عبدالله البقالى
عبدالله البقالى


حديث الأسبوع

مخاطر التحول إلى واقع

بوابة أخبار اليوم

السبت، 07 سبتمبر 2019 - 06:13 م

عبدالله البقالى

مهم أن تؤكد الوكالة الأمريكية للأرصاد الجوية فى تقرير حديث لها، صدر قبل أيام أن شهر يوليوز ( تموز ) من السنة الجارية حطم الرقم القياسى فى درجة الحرارة، منذ الشروع فى قياس درجات الحرارة. وكشفت الوكالة الأمريكية أن ارتفاع درجة الحرارة فى ذلك الشهر تجاوز نسبة0،95 فى المائة، وهو المعدل القياسى الذى سجل خلال أحد أشهر يوليوز من القرن الماضى. مهم أن تصدر هذه الحقائق العلمية عن جهة أمريكية رسمية مختصة، لأنها بذلك تعيد قضية انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية باريس للمناخ، التى وقعت عليها 194 دولة فى باريس، خلال انعقاد ( قمة 21 العالمية للمناخ ) فى سنة 2015 إلى واجهة الاهتمام والانشغال، والتى كانت جميع تلك الدول قد التزمت بالعمل على وضع حد لوقف أو التخفيف من ارتفاع درجات الحرارة فوق الكرة الأرضية، عبر التقليص الشديد لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، والتزمت الدول الغنية فى هذه القمة بتقديم مبلغ مالى بقيمة 100 مليار دولار سنويا، بداية من سنة 2020 لمساعدة الدول النامية على تمويل انتقالها إلى استعمال الطاقات النظيفة.
ما صدحت به الوكالة الأمريكية فى شأن الخطر، الذى أضحى يشكل تهديدا مباشرا وكبيرا على مصير الإنسانية جمعاء موجه بصفة رئيسية ومباشرة إلى الإدارة الأمريكية، التى أدارت ظهرها للاتفاقية الدولية للمناخ لأسباب مالية صرفة.
معطيات أخرى شديدة الارتباط بهذه القضية البالغة الأهمية تكشف عن حجم المخاطر الحقيقية، التى تهدد مستقبل البشرية جمعاء بسبب التغيرات المناخية القوية، والتى تعتبر الولايات المتحدة أكثر الدول عرضة لتداعياتها السلبية الخطيرة. فقد أكد تقرير أنجزته أكاديمية العلوم الأمريكية قبل سنتين،أن ارتفاعا بمعدل واحد بالنائب فى درجة حرارة الكرة الأرضية سيتسبب فى تراجع الإنتاج العالمى من مادة الذرة ب7،4 بالمائة، وفى مادة القمح بنسبة 6 بالمائة، وفى مادة الأرز بنسبة 3،2 بالمائة. ويكشف التقرير نفسه أن الكرة الأرضية مهددة بارتفاع كبير فى درجة الحرارة، خلال النصف الثانى من القرن الجارى بنسبة ستتراوح ما بين 3 و5 بالمائة، وهذا سيكون عاملا مباشرا فى تراجع محاصيل مادة الذرة فى الولايات المتحدة بنسبة ستصل إلى 49 بالمائة، بيد أن محاصيل مادة القمح ستتراجع فى بلاد العم سام بنسبة 22 بالمائة.
طبعا، لن تكون الولايات المتحدة الأمريكية الضحية الوحيدة للتحولات المناخية المتوقعة، ولن تستفرد هذه التحولات بأمريكا، بل إن الأمر يتعلق بمخاطر حقيقية هى بصدد التحول إلى واقع معيش يهدد البشرية جمعاء. فهذه منظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة ( الفاو ) تؤكد فى تقرير حديث لها، أن مواد الذرة والقمح والأرز توفر 43 بالمائة من احتياجات الطاقة لدى البشر فى العالم، وأن البشرية جمعاء تستهلك ملايين الأطنان من هذه المواد، ناهيك عن ملايين الكائنات الحيوانية التى تقتات من نفس المواد، سواء ما زاد عن استهلاك الإنسان أو أثناء وجود المحاصيل فى الحقول، وهى بذلك تعتبر الركيزة الأساسية فى ضمان الأمن الغذائى العالمى . ويزيد الخبراء المتخصصون فى حجم هذه المخاطر، حينما يؤكدون أن تأثيرات التغيرات المناخية لن تقتصر على تقليص كبير فى كميات المحاصيل الزراعية، خصوصا من المواد الثلاث الرئيسية، ولكن هذه التأثيرات ستتجاوز هذا الحد لتطال جودة المكونات الصحية لهذه المواد، والتى ستعرف تراجعا فى كمياتها من بروتينات وفيتامينات وغيرها، بسبب استعمال مواد اصطناعية فى زراعتها وفلاحتها. بيد أن خبراء آخرين يصبون كميات كبيرة من الزيت الحارقة، حينما يذكرون بأن مخاطر أخرى مرتبطة بالتغيرات المناخية لا تقل خطورة عن ارتفاع درجة الحرارة، من قبيل التصحر وندرة المياه والفيضانات وغيرها كثير... تزيد من حجم المخاطر المحدقة بمصير الأمن الغذائى العالمي، الذى تحول إلى هاجس حقيقى مقض للبشرية خصوصا للفئات الصغرى من عامة الناس فى العالم، الذين سيدفعون القسط الكبير والوفير من فاتورة هذه المخاطر.
لذلك، حينما تقرر الوكالة الأمريكية الخروج إلى الرأى العام الأمريكى خاصة، وعبره إلى الرأى العام الدولى عامة، وكأنها تحمل المسؤولية للساسة الرسميين فى الولايات المتحدة وفى العالم على استهتارهم بمخاطر جمة تهدد مستقبل البشرية جمعاء.
نقيب الصحافيين المغاربة

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة