الكاتب الصحفي عمرو الخياط
الكاتب الصحفي عمرو الخياط


عمرو الخياط يكتب| ألغام فى الممر

عمرو الخياط

الجمعة، 06 سبتمبر 2019 - 10:37 م

 فى صـالات العرض حيث كانت أحـداث فيلم «الممر» تـدور على الشاشات لا يقطعها سوى فقرات التصفيق المنتظم من الجمهور الذى كان بعضه لا يكتفى بالجلوس بل كان يقف أحيانا من فرط اندماجه مع الحالة الفنية العسكرية. تحولت صالات العرض إلى ما يشبه ميادين الاصطفاف الوطنى التي ضمت أجيالا عمرية كانت قد استهدفت منذ عام ٢٠١١ بحملات حاصرت عقولها فى محاولة لترسيخ صورة ذهنية شديدة السلبية عن الجيش داخل وجدان هذه الأجيال الناشئة.

أصوات التصفيق أزعجت أطرافا تمركزت بآلياتها الإلكترونية و الإعلامية على الضفة الآخرى، أصوات التصفيق دفعت هذه الأطراف للبدء فى موجات قصف جديدة تجاه البنيان الذى تم لقواعد العلاقة بين الجيش والشعب من أجل التفكيك، بينما راحت الأطراف نفسها تنجز عملية تلغيم لـلـمـرات المـؤديـة إلـى هـذه  القواعد للحيلولة دون انضمام الجماهير لقواعد جيشها .

الجيش المصرى ليس تشكيلات عسكرية فحسب بل حاضنة للسلام الاجتماعى ودليل عملى على التعايش والمواطنة، حجم التنوع لمكونات المجتمع المصرى داخل تشكيلات الجيش هو ممارسة عملية لاندماج سلس وتلقائى لأطياف المجتمع، حيث الجميع مندمج فى الخدمة العامة الوطنية، دليل دامغ على أن التكليف على قدر القيمة الإنسانية للمكلف فى ذهنية المؤسسة العسكرية، أى إنه بما أن التكليف ينسحب على الجميع ويواجههم بنفس الحقوق والواجبات إذن فإن المساواة وعدم التمييز هى فلسفة المؤسسة، هنا تتجلى عبقرية التجنيد الإجبارى المرتكز على قاعدة المساواة الإجبارية.

انظر لما يحدث الآن من محاولات التسلل إلى هذه المؤسسة ليس بهدف النيل المنفرد منها بل من أجل زعزعزة قاعدة ارتكاز السلام الاجتماعى وحـصـارهـا تحـت ضـغـوط القصف الإعلامى المتواصل.

على امتداد الخط تذكر محاولات استدراج الجيش المصرى سنة ٢٠١١ للمشهد العام من أجل إقحامه فى مفردات عدم الانضباط انعدام المسئوليات المحددة، منذ ذلك العام والجيش مستهدف بكثافة بعدما ثبت يقينا أنه مكون وجودى لاستمرار هذه الدولة .

تذكر الأصوات المنادية بعلانية المناقشات لميزانية الجيش كما لو كانت هذه المؤسسة متروكة بلا آليات للمحاسبة والرقابة، من يطالب بذلك يدرك صرامة الرقابة لكنه يريد التشكيك فى المصداقية من أجل النزول بمكانة الجيش فى وجدان المصريين ومن هنا تبدأ عملية جديدة إعادة إنتاج وتدوير محاولات الاختراق ثم المطالبة بتجريد الجيش من كيانه الاقتصادى .
لمن لا يعلم فإن الجيش المصرى يدير «اقتصاد الإنقاذ» وليس «اقتصاد الاستثمار». 

الآن نحن أمام عملية نوعية جديدة تستهدف زرع أكبر كم من الألغام فى الطرق والممرات الواصلة بين الشعب وجيشه من أجـل إحـداث عملية عزل منظمة .

موجة اغارة إعلامية جديدة ستشهدها البلاد خلال الفترة المقبلة ومستهدفاتها محددة :
تشويه مصداقية الجيش فى وجدان المواطن باتهامات الفساد المرسلة.
فرض صورة على ذهنية الرأى العام بأن الجيش يمارس استعلاء عسكريا على الدولة المدنية.
استدراج الجيش لحالة جدل مدنية لا يمكن أن تؤدى إلى نهاية صفرية وبالتالى تضمن استمرار حالة تربص مستمرة من المواطن تجاه جيشه الذى سيدفع لأن يكون مضطرا دائما للخروج من مصيدة الاتهامات المنصوبة له .

وبالرغم من أن الصورة الظاهرة بأن الجيش هو المستهدف فان الحقيقة تقول إن المواطن الذى يستخدم ضد جيش بلده بوعى أو بغير وعى هو المستهدف الرئيسى بعدما سيتم عزله عن قاعدة تأمينه الأساسية . 

عملية خداع معقدة تهدف لزرع قناعة زائفة لدى المواطن بأن مصدر أمنه الرئيسى هو فى ذات الوقت مصدر الخطر المحدق به!!.

عملية التشويه المقصودة ُتمارس فعلا مزدوجا، الأول آن من خلال موجات قصيرة ومتقطعة ولكنها مستمرة تظهر من حين لآخر بهدف تجميع حصيلة تشكيك فى الجيش من جراء التأثير التراكمى للقصفات الإعلامية.

الفعل الثانى وهو استراتيجى وممتد يستهدف الأعمار الأصغر سنا لخلق جيل مقاوم لفكرة أن يكون الجيش هو قاعدة ارتكاز الدولة المصرية دون أن يكون هناك أى تصور لقاعدة مدنية بديلة قادرة على حمل دولة بحجم مصر .
الهدف هو تخليق جيل تائه فى دولة «معلقة».

الفعل المــزدوج يمــارس اســتــدراج للجيش من أطراف خفية وأخرى معلنة واستدعاؤه لمساحات السياسة التى لا تعرف ثوابت العسكرية، وبالتالى تظهر حالة تنافر مصنعة لأن الجيش بدوره لا يعرف مناورات السياسة .

وعند استدراج الجيش لمساحات السياسة التى لاتعرف أدبياته الصارمة بينما هو لا يجيد التفافاتها وتناقضاتها فإن الصدام المصطنع يحدث بعدما يتم إظهار الجيش بانه غير مؤهل للاندماج مع الدولة المدنية، وبالتالى فإن عليه الابتعاد وإلا سيتم الإبعاد.

الآن الجميع أمـام مسئولياته الوطنية التي سيدفع ثمن التخلى عنها أو إهمالها أجيال قادمة لا زال وعيها فى مرحلة التكون والنشأة.

الأجيال الناشئة تواجه حربا ضروسا لاحتلال ذهنيتها بافكار المقاومة المعكوسة التى ترسخ معاداة القوات المسلحة تحت مسمى «العسكر» باعتبارها أحد مفردات السياسة المباحة .. عملية ممنهجة تدفع المواطن لانتحار تدريجى .
الآن كل مصرى أمام ضميره إنسانيا وسياسيا «أمسك عليك جيشك».
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة