عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

صحوة تطرف !

‬عبدالقادر شهيب

الإثنين، 02 سبتمبر 2019 - 08:27 م

فى ظل الانشغال الكبير للرأى العام مؤخرا بضريبة أو رسوم الشواطئ، وشطب العزبى ورشدى من سجلات وزارة الصحة، لم يلق اهتماما مناسبا تحرش بعض المنتقبات بالفتيات فى مترو الأنفاق الذى لم يعد يقتصر على التهجم على السيدات والفتيات اللاتى لا يرتدين نقابا، وإنما وصل مؤخرا إلى حد إجبارهن على قَص شعورهن، رغم أن ذلك يؤشر إلى صحوة تطرف دينى بعد حالة بيات قصيرة، بعد التخلص من حكم الإخوان الراعى للتطرف، كان المتطرفون فيها يحرصون على عدم الجهر بتطرفهم.
لقد كنّا نلمس ونستنتج وجود نشاط للمتطرفين دينيا فى مجتمعنا، من خلال القراءة التحليلية للخلايا الإرهابية إلى تمكن الأمن من تصفيتها وتفكيكها.. حيث كانت هذه الخلايا تضم وتشمل عناصر من الشباب تم تجنيدهم حديثا وتجهيزهم ليس فقط لممارسة عنف، وإنما للقيام بعمليات انتحارية إرهابية.. ومن المعروف بالطبع أن التطرّف الدينى هو الذى يخلق لنا تلك الوحوش الآدمية التى تنطلق بيننا تقتل وتخرب وتدمر وتفجر.
وكنا نلمس أيضا وجود نشاط للمتطرفين دينيا فى مجتمعنا، من خلال متابعة حوادث الصدامات الطائفية والدينية التى لم تتوقف، خاصة فى بعض قرى الصعيد، خاصة قرى المنيا، رغم أن تلك المحافظة حظيت بأنشطة تنويرية قديمة وعديدة، سعى القائمون عليها لنشر القيم الإيجابية فى ربوعها.. قيم المواطنة والمساواة والتسامح والعيش المشترك.
وكنا نلمس كذلك وجود نشاط المتطرفين دينيا من خلال تلك الفتاوى الدينية المتطرفة التى كانوا يخرجون بها علينا بين الحين والآخر، والتى تحرم تارة تهنئة الأقباط بأعيادهم، وتسىء تارة أخرى للنساء،... وذلك رغم دحض هذه الفتاوى المتطرفة من قبل رجال دين منهم من ينتمى للأزهر ومنهم من يعمل فى وزارة الأوقاف، وقبلهم دار الإفتاء المصرية.
لكن كان هذا النشاط للتطرف الدينى لا يتم جَهْرًا، أو بشكل مثير للاستفزاز.. حيث كان المتطرفون دينيا يلتزمون قدرا من الحرص أو بالأصح التقية تفاديا للتصادم مع عموم الناس الرافضة لهذا التطرّف الدينى الذى نكبنا بتلك الجماعات والتنظيمات الإرهابية آلتى نخوض حربا ضارية ضدها.. ولعل ذلك كان احد الأسباب وراء دعوة تصحيح الخطاب الدينى التى بادر بها الرئيس السيسى منذ اليوم الأول الذى تولى فيه مسئولية رئاسة الجمهورية.
غير أن حادث مترو الإنفاق يشير إلى تخلى المتطرفين عن هذا الحرص والبدء فى المجاهرة بتطرفهم دون خشية عواقب ذلك، ربما لأنهم أحسوا أنهم آمنون من تلك العواقب، عندما تبينوا ان عملية تصحيح الخطاب الدينى لا تمضى كما كنّا نأمل او بذات السرعة التى كنّا ننشدها، وأيضاً عندما أدركوا انه لا توجد مواجهة رادعة للتطرف الدينى فى مجتمعنا.. فان مواجهة التطرّف الدينى لاتقتصر على تصحيح الخطاب الدينى أو تنقية التراث مما يحض على هذا التطرّف، وإنما هى تحتاج لعملية تنوير شاملة فى المجتمع.. تستهدف تغيير منظومة القيم السائدة فيه، لتحل القيم الإيجابية محل القيم السلبية.. وتستخدم أسلحة الفن والثقافة والإعلام والصحافة فى تغيير الفكر المتطرف الذى أصاب عقل مجتمعنا وشوه تفكيره منذ عدة عقود مضت.
ولذلك فإن عملية التنوير التى نحتاجها بشدة الآن تقتضى إحياء لدور المؤسسات الثقافية واستعادة للريادة الثقافية والفنية التى انفردت بها مصر، وأحياء لمؤسساتنا الإعلامية والصحفية.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة