كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

أمريكا.. وأغبياء عرب!

كرم جبر

الأربعاء، 28 أغسطس 2019 - 06:49 م

المؤامرات تصنع التاريخ أكثر من الإنجازات، و»لو» لم تحدث 11 سبتمبر، لكان العرب الآن قوة يعمل لها الجميع ألف حساب، ولكن حين اصطدمت طائرات بن لادن ببرجى التجارة، صدرت الأوامر ببداية حروب تدمير «الأشرار».


حدثت الصدمة الأكبر فى تاريخ أمريكا، بعد تولى بوش الأب مهام الرئاسة بعامين وثمانية شهور، ولم يكن مهتماً بالشرق الأوسط، بل بالشياطين الصاعدة فى جنوب شرق آسيا، كوريا الشمالية والصين.


خصصت أمريكا مئات المليارات لبرنامج «حرب النجوم»، ومهدت مسرح العمليات بإنتاج عشرات الأفلام السينمائية، وتوقعت أن الحرب القادمة ستدار من الفضاء، بأسلحة مذهلة وغامضة يصعب تصورها.


11 سبتمبر غيرت المفهوم الاستراتيجى للحروب على مدى التاريخ، بعد أن أدركت الدولة الأعظم فى العالم، أن الخطر جاء من «الكهوف»، وليس «النجوم»، وأن الطائرة المدنية تحولت إلى سلاح فتاك، أخطر بكثير من الليزر والأشعة والقوة الخارقة التى يراها الناس فى أفلام حرب النجوم.


وانقلبت السياسة الأمريكية رأساً على عقب، فالشياطين تعيش فى الشرق الأوسط وليس فى جنوب شرق آسيا، وفناء أمريكا فى الأفكار المتطرفة، وليس الأسلحة الفتاكة، ولن تعيش البشرية فى سلام، إلا إذا تم تدمير الكهوف.


أمريكا هى التى صنعت بن لادن والقاعدة، فى إطار حربها الشاملة ضد الزحف الشيوعى، واستطاعت أن تفكك الاتحاد السوفيتى على يد جورباتشوف، ولكن بن لادن كان أكثر خطورة، والشيوعية أرحم بكثير من التطرف.


فشلت نظرية «من يحضِّر العفريت، يستطيع أن يصرفه»، فأجهزة المخابرات الأمريكية التى صنعت العفريت، عجزت عن تقدير مخاطره، وتسلل من وراء ظهرها ليدمر صانعه.


الويل لمن يقترب من الأسد الجريح، وأمريكا التى أدركت أنها كانت على شفا الانهيار، لم يكن بوسعها إلا أن تضرب بكل قوة، جحافل الشر فى أوكارهم وجحورهم.
وهكذا التاريخ، تصنعه المؤامرات أكثر من الانتصارات، وتدفع الشعوب الثمن الفادح، بسبب حكام أغبياء، هللوا وكبروا للجماعات الإرهابية، وأيدوا جرائمها، وقدموا لها الدعم والمساندة فى العلن والخفاء.


الغباء الفادح كان عنواناً لسياسات دول «الثورة العربية»، العراق وليبيا واليمن وسوريا والفلسطينيين، عندما تعاطفوا مع الإرهاب، ليس حباً فيه وإنما شماتة فى أمريكا، ووهماً فى أن يكسر الإرهابيون شوكتها ويضعفوا قوتها، وكانت دول «الثروة العربية» أكثر حكمة وذكاء.


وكان الرد الذى احتوته الخطط الجاهزة فى الأدراج المغلقة، هى «الحرب الشاملة» ضد الإرهاب وصانعيه ومؤيديه والمتعاطفين معه، وعلى مراحل: الأخطر ثم الأقل خطراً.
الشيطان الأكبر أفغانستان والعراق، وبدأت حروب التدمير الشاملة ضد الدولتين، ثم الشيطان الأصغر سوريا وليبيا واليمن.. ولكل عفريت تعويذة جديدة لصرفه.


استخدمت أمريكا القوة الباطشة ضد أفغانستان والعراق، والفناء الذاتى ضد سوريا وليبيا واليمن.. والفناء الذاتى هو أن يخرج من صفوفهم من يمزق أوطانهم ويشرد شعوبهم بالحرب الأهلية.. وأفضل من يقوم بهذه المهمة القذرة.. أصدقاء الأمس أعداء اليوم «عصابة بن لادن» وإخوانها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة