني منذ أن أصبحت نباتية أدركت أهمية أن أقوم بإعداد طعامي بنفسي بسبب ثقافتنا العامة المصرية والغير صحية فيما يتعلق بإعداد الطعام."


 

وتتابع ياسمين: "لم يكن مقنعا بالنسبة لي أننا نستهلك كل هذه الكميات من الطعام فقط من أجل الاستهلاك والعيش..هذه فكرة ضارة وسامة جدًا بالنسبة لي، لكن عندما تحول الأكل لطقس أقوم به كجزء روحاني يتعلق بالمبادئ التي أؤمن بها في حياتي أصبح الأمر مختلفًا بشكل كبير..فمثلا على سبيل المثال أن أطهو الطعام وآكل دون أن أتسبب في أذية مخلوقات أخرى فقط بهدف أن آكل".

 

اقرأ للمحررة أيضًا| من الزمالك للخرطوم.. رحلة مصور ورفيقه بالدراجة البخارية

 

وتشدد ياسمين على أن كل هذا لا يقارن بما قرأناه عن علاقة كونها شخص نباتي، وتأثير ذلك على البيئة، فتوضح: "عزز إيماني بهذا النظام الغذائي هو أنه نظام صديق للبيئة. فما يعانيه العالم اليوم من إزالة للغابات التي نعتبرها سلاحنا الوحيد أمام التغير المناخي، يعود سببه بالأساس إلى صيد الحيوانات للحصول على منتجاتها من اللحوم والألبان، وهو أمر غير إنساني تمامًا، ولذلك ولأسباب تتعلق بالمبادئ والأخلاق، أعتقد أن النظام النباتي في تناول الطعام، هو الأصح على الإطلاق، لا أريد أن اشعر إني أساهم بأموالي في الأنشطة التي تدعم إزالة الغابات والمساهمة في تقوية تأثير التغير المناخي الذي نعاني منه أو إحداث ضرر على البيئة."

 

أما عن الوضع في مصر، فتشير ياسمين: "في مصر، الأمر صعب.. هذه حقيقة لا يمكن إنكارها، وعلى الرغم من وجود الكثير من الطعام الذي يمكن اعتباره نباتي في الثقافة المصرية، إلا إنه غير صحي على الإطلاق، مثل الفول والطعمية، والكشري والعدس..لكن من الصعب الاعتماد على هذه المأكولات فقط، لأنها أولا غير صحية، وثانيًا لأنها وحدها لا تحتوي على المكونات التي يحتاجها الجسد.

 

وثقافتنا عموما كمصريين، -وفقًا لياسمين- تقوم بالضرورة على أهمية البروتين والمنتجات الحيوانية كالعنصر الأول في الطعام دون إدخال من يكفي من الخضروات والفاكهة.

 

"ولذلك أقوم أنا بتحضير الطعام المناسب لي مرة واحدة لعدة أيام على سبيل المثال رغم قلة الاختيارات التي يمكن الحصول عليها في مصر. وعلى الرغم من إني أنتمي لعائلة مصرية تفضل البروتينات في معظم وجباتها إلا إنهم قدموا لي الكثير من الدعم عندما قررت تبني هذا النظام الغذائي. وهذا بالتأكيد أثر علي حياتي بمختلف أشكالها فعلى سبيل المثال أصبحت أعرف ما هي الأماكن التي يمكن أن أخرج فيها مع أصدقائي مع الحصول على اختيارات نباتية مختلفة، وأتجنب أماكن أخرى لا تحترم وجود فئة نباتية في المجتمع وتقدم لهم الخيارات المناسبة".

 

اقرأ للمحررة أيضًا| 92 عامًا من الانضباط.. كيف تحافظ الملكة اليزابيث الثانية على صحتها؟

 

وتؤكد ياسمين إنها حاليًا تشعر بالكثير من الارتياح النفسي لأنها لا تساهم بأي شكل من الأشكال في الإيذاء الذي يمارسه مربو اللحوم والدواجن ضدهم فقط من أجل الحصول على أموال أكثر، فهم - بالنسبة لها- غير مراعين لأي مبادئ إنسانية أو أخلاقية ويقوموا بحقنهم بالكثير من الهرمونات الضارة التي نقوم نحن بعد ذلك باستهلاكها.."كل هذه أشياء أنا لا أريد أن أكون جزء منها بأي شكل. حاليًا إني دائمًا مليئة بالطاقة والحيوية..أشعر بأني خفيفة الوزن، ولا أعاني من أي مشاكل في الوزن والأمعاء على الإطلاق."

 

 

حنان التي أصبحت أم حديثًا، تروي تجربتها التي دامت لسبعة شهور قائلة: "لقد قضيت فترة طويلة من حياتي أتبع نظام Plant Based، مع وضع بعض الاستثناءات التي كنت أجد أنها تتناسب أكثر مع نظام جسدي، فعلى سبيل المثال كنت آكل الزبادي كامل الدسم والأسماك وأضيف كل من زيت الزيتون والزيت الحار للطعام".

 

وتتابع: "كنت أعتمد في معلوماتي على الصفحات الخاصة بهذا النظام على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بالإضافة لعدد من المواقع الإنجليزية التي تتحدث عن هذا النظام.

 

لمدة 7 شهور متواصلة لم آكل أي من المعلبات، أو المنتجات التي تحتوي على مواد حافظة أو أشرب أي من المياه الغازية. كنت دائمة الشعور بالشبع لأنه لا يوجد الكثير من المنتجات التي يمكن تناولها في الخارج وبالتالي كنت آخذ معي ما يكفي من الطعام وأكل كثيرًا.

 

 

تشير حنان إلى أنها شعرت بالكثير من التحسن في صحتها، وتحديدًا الجهاز الهضمي. "كان جسدي رطبًا  دائمًا لأني كنت أستهلك الكثير من الماء والعصائر."

 

أما عن مساوئ النظام بالنسبة لها فتقول:  "فقدت الكثير من الوزن مهما تناولت من تمور أو مكسرات أو أي من المنتجات الأخرى المسموح بها في هذا النظام ولم أعرف ما الذي يمكن فعلة حيال ذلك.

 

لكن أكثر ما عجبني في هذا النظام الغذائي هو أنه تقريبا موفر واقتصادي للغاية، فقد امتنعت تمامًا عن تناول أو شراء الطعام في الخارج، كما امتنعت تمامًا عن شراء أي أشياء تحتوي على مواد حافظة، بالإضافة لأني لا أكل اللحوم والتي تعتبر أغلى مكونات الطعام المصرية..فقد كان موفرًا واقتصاديًا بقدر كبير."

 

وتوضح حنان: "بدأت إتباع هذا النظام عندما تبناه مجموعة من الشباب على موقع فيسبوك وتحدث عنه بعد ذلك عدد من المشاهير. اقتنعت بما يقولون وشعرت أن ذلك النظام سيكون أفضل لصحتي، خاصة أني أعاني من كولسترول وراثي ولا أريد أن آخذ له أي دواء عندما أتقدم في العمر. كما أني لا أريد أن أعاني من مرض السكري كذلك، وأحاول إتباع أكثر الطرق صحية لتجنبه."

 

 

وتتابع: "بالتأكيد أنا أيضًا ضد القسوة المتبعة في مجال صناعة اللحوم خاصة في مصر، أنا لست ضد تربية الحيوانات وذبحها وأكلها لكن ضد القسوة في الصناعة بحد ذاتها. وبشكل عام أعتقد أننا نأكل في مصر منتجات حيوانية أكتر بكثير مما نحتاج، وعلى العكس لا نستهلك الكمية التي ينبغي علينا تناولها من الخضار والفاكهة".

 

أما نورهان التي اعتمدت النظام الغذائي في حياتها لمدة أربعة  شهور متواصلة ثم منعته وعادت إلية مرتين بعد ذلك كان آخرهم منذ خمسة أيام فقط فتروي تجربتها قائلة: "بدأت أتبع نظام غذائي نباتي، وتحديدًا Plant Based بعد أن أخبرتني عنه أحد أصدقائي. فبدأت أبحث عنه كثيرًا وقرأت الكثير من المقالات التي تتحدث عن إيجابياته، واقتنعت بالأسباب التي شرحوها عن أن هذا النظام أفضل لصحة الإنسان، وكيف أن اللحوم قد تكون مفيدة في مرحلة عمرية محددة للنمو لكن حاليا لا نحتاجها بهذا القدر وأن هناك مصادر متعددة للبروتين، ولا يمكن الحصول عليها فقط من خلال اللحوم."

 

لم تتبع نورهان هذا النظام بمفردها لكنها نجحت في إقناع والدتها والتي تعاني من مرض السكري في أن تتبع هذا النظام الغذائي معها، مشيرة إلى أنها أصبحت أفضل صحيًا ولم تكن بحاجة لآخذ كميات كبيرة من الدواء لمعادلة السكريات التي كانت تستهلكها من قبل.

 

وتتابع قائلة: "في البداية.. الطعام كان مريح للغاية خاصة وأني أعاني من مشاكل في القولون، وانتهت كل مشاكلي الهضمية، خاصة بعد أن امتنعت عن تناول الملح والسكر واللحوم تماما..وكان هذا بالطبع تحديًا كبيرا بالنسبة لي خاصة وأننا تربينا على ثقافة محددة في الطعام تقوم بالأساس على أن البروتين هو المكون الأساسي.

 

 

تنصح نورهان كل من يريد إتباع هذا النظام قائلة: " خسرت أنا ووالدتي الكثير من الوزن بعد فترة من إتباعنا هذا النظام..ولكني شعرت ببعض الضعف في نهايته، ولذلك نصيحتي لكل من يريد إتباعه هو أن يقرأ كثيرًا ويبحث عن المكونات التي يجب أن يأكلها مهما كان هدفه من وراء إتباع هذا النظام. فيجب أن تكون على دراية تامة بالعناصر التي تأكلها والعناصر التي يجب عليك تعويضها بالفيتامينات المختلفة حتى لا تواجه مشكلات مثل فقدان مكونات معينة أو على العكس تمامًا اكتساب المزيد من الوزن. كما أنك بحاجة للكثير من المثابرة للتعلم والدراسة والبحث والعثور دائمًا على وصفات طعام جديدة، شهية ومناسبة لك".

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة