بقلم: د. رضوى عبداللطيف
بقلم: د. رضوى عبداللطيف


صح صح

جرائم منسية

رضوى عبداللطيف

الإثنين، 02 سبتمبر 2019 - 08:38 م

 

شاركت قبل أيام فى فاعلية نظمتها سفارة كازاخستان بالقاهرة فى ذكرى اليوم العالمى لمناهضة التجارب النووية، وعندما بدأ عرض الفيلم الذى يلخص حجم المأساة التى عاشتها كازاخستان جراء استخدام جزء من أراضيها كحقل للتجارب النووية التى أجراها الاتحاد السوفيتى لاختبار صواريخه النووية، أصابتنى حالة من الغضب الشديد والحزن العميق على أجيال مازالت تدفع ثمن بلطجة وعربدة قادة دول لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يكونوا بشرا.
وبعيدا عن تلك الذكرى وغيرها الكثير من الذكريات التاريخية المؤلمة التى يحفل بها تاريخ عالمنا الحديث، فإن ملف التسلح النووى هو أحد أهم الموضوعات التى تستهوينى بالبحث والقراءة والكتابة. ولكن لم أتصور أبدا أن يصل حد الإجرام لإلقاء أكثر من 600 قنبلة نووية على الأبرياء فى كازاخستان وحدها. ليموت ملايين وتبقى أجيال تعانى من التشوهات وأمراض السرطان كى تحقق دولة عظمى غايتها فى امتلاك سلاح فتاك فى ترسانتها العسكرية. والشيئ الأكثر إيلاما أن المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجرائم لم يحاسبوا قط، بل إن نهج هذه الدول فى الإجرام لم يتغير إلا فى شيئ واحد، فبالأمس اختبرت أمريكا أسلحتها الفتاكة على الهنود الحمر وهم سكان أمريكا الأصليون وكذلك فعل الاتحاد السوفيتى مع عرقيات الكازاخ غير المرغوب فيهم، واليوم أصبحت روسيا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا تجرب أسلحتها الجديدة والمتطورة والأكثر فتكا فى الحروب والصراعات الدائرة فى الشرق الأوسط وأفريقيا. وخضعت أجساد أشقائنا فى سوريا والعراق وفلسطين لنفس العقليات الإجرامية ولنفس التجارب القديمة. وأذكر جيدا شهادات الأطباء أثناء تغطيتى لحروب غزة المتتابعة والذين استقبلوا رفات الضحايا وحالات المصابين فى المستشفيات وكيف كانت إسرائيل تجرب فيهم أسلحة جديدة محرمة دوليا كل مرة. والشيئ المخجل حقا فى هذا العالم المزيف الذى يتشدق فيه كثيرون بالقيم الإنسانية والمباديء وقوانين العدالة الدولية أنه لم يعد هناك أحد لديه الرغبة فى الحديث عن تلك المآسى والجرائم المنسية التى مازالت ترتكب كل يوم.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة