المتوحشة
المتوحشة


قصص وعبر| المتوحشة.. ورجل الأمن

علاء عبدالعظيم

الأربعاء، 28 أغسطس 2019 - 09:24 م

يقف القلم عاجزًا لم يتمكن من التعبير عن تلك المرأة التي تجردت من كل مشاعر الأنوثة، وماتت عواطفها جميعا ودفنتها، وأصبحت مغلقة الفهم والضمير، فبدلا من أن تحمل بين ضلعيها قلبا يزخر بالعواطف والاحساسات النبيلة إلا أنها تحمل حجر صوان، ولها هيبة ينفر منها الإنسان، حيث لبست عباءة إبليس وأنهت حياة رب أسرة بعدما طعنته بسكين "كزلك" كانت تخفيه بين طيات ملابسها بـ٣ طعنات بالرقبة والبطن دون رحمة أو شفقة.

 

السطور التالية تروي مأساة رجل أمن "سيكيورتي" بأحد مصانع الملابس الداخلية الشهيرة بمدينة السلام.


البداية كانت مشادة كلامية نشبت بين عاملتين بالمصنع، استدعت إحداهما عائلتها بالحضور إلى المصنع لتلقين الأخرى «علقة ساخنة»، والاعتداء عليها بالضرب، وإهدار كرامتها، وبعد بضع دقائق فوجئ رجل الأمن المكلف بحراسة بوابة المصنع بقدوم ٣ سيدات وشاب، واستشعر بأن هناك خطر على الفتاة، حاول تهدئتهم لكن دون جدوى، فما كان منه إلا أن تصدى لهم ومنعهم من الدخول حفاظا على حياة الفتاة وخشية أن يصيبها مكروه، ولم يكن يعلم بأنه سيكون ضحية الشهامة، حيث فوجئ بهم يمطرونه بأبشع الألفاظ والشتائم، والإهانات وإصرارهم على الدخول للنيل من الفتاة الأخرى، وحاول الشاب الذي بصحبتهن دفعه أرضا لإفساح الطريق لكنه صمد ومنعهم من الدخول، جحظت عين رجل الأمن وعلت الدهشة وجهه عندما شاهد المرأة المتوحشة تمسك بسكين "كزلك" في محاولة لتهديده لإفساح الطريق وقامت بطعنه في رقبته، وبطنه وسقط على الأرض غارقا في دماءه وسط ذهول العمال والعاملات الذين تجمعوا، ولم يحاول أحد التدخل لإنقاذه من بين براثن المرأة المتوحشة، أو حتى الاتصال بسيارة إسعاف أو شرطة النجدة، وتركوه يسارع الموت يتأوه ويئن أنينا ينفطر له الأكباد، وتركوه يلاقي مصيره، وتصادف مرور سيارة ميكروباص هم سائقها بإنقاذه والوصول إلى أقرب مستشفى.


تمدد رجل الأمن على الكرسي وكانت كل ثانية تمر تقترب أكثر من نقطة النهاية، يجول بخاطره أطفاله الـ٣، والابن المنتظر حيث أن زوجته حامل في الشهر الثامن، شعر بالموت يقترب وفجأة نطق الشهادتين ولفظ أنفاسه الأخيرة داخل الميكروباص قبل أن يصل إلى المستشفى متأثرا بجراحه.


انتقل رجال مباحث قسم شرطة مدينة السلام، إلى مكان الواقعة، وسؤال شهود العيان، وتفريغ الكاميرات الخاصة بالمصنع، وتمكنوا من القبض على المرأة المتوحشة، وتم تحرير المحضر اللازم وأحيلت إلى النيابة التي صرحت بدفن جثة رجل الأمن المجني عليه بعد العرض على الطب الشرعي، وسرعة تحريات المباحث حول الواقعة، وقررت حبس المتهمة ٤ أيام على ذمة التحقيقات.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة