المدفعية المصرية - أرشيفية
المدفعية المصرية - أرشيفية


في عيدها الذهبي| جحيم «المدفعية المصرية» يُكبد العدو «الإسرائيلي» خسائر فادحة

محمد محمود فايد

الأحد، 08 سبتمبر 2019 - 09:52 م

 

«المجد، الفخر، الشرف» شعار إدارة المدفعية بالقوات المسلحة، والتي تعد درعا من دروع قواتنا المسلحة التي تحمى تراب الوطن .

 

تحتفل المدفعية المصرية في 8 سبتمبر من كل عام؛ بعيدها؛ وذلك لما حققه رجال المدفعية من بطولات في ذلك اليوم، حيث كان قرار اللواء أح عبد التواب أحمد هديب مدير المدفعية يوم 8 سبتمبر 1968 بتنفيذ قصف نيران مركز قوي ضد جميع الأهداف المعادية على طول مواجهة قناة السويس وبعمق حتى 10 كيلو مترات بغرض تدمير الخط الدفاعي الأول الذي بدأ العدو الإسرائيلي بناءه على الجانب الشرقي للقناة.

 

وذلك بناءً على المعطيات السياسية والعسكرية وردًا على قيام العدو الإسرائيلي بقصف "الزيتية" بمدينة السويس.

 

ونجحت قوات المدفعية المصرية في تكبيد العدو الإسرائيلي في يوم لن ينساهُ العدو الإسرائيلي خسائر فادحة قدرت بإسكات 17 بطارية مدفعية وتدمير 6 بطاريات مدفعية و 19 دبابة و27 دشمة مدفع ماكينة و8 مواقع صواريخ أرض أرض و4 مخازن وقود ومنطقة إدارية.

 

وكان لقصف النيران الذي نفذته المدفعية المصرية لمدة 3 ساعات متتالية بتجميع نيران 38 كتيبة مدفعية الأثر الأكبر في رفع الروح المعنوية لقواتنا المسلحة وإثبات أن جيش مصر قد هب من كبوته ليقول كلمته في الصراع الدموي الدائر بين العرب وإسرائيل وأيقن العدو في هذا اليوم أن السيطرة النيرانية قد آلت للقوات المسلحة المصرية.

 

واستمرت السيطرة النيرانية للمدفعية المصرية حتى بداية مرحلة الاستنزاف عام 1969 وتمكنت المدفعية المصرية يوم 8 مارس 1969 من تدمير الجزء الأكبر من الخط الدفاعي للعدو على الضفة الشرقية للقناة في قصفة نيران استمرت لمدة 5 ساعات.

 

وتنفرد المدفعية المصرية عن باقي مدفعيات دول العالم بقدرتها على تجميع النيران وحشد أكبر عدد من الكتائب للضرب في وقت واحد وذلك ما ظهر جليًا في جميع معارك المدفعية المصرية حتى الوصول إلى أكبر حشد نيراني في حرب أكتوبر 1973 وهو أعظم تمهيد نيراني تم تنفيذه حتى الآن ويدرس في الكليات والأكاديميات العسكرية العالمية وكان نقطة انطلاق لحرب السادس من أكتوبر المجيدة.

 

كما يمثل يوم المدفعية 8 سبتمبر 1968 علامة فارقة في تاريخ المدفعية المصرية لأنها كانت نقطة التحول الرئيسية على الجبهة المصرية، وعلم العدو أنه هو الطرف الخاسر في حرب الاستنزاف واعتبرت القوات المسلحة هذا التاريخ هو يوم المدفعية.

 

جنرال المدفعية الذهبي 

 

في الثامن من سبتمبر 1968 اتخذ اللواء عبد التواب هديب مدير المدفعية في ذلك الوقت، أحد أعظم قرارات حرب الاستنزاف بتوجيهات من الرئيس جمال عبد الناصر، بتنفيذ قصفة نيران مركزة قوية ضد جميع الأهداف المعادية على طول مواجهة قناة السويس، كانت ملحمة كتب سطورها اللواء هديب ورجال المدفعية بالتخطيط والتحضير الجيد والسرية في التنفيذ.

 

وخلال دفع بعض الكمائن المصرية لاصطياد الدبابات والمركبات المدرعة الإسرائيلية في السادس والعشرين من أكتوبر 1968، ساهمت المدفعية بقصف شديد لستر أعمال القتال والتي نتج عنها 49 فردًا من العدو ما بين قتيل وجريح.

 

وفى الثامن من مارس 1969 خطط اللواء هديب لتدمير الجزء الأكبر من خط بارليف وأذاق الإسرائيليين الأمرين بعد قصف شديد استمر لمدة خمس ساعات متواصلة أرهق العدو وشتت قوتهم.

 

بعدها بيوم واحد وبخطواته الواثقة الهادئة كان الفريق عبد المنعم رياض على الجبهة برفقة اللواء عبد التواب هديب للاطمئنان على الجنود وسير أعمال القتال مع العدو، قصف العدو الموقع فاستشهد الفريق وأصاب اللواء عبد التواب هديب بإصابات طفيفة.

 

جمع اللواء هديب في قصفه للعدو جميع الخبرات التي جناها منذ تخرجه من الكلية الحربية برتبة الملازم ثاني في 1 فبراير 1939 وانضمامه إلى سلاح المدفعية، كان دفعة وصديق عبد الناصر ورفيق دربه في حركة الضباط الأحرار، وأحد من كان له دور بارز في ثورة 23 يوليو حيث أوكل إليه منع تدخل القوات البريطانية المتمركزة في منطقة قناة السويس خلال الأحداث.

 

ملامح وجهه تعكس صبرا وجلدا وحبا لوطنه، ولا عجب فقد ولد لعائلة مرموقة بمحافظة بني سويف، وظهرت تلك السمات جليا في حرب فلسطين حيث كان رئيس عمليات كتيبة مدفعية، فصمد مع رجاله أكثر من عام في حصار اليهود للقوات المصرية بقرية الفلوجا، كما تم إيفاده لبعثة إلى الاتحاد السوفيتي والتحق بكلية أركان حرب عام 1953 كما سافر إلى بعثة تدريبية بدولة اليونان عام 1954، والتحق بأكاديمية ناصر العسكرية العليا.

 

كان ممن كتب عليهم القدر أن يكونوا رجال يوجهون دفة التاريخ، ويصدون عن وطنهم الغزاة والطامعين، حيث اندلع العدوان الثلاثي وهو في قلب الأحداث وكان له مواقف بطولية في التصدي للقوات المعتدية، حيث شغل منصب قائد مدفعية الفرقة الرابعة المدرعة في تلك الفترة العصيبة، ثم قائدًا لمدفعية المنطقة الشرقية، فملحقًا عسكريًا في بريطانيا والعراق ثم عاد إلى مصر فى نهاية 1966 وتم تعيينه رئيس أركان المنطقة الشرقية.

 

ولكفاءته وخبراته شاءت الأقدار أن يتم اختياره مدير لسلاح المدفعية عام 1968 في فترة حالكة من تاريخ مصر، وألقى على عاتقه مسئولية إعادة البناء لسلاح المدفعية وأيضًا مسئولية إعادة بناء التسليح بالقوات المسلحة حيث كانت هيئة التسليح للقوات المسلحة تتبع إدارة المدفعية.

 

عُين بعد ذلك محافظًا لبورسعيد في الفترة من 1971 حتى 1974 وكان يرتدى الزي العسكري حتى انتهاء معركة أكتوبر المجيدة وكان أهل بورسعيد يطلقون عليه "الفارس المصري الأصيل" ثم تم تكليفه ليصبح محافظًا للإسكندرية في الفترة من 1974 حتى 1978، ولكن تشاء الأقدار أن يختاره الموت وكأنه لا يختار إلا العظماء من الرجال حيث توفى اللواء عبد التواب هديب في عام 2003 بعد مسيرة عطاء طويلة في خدمة القوات المسلحة والوطن منذ مولده في 3 يناير 1917 بالشناوية مركز ناصر بمحافظة بني سويف.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة