كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

ماراثون الجرى وراء الدموع!

كرم جبر

الأحد، 08 سبتمبر 2019 - 07:40 م

«أنا لا أجرى وراءكِ بل أجرى وراء دموعى».
لا يخرج هذا الإبداع الحزين إلا من كامل الشناوى، الذى وقف لتقطيع تورتة أحضرها فى عيد ميلاد نجاة الصغيرة، فأمسكت بيد يوسف إدريس وابتعدت عنه، فغضب وانفعل وكتب لها «لا تكذبى».
لا أعرف سر شقاء إبراهيم ناجى، شاعر «الأطلال»، ففى حياته «سيدة جروبى» وثلاثة زوزو «الحكيم ونبيل وماضى»، ولا من طعنت قلب أبو فراس الحمدانى «أراك عصى الدمع»، عندما قال لها «قتيلك» قالت «أيهم، فهم كثر»؟.
العشق بعد رحيل العمر، يخلق أوجاعا من نار، وتزيد ضراوتها حين ينظر العاشق فى المرآة، فيرى رأسه صلعاء أو عفرها دقيق أبيض.
سرحان فى غير أوان، ولجوء عاطفى لأغانى عبد الحليم وأم كلثوم وإليسا، وموعود وزى الهوى وأراك عصى الدمع ومكتوبة ليك، والهروب من زحف الشيخوخة إلى الشجن المؤلم.. وأفق خفيف الظل هذا السحر.
أو الاستعاذة من الشيطان، إيمانا بأن الطريق إلى الآخرة أقصر من كازينو الحب، وهروب من أفلام شاهدنا نهايتها ابيض واسود وبالألوان، ودموع فريد الأطرش فى «حكاية العمر كله».
يرتاح من يلوذ بمولانا جلال الدين الرومى وأستاذه الشمس التبريزى، ومقولات «العاشق لا يعرف يأسا» و«روحك سر وصالى» و«القلب ينير بدموع العين» و«ما تبحث عنه يبحث عنك».. مع التسليم بأن أحداً لا يبحث عنك.
التسبيح والاستغفار والصوم والصلاة والزهد، والبحث عن العشق الخالد فى الفضاء الفسيح، ولا تأخذ أكثر من حظك، ولا تطمع فى رقصة لا تتحملها قدماك.
بين القلب وبين العقل منطقة أمان، منزوعة من وسواس الشيطان، لا تتوهم أنك فارس أحلام من تصغرك بعمر، فالخيل المرهق لن يصبح يوما رهوان، حتى لو لبس «تيشيرت أحمر»، وعلق سلسلة ذهبية توزن مئة جرام.
«عصفورة» فى الزمن الضائع، لن تعزف أنغاما بل ازعاجا، لن تنبت ورداً فى قلب أصبح صحراء، والدنيا ليست رهن إشارة ولهان، ولا من يحلم بمحو تجاعيد الأيام.
«هى» زهرة صغيرة لا تبحث عنك، بك تبحث فيك عن شيء ينقصها، عن حضن دافئ حُرمت منه، لتفيق على صدر أصبح أشواكا ونفورا وبقايا أوهام.
«هى» لا يغريها الشعر الأبيض، لكن تتخيل أنه يمكن أن يتغلب على ما عاشته من أيام سوداء، فتفيق على ليل حالك، مملوء ندما واستغفارا.
هى منطلقة وتسافر.. تجرى، تلعب، تضحك، تمرح، وأنت بطيء الحركة ولا تقوى إلا بحثا عن «كنبة» لتريح الركبة.. ولو سايرت «العصفورة» قطعت أنفاسك، والرفض معناه الصد، وكلاهما مثل «نجاة»، تركت لهفة «كامل» صاحب التورتة، وأمسكت يد «يوسف» فأمسك يدها والسكين.
الدنيا ليست دفتر شيكات، تصرف منه وقتما تشاء.. وأصعب ما فيها: ماراثون الجرى وراء الدموع.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة