طاهر قابيل
طاهر قابيل


أول سطر

شاى بالياسمين!

طاهر قابيل

الخميس، 05 سبتمبر 2019 - 06:25 م

المصريون يعشقون «الدلع».. فيسمون حسين «سحس» وحسن «أبو على» ومحمد «ميدو» ودعاء «دودو» وفاطمة «طمطم» وفهيمة «فيفى» ونوال «ننه».. ولذلك يدلعون «الرشوة» فيطلقون عليها «بقشيش» و»إكرامية» و»هبة» وإذا كان «المرتشى» أكثر بجاحة فيسألك: «فين الدخان أو القهوة بتعتنا» وأخيراً شاى بالياسمين.. ولو كان متحايلا ومدعيا للشرف يخبرك «إنه معندوش فكة».
«البقشيش» كلمة «فارسية» انتقلت إلى «اللغة التركية» وتعنى «أن من يدخل السوق يدفع».. وتداولها المصريون على سبيل التقليد أيام الحكم العثمانى وادخل عليها العرب بعض المترادفات والأنواع مثل «العطية» و«الإكرامية» و«المنحة» والتى تعطى لمعطيها نوعاً من «الوجاهة».. وتعبر عن «سخائه» وثرائه وطلاقة يده.. ويقال إن كلمة «بقشيش» مأخوذة فى لغتنا العربية من كلمة «القشيش» والتى تعنى صوت احتكاك جلد الثعبان بثعبان آخر.. أو من «قش الدار» أى كنسها.. ونقلت إلى «الفولكلور الشعبى» المصرى بمعنىٍ آخر للتهوين من حجم المصيبة أو الكارثة فيقولون «اللى يجى فى الريش بقشيش».. ومنذ أعوام قرأت تقريرا عن «البقشيش» فى دول العالم يؤكد أن العاملين بأجر منخفض فى الخدمات بأمريكا يعتمدون على «البقشيش» لتحقيق التوازن فى دخلهم.. وأنك على سبيل المثال إذا نسيت أن تقدمه لموظفى الفندق ربما تواجه رد فعل محرجا لعدم الدفع.. وسوف تتعرض للرفض إذا قمت بتقديمه للعاملين فى فرنسا واليابان.. وقد تجد نفسك فى ورطة مع الشرطة فى الأرجنتين..
 وأضاف التقرير أن دفع «البقشيش» أمر متوقع بعد تناول الطعام فى النمسا والبرازيل وهولندا وروسيا وتشيلى وجنوب أفريقيا وأيرلندا وتركيا إذا لم تتضمن الفاتورة رسوم الخدمة.. وهو متروك لراحة «الزبون» فى بريطانيا والنرويج وإسبانيا والدنمارك وألمانيا وأنه من الشائع إعطاء بقشيش لسائق السيارة الأجرة فى معظم بلدان العالم.
 بصراحة سافرت قى مهمات عمل للعديد من دول العالم فى أوربا وآسيا وأفريقيا ولم يطلب أو يتحايل علىّ أحد لأقدم له رشوة مقنعة تحت مسمى البقشيش.. فسائق الأوتوبيس فى «باريس» يحمل كميات من العملات المعدنية ليقدم لك الباقى وكذلك سائق التاكسى فى «بكين» ومقدم الخدمة فى سويسرا واليونان.. وأتذكر أنه فى زيارة الى سنغافورة اشتريت أكثر من مرة كوبا من «النسكافية» وكان ثمنه ٨٧ سنتا وكانت العاملة بالمحل تقدم لى 13 سنتا باقى الدولار  الذى أدفعه مع ابتسامة.
 مع الأيام ارتبطت كلمة «البقشيش» فى مصر وبلادنا العربية بأداء الخدمة وأصبحت تفرض فرضاً وتحولت إلى نوع من أنواع الرشوة «المقنعة» التى يحاولون إلباسها رداء المشروعية من خلال النسب المئوية التى تُضاف إلى قائمة الحساب.. وكل ما أعرفه أن أى لحم نبت من حرام فالنار أولى به.. وأن ما يدفع من أجر للعامل هو مقابل العمل والخدمة التى يقدمها فمتى نتخلص من «الرشوة المقنعة».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة