نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

أيقونة «حياة جديدة»

نوال مصطفى

الأربعاء، 04 سبتمبر 2019 - 11:12 م

 

«كان حلمًا فخاطرًا فاحتمالًا.. ثم أضحى حقيقةً لا خيالًا». هذا البيت كتبه الشاعر عزيز أباظة فى مطلع قصيدة طويلة غنتها كوكب الشرق أم كلثوم ولحنها الموسيقار العبقرى رياض السنباطى عام 1960. أما مناسبة البيت والأغنية والقصيدة فكان البدء فى إنشاء السد العالى، ذلك المشروع العملاق الذى أنقذ مصر ولايزال من أخطار الفيضانات، وواجه تحديات صعبة فى تنفيذه على أرض الواقع أهمها رفض وتعنت الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة فى صندوق النقد الدولى تمويل هذا المشروع القومى لمصر.
مرق فى ذهنى مطلع تلك القصيدة التى عاشت فى قلوب المصريين لأكثر من نصف قرن، ولاتزال وأنا أتصفح هذا الكتيب الأنيق الذى يحمل منتجات مشروع «حياة جديدة». يبهرنى التصميمات الرائعة التى قدمتها مصممة الملابس المعروفة بيريهان محمد، والشغف المبهر بالمشروع لدى مديرة المشروعات بمؤسسة دروسوس الأستاذة منى غندر، والموديلات التى تواكب العصر فى شياكتها وأناقتها وتناسق ألوانها. أما البطل فى كل ذلك فهى تلك الأنامل الحقيقية، التى استطاعت أن تحقق حلمى وتحول الألم إلى أمل، والمحنة إلى منحة.
هؤلاء السيدات اللاتى واجهن قسوة الحياة لظروف خارجة عن إرادتهن ليجدن أنفسهن سجينات خلف القضبان تجاورهن المنحرفات ومحترفات الإجرام، هؤلاء اللاتى رمتهن الحاجة فى سجن القهر ليصبحن «سجينات الفقر» لا أكثر ولا أقل!.
الفقر كان السبب الأول فى هذا المصير الذى وجدن أنفسهن محاصرات بين جدرانه السميكة، الخشنة. لو كان الفقر رجلا لقتلته! جملة قالها الخليفة عمر بن الخطاب، ورأيتها بأم عينى وأنا أعايش بطلات قصتى وقضية عمرى «سجينات الفقر» وأطفالهن الأبرياء.
مشوارى معهن كان طويلا، ولايزال. حلمت يوما أن تتحول سجينة الفقر، تلك السيدة والأم المصرية البسيطة التى تحمل هموم أسرتها وأطفالها جميعا فى قلبها وعقلها أناء الليل وأطراف النهار، إلى امرأة مستقلة، لها دخل تعيش منه بكرامة وثقة، وقد استردت كبرياءها، وإنسانيتها.
حلمت وشاركنى حلمى مؤسسة دروسوس والقائمون عليها الدكتورة وسام البيه والأستاذة منى غندر وفريق عملى بجمعية «رعاية أطفال السجينات» بأن نبنى «حياة جديدة» لهؤلاء الذين يستحقون أن نقف إلى جانبهن وأن نمنحهن فرصة أخرى للحياة. وبدأ هذا الحلم معهن فى عام 2016 «حاضنة أعمال حياة جديدة» التى خضنا فيها العديد من التجارب حتى أمسكنا بمفاتيح النجاح والتميز، وصنع هؤلاء النساء ما لم يخطر ببالنا من منتجات متقنة الصنع، مغزولة بالأمل والرغبة فى الحياة الكريمة الجديدة التى أشرقت شمسها على حياتهن من خلال عمل شريف ودخل محترم، وإنتاج يفخرون بكونهن صانعاته.
ولا يقف الأمل والتطور لحظة واحدة، فقد زادت مساحة الحاضنة 200 متر مربع خلال المرحلة الثانية من مشروع «حياة جديدة»، ليكون إجمالى مساحتها 500 متر مربع، تحتوى على 32 ماكينة مختلفة من كل مراحل إنتاج الملابس، تعمل عليها 25 سيدة، بخلاف 13 سيدة أخرى تم إلحاقها بالعمل فى مصانع خارجية بعد التدريب فى حاضنة الأعمال، كما تمت إقامة أكثر من 100 مشروع صغير للسيدات. بعد أن اجتزن دورات إدارة المشروعات والتسويق حتى يصبحن قادرات وماهرات فى إدارة مشروعاتهن بطريقة علمية.
إنه الأمل الذى يصنع المعجزات والذى ظهرت تجلياته بوضوح فى نتائج مشروع «حياة جديدة».. شكرًا لكل من ساند تلك لفكرة وجعل الحلم يتحول إلى حقيقة رائعة نفخر بها جميعًا. وشكرًا بطلاتى الأقوياء.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة