محمد السيد عيد
محمد السيد عيد


الوصل والفصل

دروس الهجرة

محمد السيد

الأحد، 01 سبتمبر 2019 - 09:25 م

ينظر الكثيرون للهجرة باعتبارها حدثاً تحيط به المعجزات الإلهية فقط، لكنى أرى أنه حدث يفيض بالدروس الإنسانية أيضاً، ومن الضرورى أن نقف عند الجانب البشرى، لكى يكتمل المعنى:
الدرس الأول هو: السرية، وعدم الكشف عن النوايا، ومن المؤكد أنه لم يعرف بموعد التحرك مخلوق سوى: على بن أبى طالب الذى بقى فى مكة ليرد الأمانات إلى أهلها، وأسرة أبى بكر لأنها كانت هى التى تمد الرسول بالزاد وبالأخبار فى مخبئه.
الدرس الثانى: هو حب الوطن، وهو أمر يتغافل عنه دعاة الإسلام السياسى هذه الأيام، حتى قال أحدهم، وهو مصرى، طز فى مصر. أما النبى صلى الله عليه وسلم فقد قال عند هجرته من مكة «والله إنك لأحب أرض الله إليّ، وإنك خير بقعة على وجه الأرض، وأحبها إلى الله تعالى، ولولا أهلك أخرجونى ما خرجت منك» فهل بعد كلام رسول الله دليل على وجوب حب الناس لأوطانهم؟
الدرس الثالث: التخطيط. فحين جاء أهل المدينة ليبايعوا بيعة العقبة الكبرى، أخذ عليهم النبى صلى الله عليه وسلم العهود، وكان من بين هذه العهود «أن تنصرونى فتمنعونى (أى تحمونى) إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة»، وهذا العهد معناه أن النبى كان يؤمن لنفسه مكاناً للهجرة.
وفى ليلة الهجرة جعل النبى علياً ينام مكانه ليوهم كفار قريش أنه موجود فى داره حتى يتمكن من المغادرة، وكان قبلها قد قال لأبى بكر ملمحاً «لا تعجل، لعل الله أن يجعل لك صاحباً» فلما أحس أبو بكر بأنه سيكون رفيق الهجرة اشترى راحلتين قويتين، وأعلفهما أربعة أشهر، استعداداً للرحلة، وحين خرج النبى وصاحبه من مكة لم يسيرا فى الطريق المعتاد إلى المدينة، بل سارا فى الطريق المؤدى إلى اليمن لتضليل الذين سيتبعونهما، واتفق النبى مع عبد الله بن أبى بكر ليمده بالأخبار كل ليلة، ورتب وصول الطعام إليه هو وصاحبه، ولم ينس ترتيب من يزيل آثار الأقدام المتجهة نحو الغار. كما اتفق مع رجل خبير بالطرق ليقوده وصاحبه عبر مسالك غير مألوفة إلى المدينة، فلا يستطيع أهل مكة الوصول إليه. كل هذه التصرفات كانت تخطيطاً بشرياً، مما يؤكد أهمية التخطيط فى حياتنا، فهل نستفيد من هذه الدروس الغالية؟

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة