د.إلهام محمود خلال الحوار - تصوير إيهاب عيد
د.إلهام محمود خلال الحوار - تصوير إيهاب عيد


حوار| مفوض الطاقة والبنية التحتية بالاتحاد الأفريقي: الرئيس السيسىي جمع بين التواضع ووقار المنصب

حازم بدر

الأحد، 01 سبتمبر 2019 - 12:35 ص

- تأخرنا فى مجال الطاقة المتجددة .. واللجوء لـ«النووية» قرار صائب
- برنامج «بيدا»يضمن توجيه الدعم الدولى لاحتياجات أفريقيا


عادة ما ينشط بعض المسئولين «إعلاميا» قبل انتهاء فترة ولايتهم طمعا فى الحصول على فترات إضافية فى المنصب، ولكن هناك فى المقابل من يظل عازفا عن الإعلام، تاركا عمله يتحدث عنه، لتجبر إنجازاته أصحاب القرار على منحه التقدير الذى يستحقه. د. إلهام محمود، التى تولت منصب مفوض البنية التحتية والطاقة بالاتحاد الأفريقى خلال الفترة من 25 أبريل 2008وحتى 15 مارس 2017، واحدة من هؤلاء الذين يعلم أهل المهنة والتخصص قيمتهم، لكنها فى المقابل ليست من الوجوه المألوفة إعلاميا، رغم سيرتها الذاتية المليئة بالتفاصيل التى تغرى أى وسيلة إعلامية على التحاور معها. وكما كانت د.إلهام،ابنة محافظة أسوان بجنوب مصر، عازفة عن الإعلام أثناء وجودها فى المنصب، ظلت كذلك بعد تركها إياه، واستنفاد فرص التجديد لها، تاركة سيرة طيبة، وانجازات رأى زوجها اللواء المهندس فرج حمودة أنه من حق الأجيال القادمة معرفتها، فبذل بعض الجهد لتوثيقها من خلال صفحته على موقع فيس بوك، معتبرا أن ما حققته زوجته نموذج للمرأة المصرية، التى جمعت بين النجاح فى عملها ورعاية بيتها بإخلاص ليتخرج نجلها ونجلتها فى كلية الهندسة ويحصل الأول على درجة الدكتوراة، لتصبح أسرة هندسية جدا. وإذا كانت السيرة الذاتية للدكتورة إلهام فى حد ذاتها، كأول امرأة تتولى منصب وكيل وزارة بوزارة الكهرباء، والسيدة المصرية الوحيدة التى تقلدت منصب مفوض الطاقة والبنية التحتية بالاتحاد الأفريقي، تنبىء بحوار ثرى جدا، فإن الحماس الذى أظهره الزوج يعطى مبررا آخر لإجراء هذا الحوار الذى نقدم من خلاله نموذجا لأسرة ناجحة كان زادها الحب والاحترام المتبادل.. وإلى نص الحوار.


بداية أحب أن أنطلق من حالة الحماس التى يبديها لكى الزوج، وقادتنا إلى طلب إجراء الحوار، فهل يمكن اعتباره أحد أسباب نجاحك؟
ت
بحث عين د.إلهام عن زوجها، رغبة منها فى أن يسمع إجابتها، وقبل أن تبدأ فى الإجابة، يأتى مسرعا طالبا أن يعلق على السؤال قائلا: نحن الآن فى العقد السابع من العمر، ولا نبحث عن منصب، أو مال، ولكن حماسى هذا هو رغبة منى فى إلقاء الضوء على نموذج لامرأة مصرية من صعيد مصر استطاعت أن تبنى بيتا ناجحا وسعيدا، وفى نفس الوقت تحقق نجاحا فى مجال عملها.
ويترك الزوج لزوجته المجال لتنظر له وقد ملأت الابتسامة وجهها لتقول بنبرة صوت هادئة: طبعا فرج كان أكبر داعم لي، فقد بدأنا معا من الصفر منذ تخرجنا فى الكلية، وعلاقتى به بدأت كزميل فى المدرسة الثانوى ثم تفرقنا فى المرحلة الجامعية، حيث التحق بالكلية الفنية العسكرية، ثم التحقت انا بكلية الهندسة، وتزوجنا بعد التخرج.
وأنا بطبيعتى لا أحب الظهور الإعلامي، وهذا يستفز زوجي، الذى كان دائما ما يطالبنى بأن أتحدث عما أقوم به.
طبيعتك هذه أرهقتنى أثناء الإعداد للحوار، ولولا الدعم المعلوماتى من زوجك، لكنت قد واجهت صعوبات كبيرة؟
تبتسم ابتسامة خجولة وهى تنظر لزوجها قبل أن تقول: ربنا يحفظه، هو دائما الداعم لى فى كل خطواتي.
 ربما كانت المرة الوحيدة التى تحدث فيها الإعلام عنك ببعض التفاصيل أثناء استقبالك للرئيس السيسى أثناء حضوره القمة الأفريقية.. أظنها كانت لحظات لا تنسى؟
بحكم المنصب يقوم مفوضو الاتحاد الأفريقى وعددهم ثمانية مفوضين باستقبال الرؤساء المشاركين بالقمم الأفريقية، ومن الطبيعى أن يتم اختيارى لاستقبال الرئيس المصري، وكان ذلك فى القمة التى شارك بها فى غينيا الاستوائية، وهذه ليست المرة الأولى التى استقبل فيها رئيسا مصريا، فأنا فى المنصب منذ عام 2008 منذ عصر مبارك.
 وما الفرق بين الرؤساء الذين تعاملت معهم؟
تخرج الكلمات من فمها سريعة قائلة: مبارك لم يكن مهتما بالقدر الكافى بأفريقيا، ومعاملته للمحيطين به «عادية» لا تستطيع أن تضع لها وصفا محددا، أما الرئيس السيسى فهو ملم بالتفاصيل، يجمع فى تعامله مع الآخرين بين التواضع ووقار المنصب، ويعطى افريقيا اهتماما كبيرا أتصور أنه سيعود علينا بالنفع فى أن يكون لمصر دور كبير فى مشروع البنية التحتية بالقارة الافريقية، وهو مشروع ضخم اعتمده رؤساء افريقيا ومستمر حتى 2040 ويضم مجالات المياه المشتركة، الاتصالات ونظم المعلومات، الطاقة، وسائل النقل البرى والجوى والبحري.
مقومات المنصب
 قبل أن أتحدث عن بصمتك فى هذه المجالات يستوقفنى اختيارك للمنصب كأول سيدة مصرية تفوز به، فما المقومات التى أهلتك لهذا الاختيار؟
تشير بأصابع يدها الخمسة، قبل أن تقول : هناك خمسة مقومات، أولها المؤهلات العلمية، الخبرة الوطنية والإقليمية، إجادة اللغة الإنجليزية، سيرة ذاتية مليئة بالإنجازات، وأخيرا ترشيح الدولة، فهذا المنصب يمكن أن يترشح له مسئولون من وزارات الكهرباء أو البترول أو النقل أو الاتصالات، وترسل كل هذه الوزارات إلى وزارة الخارجية التى تقوم بدورها باختيار أحد المرشحين، وقد تقلدت المنصب لمدة 8 سنوات بدءا من أبريل عام 2008 وحتى مارس 2017.
فى توضيحك لمعايير الاختيار تحدثت عن الخبرة الإقليمية، وما أعرفه ان لك خبرة محلية واسعة، كأول سيدة تصبح وكيل وزارة بوزارة الكهرباء، ولكن من أين جاءت الخبرة الإقليمية؟
عملت مع الأمم المتحدة فى منظمة « الإسكوا» وكنت مسئولة عن تخطيط الطاقة لمنطقة غرب آسيا، كما عملت بحكم عملى بوزارة الكهرباء فى ملف الطاقة بمجلس وزراء الطاقة العرب.
 بما انك مهندسة فى مجال الطاقة، أفهم أنك تستطيعين التعامل مع قضايا الطاقة بالاتحاد الافريقي، ولكن اهتمامات المنصب تشمل كما أوضحت سابقا مجالات النقل والمواصلات والاتصالات والمياه.. فكيف تستطيعين التعامل مع مجالات بعيدة إلى حد ما عن التخصص؟
تظهر مشاعر الحماس على وجهها لتنعكس على نبرة صوتها التى ترتفع بعض الشىء وهى تقول: منصب المفوض فى الاتحاد الافريقى يحتاج إلى شخصية قيادية وإدارية.. فلست مطالبا كمفوض بالإلمام بكل التفاصيل الفنية، ولكنك مطالب بدراسة كل الملفات من خلال مساعديك فى كل تخصص لاتخاذ القرار، ونحن كمهندسين ليس صعبا علينا ذلك، لأن الهندسة بشكل عام بعيدا عن التخصص تدربنا على التفكير العلمي، وهذا جعلنى قادرة على الإلمام بكل المجالات التى لها علاقة بالمنصب دون أن أتعمق فيها فنيا، ولذلك أعتقد أن المنصب أضاف لى كثيرا، كما أننى أضفت له من خبرتي.
العلاقة مع الإعلام
حالة الحب والحماس التى ظهرت على وجهك وأنت تتحدثين عن المنصب، تجعلنى اتساءل : لماذا إذن لم تنقلى هذه الحالة إلى وسائل الإعلام فى حوارات تتحدثين فيها عن نفسك، كأول مصرية تتقلد المنصب، وعن الإنجازات التى جعلتك تستمرين به لدورتين ؟
تنظر إلى زوجها وهى تبتسم قائلة: عزوفى عن الإعلام دائما ما كان يستفزه، ولكن هذا العزوف ليس له أسباب سوى أن طبيعة شخصيتى لا تهوى الظهور، ولكنى أقدر الإعلام وعندما تتاح لى فرصة الحديث إليه دون سعى منى لذلك، أجيب عن كل ما يطرح على من أسئلة.
 إذن أنا على موعد مع إجابات واضحة وصريحة على ما سيطرح من أسئلة؟
تبتسم قائلة: بالطبع.
> دعينى استغل هذا الوعد بسؤال واضح ومحدد عن الإنجازات التى تحمل بصمة د.إلهام طيلة 8 سنوات فى المنصب؟
تعود مشاعر الحماس إلى وجهها وهى تقول : الحمد لله هناك بصمات كثيرة منها، وضع أجندة أفريقيا 2063، وأشعر بسعادة بالغة عندما اسمع مسئولين الآن يتحدثون عنها بجدية واهتمام، وهو ما يعكس اهتمام مصر فى الوقت الراهن بالقارة الأفريقية، وأذكر أننى قبل ذلك كنت اتحدث مع وزير مصرى عن هذه الأجندة فقال لى ساخرا: احنا فين و2063 فين..ومن البصمات التى أعتز بها أيضا هى برنامج تنمية البنية التحتية فى أفريقيا (PIDA - بيدا) الذى أقره زعماء القارة الأفريقية، وقيمة هذا البرنامج أنه يحدد أولويات القارة الأفريقية، لأنه فيما مضى كانت الجهات الدولية الممولة تدعم المشروعات فى كل دولة وفقا لأهوائها، وليس وفقا لمتطلبات القارة بشكل عام، وهذا البرنامج يحدد لتلك الجهات مثل البنك الدولى والبنك الأفريقى ما تحتاجه القارة.
منصة أفريقية
 كنت أتوقع أن تستهلى كلامك بمشروع إطلاق منصة خاصة بأفريقيا على الانترنت dot africa، فمن بين التصريحات الإعلامية القليلة لك، كان هناك تصريح مهم حول هذا المشروع؟
تبتسم قبل أن تقول: لو انتظرت قليلا كنت سأتحدث عنه، فهو من المشروعات التى أعتز بها، وسيكون عنوان المنصة متوافرا على الانترنت قريبا.
 وما فائدة هذه المنصة؟
كما أن هناك فى الإنترنت» دوت أورج « و» دوت نت « و» دوت فرانس « وما إلى ذلك، سيكون هناك دوت أفريقيا، وهذا سيعطى هوية رقمية للقارة الافريقية، وسيدر دخلا بمليارات الدولارات على القارة من الإعلانات التى تنشر على هذه المنصة.
وتحصل على رشفة ماء قبل أن تواصل الحديث قائلة: ومن المشروعات فى مجال الاتصالات أيضا، والتى أعتز بأنى لى بصمة فى انجازها هو انشاء نقاط تجميع للبريد الإلكترونى داخل القارة، فبدلا من ان يذهب « الإيميل» إلى أمريكا قبل أن يصل لاى مواطن فى افريقيا، أصبحت هناك نقاط تجميع فى القارة الافريقية يذهب «الإيميل» إلى احداها قبل أن يصل إلى الشخص، فمثلا هناك نقاط تجميع لدول غرب افريقيا، واخرى لشرق وغرب وجنوب أفريقيا، ومن المنتظر اكتمال هذا المشروع لتكون هناك نقطة تجميع خاصة بالقارة الأفريقية، وهذا المشروع يساعد على تبادل الإيميلات بشكل أسرع، ويوفر ذلك فى الوقت، ويساعد على انجاز بعض الأعمال التى تعتمد على الايميلات المتبادلة، كما انه يحفظ سرية وخصوصية الإيميلات، التى كان ينبغى وصولها لأمريكا أولا، قبل أن تصل لأى مواطن داخل القارة الأفريقية.
 هل انتهت مشروعات الإتصالات، أم لا يزال فى جعبتك الكثير؟
تخرج الكلمات من فمها سريعة قائلة: هناك مشروع آخر تم تنفيذه على مستوى 4 دول فى شرق افريقيا، وهى كينيا ورواندا وأوغندا وجنوب السودان، ويتعلق باستخدام نفس شريحة الهاتف فى تلك الدول، وكانت شركات الاتصالات تحاول اجهاض هذا المشروع خشية أن يؤثر على دخلها المادي، ولكن وجدوا لاحقا أن هذا الأمر دفع الناس لمزيد من الاتصالات وحققوا دخلا كبيرا.
النقل البحرى
 أتمنى أن تكون بصماتك فى المجالات الأخرى كثيرة مثل مجال الاتصالات؟
تبتسم قبل أن تقول: قضيت 8 سنوات فى المنصب، لذلك وفقت والحمد لله للعديد من الإنجازات، ومن الإنجازات التى أعتز بها كانت فى مجال النقل البحري، حيث تم اعتماد ميثاق النقل البحرى الذى ينظم التعاون وحركة الملاحة بين الدول، وتم تنفيذ مشروع ميكنة النقل البحري، بحيث تنتقل بيانات السفينة من الميناء الذى توجد فيه إلى الميناء الذى سيستقبلها بشكل آلي.
 بمناسبة الحديث عن النقل البحرى كانت هناك صورة لك مع البحرية الأمريكية أرسلها لى زوجك أثناء الإعداد للحوار، وكانت تلك الصورة تحمل تعليقا أنها أثناء لقائك مع عناصر من البحرية الأمريكية لبحث التعاون فى مجال القرصنة البحرية فى افريقيا.. فما قصة هذا التعاون؟
تصمت لوهلة قبل أن تقول باقتضاب شديد: القصة لها علاقة بالقرصنة التى كانت تتم على السفن أثناء مرورها فى المياه الصومالية، وتعاونا مع الدول ومع البحرية الأمريكية فى مقاومة ظاهرة القرصنة، وكانت هذه الصورة من أحد الاجتماعات.
القطار فائق السرعة
 وماذا عن مجالات النقل الأخرى بخلاف النقل البحري، هل كانت لكى بصمات بها؟
تشير بإصبعين فى إشارة إلى بصمتين تحب أن تتحث عنهما، وذلك قبل أن تقول: سافرت إلى الصين لبحث تنفيذ قطار فائق السرعة يربط بين مراكز التجارة والصناعة فى القارة، وطريق «القاهرة - كيب تاون» الذى يتم الحديث عنه الآن يدخل ضمن هذا المشروع.
وتحصل على رشفة ماء قبل أن تواصل الحديث مضيفة: وفى مجال النقل الجوى سعينا إلى تنفيذ مشروع السماوات المفتوحة، واشتركت 14 دولة حتى الآن فى هذا المشروع، ليكون هناك طيران مباشر بين هذه الدول، حيث كان المسافر من دولة مثل رواندا ويريد السفر للسنغال يتعين عليه السفر لباريس، ومنها إلى السنغال لعدم وجود طيران مباشر.
 وهل مصر من المشتركين فى هذا المشروع؟
تحمست مصر فى البداية، ثم جاء وزير طيران ولم يبد نفس القدر من التحمس، وهذا أثار ضيقى وقتها لأن الأمور يجب أن تسير وفق النظام، وليس وفق أهواء الشخص.
 المعروف أن الرئيس السيسى مهتم بأفريقيا بشكل كبير، وهذا ما أكدتيه أنت بنفسك فى بداية الحوار، فهل يمكن أن يكون الرئيس متحمسا، ولا يكون نفس الحماس عند من يعمل معه من الوزراء؟
ترد على الفور: هذا الكلام كان قبل تولى الرئيس السيسى المسئولية، ولكن مع تولى الرئيس السيسى أصبحت مصر أكثر انفتاحا على افريقيا.
طاقة باطن الأرض
سأنتقل معكى من مجالات الاتصالات والنقل إلى الطاقة، وهو تخصصك الرئيسي، وقد استوقفتنى جملة فى سيرتك الذاتية تتحدث عن قيادتك لمشروع طاقة باطن الأرض فى أفريقيا، فما هى طاقة باطن الأرض؟
عشق د.إلهام لتخصصها الرئيسى انعكس على وجهها الذى بدا أكثر سعادة، قبل أن تشرح طاقة باطن الأرض قائلة: هى طاقة حرارية مرتفعة مختزنة فى باطن الأرض، حيث تقدر الدراسات أن 99% من كتلة الكرة الأرضية عبارة عن صخور تتجاوز حرارتها 1000 درجة مئوية، وترتفع درجة الحرارة بزيادة تعمقنا فى جوف الأرض بمعدل نحو 2.7 درجة مئوية لكل 100 متر فى العمق، ويستفاد من هذه الطاقة الحرارية بشكل أساسى فى توليد الكهرباء، ويتطلب ذلك حفر أنابيب فى أعماق سحيقة قد تصل إلى نحو 5 كيلومترات، وفى بعض الأحيان تستخدم المياه الساخنة للتدفئة عندما تكون الحرارة قريبة من سطح الأرض، ونجدها على عمق 150 مترا أو أحيانا فى مناطق معينة على صورة ينابيع حارة تصل إلى سطح الأرض.
وماذا فعلتم كى تستفيد أفريقيا من هذا المصدر؟
عملنا صندوقا لدعم مشروعات طاقة الأرض وذلك بتمويل مقدم من الاتحاد الأوروبى بقيمة 50 مليون يورو، ويمول هذا الصندوق الدراسات الفنية والبرامج التدريبية وأعمال الحفر والتنفيذ، وهناك دول استفادت منه بشكل كبير مثل كينيا التى تعتمد على هذا المصدر الذى يمثل 30 % من مصادر الطاقة فى تلك الدولة.
وهل استفادت مصر من هذا الصندوق؟
للأسف لم تستفد مصر من الصندوق، وما زلنا لا نعطى هذا المصدر الاهتمام الكافى.
لماذا؟
ربما لأن الطبيعة الجغرافية عندنا ليست كدول مثل جيبوتى والصومال التى يمكن أن يكون هذا المصدر مهما لديها، ولكن أظن أن منطقة مثل الصحراء الغربية فى مصر يمكن أن تكون مصدرا لهذه الطاقة، والأمر يحتاج لمزيد من الأبحاث والدراسات.
مستقبل الطاقة
الحديث عن عدم استفادة مصر من هذا المصدر يقودنى إلى سؤال عن رؤيتك لمستقبل الطاقة فى مصر؟
تعود مشاعر الحماس إلى وجهها لتقول بنبرة صوت مرتفعة: الحمد لله نحن نسير على الطريق الصحيح، فدخولنا إلى مجال الطاقة النووية رغم اعتراض البعض عليه مهم جدا، لأنه لابد أن يكون عندك تنوع فى الطاقة، ولابد من التوسع فى مجالات الطاقة المتجددة، لأننا تكاسلنا كثيرا فى هذا المجال.
وماذا تقصدين بالتكاسل فى هذا المجال؟
أقصد أننا أنشأنا هيئة الطاقة المتجددة فى الثمانينيات، لكننا لم نعمل على تفعيلها بالشكل اللازم، وهو ما جعل كثيرا من الدول التى بدأت بعدنا فى هذا المجال تحقق نجاحات كبيرة.
وما الذى جعلنا لا نعطيها الاهتمام الكافي؟
تصمت لوهلة قبل أن تقول بنبرة صوت منخفضة تعكس حزنها: ربما لأنها لم تكن على قائمة الأولويات لضعف التمويل أو لقصور فى التفكير.
اعتقد أن السبب ربما يتعلق بارتفاع أسعار الخامات المطلوبة للاستفادة منها؟
ربما تنفق مبلغا كبيرا فى البداية، لكنك ستوفر الأموال على المدى البعيد.
 ولماذا لم تستفيدى من أحد مصادر الطاقة المتجددة فى منزلك؟
تشير باصبعها إلى سور منزلها قائلة: ننير السور والحديقة بالطاقة الشمسية، وقريبا ستكون إنارة البيت كاملة بالطاقة الشمسية، فأثناء تأسيسه راعينا أننا فى المستقبل قد نلجأ إلى هذا الخيار، وقد أصبحت تطبيقات الطاقة الشمسية أرخص من الماضى وأصبح من الغباء أن نظل ننير الشوارع بالطاقة التقليدية وما يقتضيه ذلك من إجراءات مثل مد الكابلات، بينما يمكن أن ننيره بالطاقة الشمسية، وهذا أصبح موجودا فى أكثر من مكان، ويجب تعميمه بشكل كبير.
مدرسة السد العالى
من اللافت فى سيرتك الذاتية البداية كمعيدة بهندسة أسيوط ثم الانتقال للعمل بالسد العالى ومنه إلى مقر وزارة الكهرباء بالقاهرة، فكيف كان هذا التحول؟
تكسو وجهها ابتسامة عريضة وهى تنظر إلى زوجها شريك رحلة الحياة، قبل أن تقول: الحمد لله وبفضل التفاهم مع زوجى تنقلت فى عملى بين أكثر من مكان، فبعد التخرج عينت معيدة فى جامعة أسيوط، ولكن ظروف عمل زوجى بالقاهرة وقتها، جعلتنى أترك الجامعة، وانتقلت للعمل بالمركز القومى للبحوث، حيث عملت هناك لمدة خمس سنوات، ثم كان هناك مشروع لانشاء جامعة أسوان، فكانت فرصة لى لأعمل فى موطن رأسي، وكانت هناك إمكانية وقتها لانتقال زوجى للعمل فى أسوان، فانتقلنا معا للعمل فى أسوان، ولكن مشروع انشاء الجامعة تعذر حينها، فكان من المفترض أن أعود للعمل فى جامعة أسيوط، ولكن طول المسافة بين أسوان وأسيوط، جعلنى أقرر تغيير مسارى المهني، لاسيما أن السد العالى وقتها كان يبحث عن مهندسين، فانتقلت للعمل بالسد العالى فى أسوان، ومنه إلى مقر وزارة الكهرباء فى القاهرة، حيث تدرجت فى المنصب إلى أن أصبحت أول امرأة تتولى منصب وكيل أول وزارة، وبعدها رشحت للعديد من المناصب ومنها مفوض الطاقة.
من بين تصريحاتك القليلة للإعلام، كان هناك تصريح تحدثتى فيه عن ان انتقالك للسد العالى كان خطوة مهمة فى حياتك؟
تكسو وجهها ابتسامة رضا قبل أن تقول: ربنا يكتب للانسان الخير دائما، فرغم ان اضطرارى لترك العمل البحثى والجامعى والاتجاه للعمل الحكومى كان فى ظاهره شرا، لكنه كان خيرا كبيرا كتبه الله لي، فمع انتقالى للسد العالى كان هناك مشروع لتجديد توربينات السد، وتم فكها واعادة تركيبها من جديد، ولا تتخيل الخبرة الهائلة التى حصلت عليها من هذا المشروع، فالسد العالى كان ولا يزال مدرسة مهمة جدا يمكن أن تساعد فى بناء كل سدود أفريقيا.
على ذكر السدود، أحب أن اختم الحوار بمعرفة رأيك فى قضية سد النهضة؟
تصمت لوهلة قبل أن تقول: لو اتفقت كل الأطراف يمكن أن يكون المشروع مفيدا للجميع، والمشكلة الرئيسية فى فترة ملء الخزان، وكيف يمكن أن تقوم إثيوبيا بذلك دون أن تؤثر على حقوق مصر المائية، وأظن أن القيادة السياسية تسير فى الطريق الصحيح للوصول إلى حلول لا تؤثر على حقوقنا المائية.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة