مزهر الدورى
مزهر الدورى


قضية ورأى

حساب الربح والخسارة فى السياسة

بوابة أخبار اليوم

السبت، 07 سبتمبر 2019 - 06:22 م

 

مزهر الدورى

فى الصفقات التجارية هنالك مسألة اسمها الربح والخسارة وفى السياسة يعتمد نفس المعيار لان السياسة البرجماتية (فن الممكن) تجعلها اساسا لاى خطوة تخطوها فى الميدان. وينطبق ذلك على العمل العسكرى فحساب التضحيات لنيل الهدف الذى يخطط له يقبل تضحيات بنسب تتناسب والنتيجة النهائية.
فالاتحاد السوفيتى فى دخوله افغانستان فى ابريل1978 وضع فى اعتباره ان تطور الاحداث فى ايران آنذاك قد يتيح وعلى وفق مصالحه الاستراتيجة التقرب اكثر من ساحة الاحداث فى ايران وتسكل قفزة للوصول إلى المياه الدافئة وبذلك المعيار الربح والخسارة غير مستحضر للخسارة الكبيرة والهزيمة الماحقة للولايات المتحده فى فيتنام ودور موسكو وبكين فى دعم الحركة الوطنية التى قادها الحزب الشيوعى الفيتنامى.
لذا فان موقف واشنطن كان كالمترقب لوقوع الضحية فى الفخ وهكذا كان المغطس الذى وقع فيه الاتحاد السوفييتى ووضعت واشنطن كل امكانياتها السياسية والاعلامية والاستخبارية واستعانت بحلفائها رؤساء وملوك دول اسلامية وخليجية وعملت تحت شعار مواجهة احتلال دولة كافرة لدولة اسلامية بدعوى الجهاد وتحركت بكل امكانياتها لزج متطوعين تحت سعار جهاد الاتحاد السوفيتي(الشيوعى الكافر) واستعانت بالمتشددين ممن شكلوا تنظيم القاعدة لاحقا من طلبة درسوهم على وفق فكر الحركة الوهابية والتشدد واوجدوا من اسموهم بالعرب الافغان الذى اوكلت لهم محاربة (الكافر الشيوعي) والتى تحولت بعد تاسيس القاعدة وتفرعات إلى متشددين توجه منهم الكثير الى منطقة القوقاز فى الاتحاد السوفيتى او روسيا الاتحادية لاحقا ونفذوا اعمالا عسكرية فى الشيشان وطاجكستان وانتحارية فى روسيا وبعض جمهورياتها وبعدها انتشروا فى دول الشرق الاوسط .
ليس ذلك الربح هو لصالح الاسلام والمسلمين وانما للثأر من موسكو التى ساعدت ثوار فيتنام والذين هزموا واشنطن وبالتالى خطوة موسكو تلك كانت خسارتها لمليون اصابة بين قتيل وجريح ومفقود وتدهور فى الوضع الاقتصادى وزعزة الداخل السوفيتى وكان الاتحاد السوفيتى الخاسر الاكبر الذى ادى إلى انسحابه فى 15-مايو -مايس1988(بداية) وخسارة ادت إلى تفتته لاحقا وانفضت شراكة المنظومة الاشتراكية فكان مغطس افغانستان (خسارة وهزيمة كبرى )
استخدمها (جورباتشوف) غطاء لتبنى (الشفافية واعادة البناء- الجلاسنوست والبيرو سترويكا) وادت لهذا الانهيار المريع.
فحساب الربح والخسارة كان الوسيلة المهمة التى ثأرت به واشنطن من الاتحاد السوفيتى لهزيمتها فى فيتنام. بل راحت تسخر هؤلاء المجاهدين الافغان لتنفيذ عمليات ارهابية فى منطقة القوقاز الروسى وخاضت عمليات عسكرية كبيرة خاصة فى الشيشان.
ولكن هل منطق الربح ينتهى بانتهاء القضية ؟ الجواب كلا فبعد ان انسحب الاتحاد السوفيتي وانتصرت طالبان فقد انقلب السحر على الساحر فقد انشأ العرب الافغان او( مجاهدو الامس)اساسا لتنظيم متشدد اسموه القاعدة اسسه اسامة بن لادن لتتفرع منه لاحقا تنظمات اكثر تشدداً كان اخرها (داعش) فبرزت عمليات هذه التنظيمات على ساحات متعددة ولعل احداث(١١سبتمبر٢٠٠١) وقرار (بوش الابن) الغبى بالاقتصاص من القاعدة وطالبان وشنه الحرب على افغانستان ومن بعد ذلك العراق اعاد الصراع إلى المربع الاول فروسيا استقر وضعها وواشنطن تورتت بحرب واحتلال لازالت تدفع ثمنه وتحاول ان تجد وسيلة للخروج من هذا المغطس بكل الوسائل بما فيها الجلوس إلى طاولة المفاوضات مجبرة لتخليص قواتها التى كلفتها مع حلفائها خسائر فى المال والارواح.
سفير العراق الأسبق فى موسكو

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة