هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

نتفليكس والموساد

هالة العيسوي

الخميس، 29 أغسطس 2019 - 09:04 م

 تجتذب قناة نتفليكس للأفلام كثيرا من المشتركين فى مصر والعالمين العربى والغربى. وبالنسبة لنا فى مصر تعتبر قيمة اشتراكها الشهرى معقولة نسبياً مقارنة بكم ونوعية الأفلام التى تقوم بعرضها وأيضا بأسعار تذاكر دور العرض السينمائية التى لم تعد تناسب النزهات العائلية متعددة الأفراد. هكذا أصبحت نتفليكس بديلاً آمنا للأسر التى تفتقد التجمعات العائلية الدافئة، أو تجمعات الأصدقاء.. رغم هذه الميزة التى تسد ثقباً اجتماعياً أحدثته التكنولوجيا المتوحشة التى فرقت بين أبناء الأسرة أو أعضاء الشلة الواحدة وجعلت كل فرد منهم يتوحد مع جهاز تليفونه أو حاسبه الآلى ويبتعد بعالمه عن بقية المحيطين به، تظل هناك خطورة كامنة تحتاج منا إلى تدقيق وفحص لنوعية الأفلام التى تختارها القناة لعرضها على شاشتها والترويج لها.
خلال الشهور القليلة الماضية تكثف عرض أفلام التجسس المتعلقة بالموساد الإسرائيلى والترويج لنجاحاته من وجهة نظرهم لاسيما فى العالم العربى والشرق الأوسط وأفريقيا وذلك بصرف النظر عن قدر الحقيقة التاريخية او السياسية التى تحملها الأفلام المعروضة..
على سبيل المثال عرضت القناة فيلم «الملاك» المأخوذ عن كتاب إسرائيلى بنفس الاسم يروج لكذبة أن أشرف مروان صهر الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر كان عميلا للموساد وأنه أبلغ العدو الصهيونى بموعد قيام حرب أكتوبر. وقبل أكثر من شهر عرضت القناة فيلما وثائقياً بعنوان «الموساد 101». وآخر روائياً عن قصة تهريب الموساد ليهود إثيوبيا عبر السودان وأسهب الفيلم فى سرد حكاية المنتجع السياحى لرياضات الغطس الذى أقامه الموساد الإسرائيلى على شاطئ البحر الأحمر فى السودان تحت واجهة أوروبية وأصبح هذا المنتجع على شهرته الواسعة منصة تهريب اليهود عبر ميناء بورسودان إلى حيفا. الأمر الذى يحمل أهدافا خفية حتى وإن كانت فرعية وهى التباهى بالنجاح فى اختراق العدو الصهيونى للقارة الأفريقية وأن هذا الاختراق لا يقتصر على الجوانب العسكرية والسياسية لكن له مظاهر أخرى تتخذ أشكالاً سياحية وتعليمية بل ودينية أيضاً كالمنتجعات ورحلات السفارى فى أفريقيا ورحلات السياحة الدينية إلى الأماكن المقدسة لدى الديانات الثلاث فى فلسطين المحتلة مما يستدعى كثيراً من اليقظة.
ولم تنس نتفليكس عرض مسلسل من ست حلقات عن الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين الذى اخترق النظام السورى فى الخمسينات ووصل إلى أعلى المراكز فيه. المسلسل ظهر تحت اسم «رجلنا فى دمشق».
هذه الأفلام وغيرها فرضت على وعى المشاهدين تساؤلات جادة عن طبيعة انتماء تلك القناة وعن حقيقة الجهة التى تمولها وعلاقتها بشركات الإنتاج السينمائى العالمية. بعضاً من إجابات هذه الأسئلة نجده فى مقال لأحد مسئولى القناة يحكى فيه كيف وقع فى غرام الموساد حين أهداه أبوه فى طفولته وكان فى الصف السادس كتابا مشوقاً بعنوان : «30 قصة كانت سرية للغاية» الكتاب حكى عن مغامرات الموساد ونجاحاته وكان له بالغ الأثر فى تكوين شخصية الطفل قارئ الكتاب لدرجة أنه أعاد قراءته أكثر من 20 مرة وتمنى أن يصبح يوما ما من عملاء الموساد. هذه القصة على بساطتها تكشف أهمية النقش على وعى الصغار فى الأمور المتعلقة بأمن الوطن. إن أردنا تحصين الأجيال بمصل المناعة الوطنية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة