رفعت رشاد
رفعت رشاد


حريات

أنا سورى

رفعت رشاد

الأحد، 01 سبتمبر 2019 - 09:43 م

 

نعم أنا سورى. سورى القلب والعقل والوطن. أنا أيضا جزائرى، بل وعراقى وسودانى ويمنى. أنا بالتأكيد عروبى قومى، أتجنس بجنسية صار يأنف منها غالبية العرب الذين تسيطر عليهم ثقافة العولمة والتشبه بالغرب، ويا ليتهم يتمتعون بثقافة الغرب الفكرية والعلمية، لكن هذا هو الحال بعد الجهود الحثيثة للقضاء على العروبة والقومية. هذا الكلام لا علاقة له بالضعف والانهيار السياسى والحضارى العربى، لا علاقة له بسياسات دول أو قادة ربما لا نؤيدها، حديثى هنا عن جوهرى أنا.
أتحدث بمناسبة وجود لغط بشأن وجود مواطنين عرب من سوريا داخل مصر. قيل إن سورياً زجر مصرية أو تشاجر معها، فإذا كان هذا قد حدث فلتطبق على السورى أو المصرية القوانين السارية لكى يحصل كل مواطن على حقه. ما أرفضه وجود حملة مغرضة يشارك فيها البعض بدون وعى تعكر العلاقة بين الأشقاء العرب فى مصر وسوريا. ربما تجهل الأجيال الجديدة تاريخ بلادها وأوطانها وغزارة الدماء التى سالت لكى يكون هناك وطن واحد وتاريخ ومصير واحد. كانت سوريا وهى الشام الكبير قبل أن يجزئه الاستعمار نصف الجسد الآخر لمصر. آخر الحروب المشتركة، حرب أكتوبر وأدرك العدو مدى أهمية أن يفصل بين الشقيقين فجاءت عبارة لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون سوريا.
كانت مصر والشام بلدا واحدا فتشاركا فى معظم الحروب التى واجهت الدولة الإسلامية ضد الصليبيين والتتار وغيرهم من الأعداء. وجاءت وحدة مصر وسوريا عام 1958 كأول وحدة عربية بإرادة الشعبين فى الزمن المعاصر، واختار السوريون مع أشقائهم فى مصر أن يكون الزعيم الخالد جمال عبد الناصر رئيسا لدولة الوحدة وعندما زارها قام مواطنوه العرب السوريون بحمل سيارته فى سابقة تاريخية. ووافق الرئيس السورى شكرى القوتلى على أن يكتفى بلقب المواطن الأول تغليبا للمصلحة العليا للوطن الواحد. قبل ذلك كان الشوام أى أبناء سوريا الكبرى هم الذين جاءوا بنهضة ثقافية إلى مصر فى القرن التاسع عشر حاملين معهم الصحافة ـ الأهرام والهلال نموذجا ـ وناشرين الفن المسرحى خالقين فى مصر جزءا كبيرا مما أطلق عليه القوة الناعمة التى ميزت مصر. وكان السورى سليمان الحلبى الغيور ـ مبكرا ـ على عروبته هو الذى قتل الفرنسى المحتل كليبر وأعدم جزاء على فعلته. الشوام هم الذين خلقوا ما يسمى القومية العربية التى صارت نارا فى هشيم وبكل موضوعية سلموا الراية إلى جمال عبد الناصر وقدموه عليهم واجدين فيه القائد القادر على تجسيد الحلم القومى العروبى. وفى عام 1956 أثناء العدوان الثلاثى على مصر قام الملازم السورى جول جمال خريج الكلية البحرية المصرية بقيادة زورقه ضد مدمرة فرنسية عملاقة واستشهد بعدما سبب لها أضرارا كبيرة عطلت عملياتها.
إن المجتمع المصرى تزيد قواه بالاحتكاك بجنسيات أخرى، فمصر تستقبل من يطرق بابها وهى قادرة على هضم الثقافات وإفرازها تنويرا وتقدما. أهلا بكل عربى فى وطنه مصر فلا معنى لترديد أن مصر قلب العروبة بدون أن يجسد الواقع ما نردده.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة